الجانب المظلم من القمر مركز مثالي لدراسة الكون ومراقبته.

على الأرض، تُشوَّش الإشارات الراديوية القادمة من أعماق الفضاء وتُحجب بسبب وجود غلافنا الجوي الأرضي. كذلك الأمر على جانب القمر المواجه للأرض، المشوّش جراء الأنشطة البشرية والضوضاء الإلكترونية. لكن على العكس، فإن الجانب البعيد من القمر لا يعاني هذه المشكلات. لذلك، فإن إقامة مركز مراقبة هناك قد يتيح لنا الوصول إلى مشاهدات صافية دون عوائق للّحظات في بداية التاريخ الكوني.

خصوصًا، التاريخ المظلم للكون الذي امتد نحو 400 مليون سنة، إذ كانت البلازما الكونية باردة كفاية لتشكيل البروتونات والنيوترونات، ما أدى إلى تشكُّل الهيدروجين.

بعد سنوات من التطوير والمعالجة، ستكون محطة المراقبة الفضائية جاهزة للعمل بحلول 2026. ويعود الفضل جزئيًا إلى الباحثين في مختبر لورانس بيركلي الوطني في كاليفورنيا.

يعمل الفريق حاليًا بالتعاون مع وكالة ناسا الفضائية ووزارة الطاقة الأمريكية وجامعة مينيسوتا، لتأسيس مشروع تجريبي يُسمى «التجربة الكهرومغناطيسية لسطح القمر الليلي المظلم» (LUSEE-Night).

من المقرر إطلاق التلسكوب الراديوي على سطح مركبة «بلو غست»، وهي مركبة فضائية قمرية تابعة لشركة «فاير فلاي إيروسبيس» الخاصة، جزءًا من الرحلة القمرية الثانية للشركة.

فور بلوغها الموقع المنشود، ستنفصل بلو غست عن مركبة الفضاء «إليترا» التابعة لفاير فلاي، من ثم ستشق طريقها نحو الجانب المظلم من القمر.

أضافت «كاجا روتيرموند» الباحثة في مختبر بيرك: «إذا كنت على الجانب المظلم من القمر، فستجد بيئة نظيفة وهادئة، خالية تمامًا من الموجات الراديوية، وسيمكنك إيجاد إشارة من العصور المظلمة».

«مشروع التجربة القمرية مهمة تهدف لإظهار قدرتنا على إجراء مثل هذه المراقبات من مناطق لم تستهدفها رحلات سابقة، ولمعرفة نطاق التردد الذي لم يُقدر لنا معرفته سابقًا».

التجربة القمرية مزودة بمستقبِل خاص صممه فريق مختبر بيركلي، لاستقبال إشارات ترددها ما بين 50 و0.5 هيرتز.

لإنجاز هذه المهمة، سيكون على كل من الهوائيات وجهاز بلوغست تحمل درجات الحرارة الشديدة، المتراوحة بين -280 و250 درجة فهرنهايت.

لوجودها على الجانب البعيد من القمر، سترسل مركبة التجربة القمرية بياناتها إلى قمر صناعي يدور حول الأرض، الذي بدوره سينقل البيانات إلى الأرض.

أوضح أريتوكي سوزوكي رئيس المشروع في مختبر بيركلي، أن العملية الهندسية القائمة على وضع الأدوات العلمية على الجانب البعيد من القمر، تُعد بحد ذاتها إنجازًا عظيمًا.

إذا نجحت مهمة التجربة القمرية، فإنها ستوفر البيانات المتعلقة بالعصور المظلمة غير المعروفة علميًا، التي تُقسم بدورها إلى فترات قابلة للمراقبة والفحص، مثل أولى لحظات تشكل الكون، إضافةً إلى حدث ما بعد تكوّن النجوم.

حديثًا، أتمّ الفريق عرضًا تقنيًا ناجحًا، ويعملون حاليًا على بناء نموذج مخصص للرحلات الفضائية المتجهة للقمر. ومن المُزمع أن يدقق مشروع التجربة القمرية العصور القديمة ويجمع البيانات مدةً تصل إلى 18 شهرًا، بدءًا من 2026.

اقرأ أيضًا:

كشف النقاب عن خطة لبناء تلسكوب عملاق على سطح القمر

وكالة ناسا تعلن عن مشروع ضخم لتحويل فوهة قمرية إلى تلسكوب راديوي

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: باسل حميدي

المصدر