كيف تكون الصحة النفسية في عالم من دون وسائل التواصل الاجتماعي؟ من الصعب تخيل الأمر، أليس كذلك؟

جميعنا نندمج في حساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أننا ننسى ما كنا نفعل قبل فتح التطبيقات.

للتواصل على الإنترنت فوائد كثيرة، لكن كيف نوازن بين حياتنا اليومية وهذا الكم من المعلومات، المتعلق بحالات الأصدقاء والعائلة والمشاهير والعلامات التجارية، التي تأخذ كامل تركيزنا اليومي؟

في دراسات سابقة، سُئل عدد من الأشخاص عن رأيهم فيما يتعلق بعلاقة وسائل التواصل الاجتماعي والصحة النفسية، وجدوا أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أثرت سلبيًا في صحة 25% من الأشخاص، وأن 53% منهم لاحظوا تحسنًا في مزاجهم عندما قللوا ساعات نشاطهم على هذه المواقع، وجدوا أيضًا أن 66% قد تطورت لديهم مشكلات نفسية خلال فترة الإغلاق المتعلق بالجائحة، بسبب الاستخدام الزائد لتطبيقات التواصل الاجتماعي.

لذلك من المهم التفكير في تأثير مواقع التواصل الإجتماعي في تصرفات الأشخاص وصحتهم النفسية، وننصح بتجربة تحدي الأيام العشرة من دون وسائل تواصل، الذي أوصى به مركز الصحة النفسية.

كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي في الصحة النفسية؟

أغلب الدراسات غير متفائلة، إذ يرون أن الدماغ يطلب من الشخص التمهل في تصفحه بسبب كمية المعلومات المختلفة التي تصل إليه.

وجدت دراسة بريطانية أن معدل إصابة الأطفال بمشكلات نفسية يتضاعف مع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من ثلاث ساعات يوميًا.

وجدت دراسة أخرى عام 2018 علاقة مباشرة ووثيقة بين تقليل استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي وتحسن أعراض الاكتئاب والشعور بالوحدة.

وجدت دراسة شملت 1500 شخصًا، أن وسائل التواصل أثرت سلبًا في مشاعر السعادة وتقدير الذات لدى 86% منهم، وأدت إلى زيادة مشاعر القلق والوحدة والاكتئاب.

ووجدت دراسة أن استخدام التطبيقات خلال فترة الإغلاق لمجرد التسلية وملء الفراغ ارتبط بهشاشة الصحة النفسية، أما من استخدمها للحفاظ على العلاقات والتواصل مع الآخرين فازداد لديه الشعور بالسعادة وتحسنت صحته النفسية.

في دراسة شملت 68 طالبًا جامعيًا، لاحظ الطلاب تحسنًا ملحوظ بالمزاج والنوم في غضون أيام فقط من الإقلاع عن تطبيقات التواصل الاجتماعي.

تبدو النتائج واضحة: إذا أردنا تجنب الشعور بالاكتئاب والقلق والوحدة ومشكلات النوم، فعلينا الحد من استخدامنا للشاشات.

ما الأشياء التي يمكن فعلها بدلًا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟

إن الصحة النفسية بالتأكيد أهم من الظهور على إنستغرام، فماذا قد نفعل بدلًا من التصفح؟ إذا قررنا الابتعاد عن الشاشات والذهاب إلى العالم الحقيقي، فلدينا الكثير مما يمكن للإنسان فعله.

عند استخدام وسائل التواصل للاسترخاء:

حال وجدنا أنفسنا ممسكين بالهاتف ونتصفحه في كل مرة نشعر بها أننا بحاجة إلى الاسترخاء والراحة، فيجب استبدال هذه العادة بأحد هذه الأشياء:

  •  الذهاب في نزهة.
  •  الاستماع إلى الموسيقى.
  •  قراءة الكتب.
  •  تجربة الرسم أو النحت.
  •  الطهي أو صنع الحلوى.
  •  اللعب مع حيوان أليف.
  •  التأمل أو اليوغا.
  •  تناول مشروب دافئ.
  •  مطالعة الصور العائلية واسترجاع الذكريات.

حال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الآخرين:

إذا لاحظنا أننا نفتح التطبيقات كثيرًا بحثًا عن تواصل مع أي أحد، يجب أن نجرب أحد هذه الأشياء:

  •  التحدث مع صديق أو قريب، يُفضل مكالمة.
  •  دعوة الأصدقاء إلى البيت لتناول الطعام أو الشراب.
  •  إعداد الطعام وإهداؤه للجيران.
  •  التخطيط لنزهة في العطلة الأسبوعية.
  •  التطوع في منظمات هادفة.
  •  الانضمام إلى مجموعات مجتمعية.
  •  أخذ دروس يوغا.

حال استخدام وسائل التواصل للترفيه:

بدلًا من قضاء الوقت على الفيديوهات القصيرة والمزاح، يمكن تجربة بعض الترفيه الحقيقي:

  •  حضور حفل موسيقي.
  •  رسم لوحة.
  •  تعلم مهارة جديدة.
  •  تعلم العزف على آلة موسيقية.
  •  حضور دروس رياضة قتالية أو رقص.
  •  الذهاب لزيارة مُتحف.
  •  تجربة البستنة.
  •  الاستماع إلى المقاطع الصوتية.
  •  قراءة كتاب.
  •  لعب ألعاب جماعية مع العائلة أو الأصدقاء.

باختصار، يجب تحديد الدافع أو الهدف الذي نستخدم مواقع التواصل الاجتماعي من أجله، هل هو الاسترخاء أم التواصل أم الترفيه؟ بعد تحديد الهدف، يصبح العثور على الخيار البديل سهلًا.

كيف نضع حدودًا صحية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟

يُعد الانقطاع عن وسائل التواصل بين فترة وأخرى أمرًا عظيمًا، لكن على الشخص أن يكون واقعيًا في ذلك دون تشدد.

إذا كانت وسائل التواصل جزءًا من الحياة، فإن لتخفيف التأثيرات السلبية وتعزيز التأثيرات الايجابية طرق عديدة، إذ نستطيع القيام بهذه الأمور:

  •  إلغاء متابعة الصفحات التي تعكر المزاج وتقلل تقدير الذات.
  •  حذف صور الملف الشخصي التي تحرض الانتقاد الذاتي.
  •  حذف الرسائل السلبية.
  •  الابتعاد عن المنشورات التي تجعلنا نقارن أنفسنا بالآخرين.
  •  نشر أشياء عادية ومفيدة ما قد يجعل الآخرين يحذون حذونا.

أمور أخرى نستطيع فعلها:

  •  عدم استخدام الفلاتر وإظهار الشكل الحقيقي.
  •  النشر عن لحظات عادية وحياتية، ليس فقط المثالية.
  •  النشر عن موضوع أخذ الاستراحة، ليعرف الآخرون أنه شيء طبيعي ويمكن فعله.
  •  وضع تعليقات مشجعة وإيجابية.
  •  تجنب التصنع وتقليد المشاهير.

الخلاصة:

تشغل وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا من حياتنا ولها جانب إيجابي وآخر سلبي، وعلينا محاولة تقليل الجانب السلبي وتعزيز الجانب الإيجابي لدينا ولدى الآخرين.

بتحديد بسيط لساعات الشاشة، وأخذ استراحة كل فترة، والموازنة بين الحياة الحقيقة الطبيعية وحياة الإنترنت، تصبح وسائل التواصل مكانًا جيدًا وصحيًا للتعبير عن الذات والتواصل مع الآخرين.

اقرأ أيضًا:

وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن لغة العزلة والاكتئاب

وسائل التواصل الاجتماعي تحميك من مستويات عميقة من الملل.. وهذه مشكلة خطيرة!

ترجمة: عمار علي نصري

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر