يفقد الشعر الصباغ الطبيعي الذي يكسبه لونه كلما تقدمنا في السن، وأظهرت دراسة جديدة أن التعرض للتوتر قد يكون سببًا لشيب الشعر وتحوله إلى اللون الرمادي، لكنه أمر قابل للعكس. وحتى الآن لم يثبت حدوث ذلك بالفعل عند البشر، لكن قد تحمل هذه الدراسة بعض الأدلة المحتملة.

يحدث الشيب عادة بسبب موت الخلايا الصباغية في بصيلات الشعر ببطء مع تقدمنا في السن، ما يعني خسارة صباغ الميلانين المسؤول عن لون الشعر، لكن توجد بعض الدلائل على تأثير عدة عوامل أخرى مختلفة على إنتاج صباغ الميلانين أيضًا.

ربط العلماء بين التعرض للتوتر وظهور الشيب في الفئران، ولم يثبت قط إمكانية حدوث الشيء نفسه عند البشر، لكن قدمت دراسة أجريت في عام 2021، وشملت 14 متطوعًا، احتمال حدوث ذلك بالفعل.

ووجدوا إمكانية عودة لون الشعر بمجرد تقليل تعرض الناس للتوتر، وبينما لم يثبت الباحثون تراجع الشيب المرتبط بالعمر، لكن هذه النتائج تعلمنا شيئًا حول الآليات البيولوجية للتقدم في السن.

قال مارتن بيكارد، الأستاذ في الطب السلوكي في جامعة كولومبيا: «إن فهم الآليات التي تسمح للشيب بالعودة إلى لون الشعر الأساسي الذي كان عليه في عمر الشباب، ربما يقدم أدلة جديدة حول مرونة الشيخوخة البشرية عمومًا وكيف تتأثر بالتوتر».

تراوحت أعمار المشاركين الـ 14 في هذه الدراسة بين 9 و 65 عامًا، وكان لديهم بالفعل بعض علامات الشيب (اللون الرمادي أو الأبيض) في شعرهم. واستغرق الباحثون عامين ونصف لتطويعهم في الدراسة، ما يخبرنا أن هذه النتائج لا تنطبق بالضرورة على شريحة كبيرة من السكان.

وباستخدام تقنية مسح عالية الدقة مطورة خصيصًا لهذه الدراسة، حلل الباحثون جريبات شعر المتطوعين بحثًا عن أي علامات فقدان صباغ الميلانين، ووجدوا أنه على الرغم من الشيب الواضح عندهم، لم تكشف عمليات المسح إلا عن اختلافات صغيرة جدًا في اللون، ما يدل على أنه بمجرد بدء عملية فقدان الصباغ ليس بالضرورة أن تستمر دائمًا.

ثم قارنوا الاختلافات اللونية مع يوميات المشاركين على مدى 12 شهرًا وسجلوا الأوقات الجيدة والسيئة التي يتعرضون فيها إلى التوتر، عندها لاحظ الباحثون بعض الارتباط بين التعرض للتوتر وحدوث التبدلات في صباغ لون الشعر عند بعض المشاركين في الدراسة.

قال بيكارد: «ذهب أحد الأفراد المشاركين في إجازة، وعادت خمسة شعيرات في رأسه إلى اللون الغامق في أثناء الإجازة».

حلل الباحثون مئات البروتينات داخل جريبات الشعر، ووجدوا صلة بين الشيب وبعض من البروتينات المرتبطة بالمتقدرات، وهو مؤشر على استخدام الطاقة والإجهاد الإستقلابي)، وهذا الارتباط ليس جديدًا بل رصده الباحثون من قبل، ما يدعم فكرة التوتر الذي يسبب تغيرات في لون الشعر وحدوث الشيب.

وباستخدام نموذج لتوسيع نتائج الدراسة ودراسة عدد أكبر من الأشخاص والأعمار، اقترح فريق الباحثين أن الشعر الأبيض والرمادي قد يستعيد لونه بالفعل في بعض الظروف. وعلى الرغم من أن هذه النتيجة قد تتناقض مع دراسة أخرى أجريت على الفئران، فإن الاختلافات في بيولوجيا جريبات الشعر بين الفئران والبشر يستطيع تفسير هذا التناقض.

ومثلما ذكرنا، فإن هذه الأفكار ليست جديدة تمامًا، لكن هذه الدراسة قدمت بعضًا من أقوى الأدلة حتى الآن على فقدان صباغ ميلانين الشعر المرتبط بالتوتر، وكيف يكون فقدانًا مؤقتًا وقابلًا للعكس.

وإنه بالطبع لن ينطبق ذلك على الجميع، لكن يقول الباحثون أنه من المحتمل أن تكون هناك عتبة عمرية بيولوجية معينة يتحول فيها الشعر إلى اللون الرمادي، ويكون للتعرض للتوتر والعوامل البيولوجية الأخرى المرتبطة بشيب الشعر دورًا في تطور الشيب في وقت مبكر فقط.

اختتم بيكارد قائلًا: «إننا حتمًا لا نعتقد أن تقليل التعرض للتوتر لدى شخص يبلغ من العمر 70 عامًا ولديه شيب منذ سنوات، سوف يعيد إليه لون شعره السابق، ولا أن تعريض طفل يبلغ من العمر 10 سنوات للتوتر سيكون كافيًا لقلب لون شعره إلى الرمادي وتحريض حدوث الشيب عنده».

اقرأ أيضًا:

هل تسبب المصائب الشيب؟

ما هي أسباب الشيب المبكر وما هي خيارات التعامل معه؟

ترجمة: تيماء القلعاني

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر