اكتشف العلماء كيف أن الثقوب السوداء الكامنة في قلوب المجرات الكبيرة تؤثر في توزيع المواد الكيميائية في جميع أنحاء المجرة.
فهم العلماء منذ فترة طويلة أن الثقوب السوداء فائقة الكتلة لها تأثير هائل في المجرات المحيطة بها، خاصةً عندما تتغذى على المواد المحيطة بها. إذ تتشكل انبعاثاتها الكهرومغناطيسية الساطعة لتسلط ضوء كل نجم في مجرتها الأم، تؤدي عملية التغذية تلك إلى انفجار المادة من الثقب الأسود بسرعة قريبة من سرعة الضوء.
بالجمع بين هذه الظواهر، يعد القلب المجري مركز المجرة الفعّال (AGN)، يسخن الغاز والغبار ويدفع المادة التي تشكل النجوم بعيدًا عن المنطقة، ما قد يقيّد ولادة النجوم ومن ثم يمنع تشكل المجرة نفسها.
ومع ذلك، لا يفهم العلماء بوضوح كيف يتأثر توزيع المواد الكيميائية في المجرات بواسطة (AGNs) وحركاتها الفردية الدقيقة.
استخدم العلماء مصفوفة أتاكاما (ألما) للنظر في مجرة NGC 1068 المعروفة بـ (M77) أو مجرة “الحبار”، إذ خُطط لتحليل المواد الكيميائية حول انفجار هذه المجرة الحلزونية المشدودة، التي تقع على بعد 51.4 سنة ضوئية من الأرض في كوكبة الحوت.
يُغطي الثقب الأسود بحلقة سميكة من الغبار تسمى القرص النووي وتحيط به منطقة ولادة نجمية مكثفة تسمى حلقة الانفجار النجمي.
مؤخرًا، كان مهمًا التحقيق في مصادر الطاقة في المجرات النشطة، وخاصة التركيز على أنوية المجرات المظلة، التي تُعد المحركات المركزية لانفجار نجمي المجرة أو AGN.
يقول الفريق: «كشف رصد مصادر الطاقة عن المعلومات الرئيسية الشاملة بشأن تطور المجرات، والمنهاج الكيميائي الذي يحتوي على المسوح الخطية في المجرات، ويعد وسيلة فعالة لحل هذه المشكلة».
بفضل دقة مصفوفة ألما، تمكن الفريق من رسم خريطة لتوزيع 23 جزيئًا موجودًا في المجرة، وهذا ممكن؛ لأن العنصر والمركبات تمتص الضوء عند أطوال موجية معينة، ما يساعد العلماء على رؤية “خطوط” أو”فجوات” بسبب امتصاص الضوء ما يظهر التركيب الكيميائي للغبار والغاز.
لاحظ الفريق أن نظائر سيانيد الهيدروجين مقتصرة على المنطقة المركزية AGN، وكذلك راديكاليات السيانيد كانت موجودة في مركز المجرة لكنها انفجرت إلى الخارج في النفثات التي تمتد من قطبي الثقب الأسود. لاحظ الباحثون أنه على عكس هذين الجزيئين، فإن نظائر أول أكسيد الكربون -الشائعة في المجرات- ابتعدت عن المنطقة المركزية.
ويرى الفريق أن هذا دليل واضح على أن وجود ثقوب سوداء فائقة الكتلة يؤثر في بنية المجرات واسعة النطاق وكذلك في تركيبها الكيميائي.
قدم البحث مفاجآت للباحثين، إذ اكتشف الفريق أن الأشعة السينية عالية الطاقة من AGN كان لها تأثير في توزيع المواد الكيميائية أقل مما هو مفترض نظريًا.
توصل الباحثون إلى أن وفرة السيانيد في القرص النووي الدائري أقل بكثير من القيمة المتوقعة من حسابات النموذج في المنطقة المتأثرة بالإشعاع القوي، وأن الإشعاع القوي الناجح من الأشعة السينية لـ AGN له تأثير أقل نجاحًا في الوفرة الجزيئية التي تشتمل على الجزيئات الموجودة في جزء صغير مقارنة بالتأثير الميكانيكي.
اقرأ أيضًا:
كيف اكتسبت الثقوب السوداء حجمها الكبير جدًا؟ بحث جديد قد يحمل الإجابة
أقرب صورة على الإطلاق: أحد الثقوب السوداء الهائلة يبتلع نجمًا في الفضاء
ترجمة: حمداش رانية
تدقيق: تسبيح علي
