نجح علماء صينيون في زراعة كلى بشرية في أجنة خنازير، وهو النجاح الأول من نوعه في العالم، الذي يمكن أن يساعد في معالجة النقص الموجود في التبرع بالأعضاء، إذ يوجد أكثر من 100 ألف شخص على لائحة الانتظار حاليًا في الولايات المتحدة بحاجة إلى نقل عضو، ويحتاج الغالبية العظمى منهم إلى نقل كلية، ولتلبية الطلبات لهذه العمليات المنقذة للحياة، اتبع العلماء أساليب جديدة لتنمية الأنسجة والأعضاء البشرية في الحيوانات.

تمثل النتائج التي نُشِرت في مجلة Cell Stem Cell المرة الأولى التي زُرِع فيها عضو بشري صلب يحوي خلايا بشرية وحيوانية داخل نوع آخر.

قال الخبراء: «أظهر هذا التطور الذي وُصِف في الدراسة مشاكل أخلاقية، خاصة بعد أن وُجِدت بعض الخلايا البشرية في أدمغة الخنازير أيضًا».

ركز الباحثون من معهد غوانغتشو للطب الحيوي والصحة على الكلى، لأنها من أوائل الأعضاء التي طُوِّرت، ومن الأعضاء الأشيع زراعتها في الطب البشري.

قال كبير الباحثين ليانجكسو لاي في بيان: «أُنتِجت أعضاء الجرذان في الفئران، وأعضاء الفئران في الجرذان، لكن لم تنجح المحاولات السابقة لإنتاج الأعضاء البشرية في الخنازير، وتحسن طريقتنا توافق الخلايا البشرية مع أنسجة المريض المستقبل، وتسمح لنا بإنتاج الأعضاء البشرية في الخنازير».

وهذا تطبيق مختلف عن الاكتشافات الأخيرة البارزة في الولايات المتحدة، إذ زُرِعت كلى خنازير معدلة وراثيًا، بل وحتى قلب خنزير معدل وراثيًا داخل البشر.

قال دوسكو إيليتش وهو أستاذ في قسم علوم الخلايا الجذعية في جامعة كينغز في لندن ولم يشارك في البحث: «تصف النشرة الجديدة خطوات رائدة في نهج جديد للهندسة الحيوية للأعضاء باستخدام الخنازير حاضنات لإنتاج الأعضاء البشرية وزراعتها».

حذّر إيليتش أنه ربما توجد تحديات عديدة في وجه تحويل هذه التجربة إلى حل قابل للتطبيق، ولكن مع ذلك تستحق هذه الاستراتيجية الفاتنة المزيد من الاستكشاف.

التعديل الجيني:

كان التحدي الأساسي في خلق مثل هذه الهجائن أن خلايا الخنزير تتفوق على الخلايا البشرية، وللتغلب على هذه العوائق، استخدم الفريق تقنية CRISPR للتعديل الجيني لحذف اثنين من الجينات الضرورية لتشكل كلى بشرية داخل جنين الخنزير، وأنتجوا ما يسمى كوة.

ثم أضافوا خلايا جذعية بشرية متعددة القدرات مجهزة خصيصًا، وهي خلايا لها القدرة على التطور إلى أي نمط خلوي، وقد ملأت الكوة، قبل غرس الأجنة في الخنازير، ونَمّوها في أنابيب اختبار تحوي مواد غذت الخلايا البشرية وخلايا الخنزير، نُقل في المجمل 1820 جنينًا إلى 13 أم بديلة، وأُنهيت فترات الحمل بعد 25 و28 يومًا لتقييم مدى نجاح التجربة.

اختيرت خمسة أجنة للتحليل، وجِد أنها تحوي كلى بشرية طبيعية وظيفيًا نسبًة لمرحلة تطورها، وبدأت بتنمية الحالب الذي سيربطها في النهاية بالمثانة، واحتوت على خلايا بشرية بنسبة 50-60%.

قال مساعد الباحث تشن داي: «وجدنا أنه إذا خلقت كوة في جنين الخنزير، تنمو الخلايا البشرية نموًا طبيعيًا فيها، ورأينا فقط القليل من الخلايا العصبية البشرية في الدماغ والنخاع الشوكي، ولا يوجد خلايا بشرية في الحافة التناسلية».

يُعد منع الخلايا البشرية من أن تغزو النسيج التناسلي أمرًا هامًا جدًا، بسبب وجود خطر أن تتكاثر هجائن بشرية خنزيرية على نحو غير قابل للتحكم فيه.

لكن وجود الخلايا البشرية في أدمغة الخنازير ما يزال يثير المخاوف، هذا ما قاله داريوس فيديرا وهو أستاذ في قسم بيولوجيا الخلايا الجذعية في جامعة ريدينغ، وأضاف: «مع أن هذا التطبيق يمثل علامة فارقة واضحة وهو أول محاولة ناجحة لزرع عضو كامل يحتوي على خلايا بشرية داخل الخنازير، فما تزال نسبة الخلايا البشرية في الكلى المولدة غير عالية كفاية».

نجح العلماء في تنمية كلى بشرية داخل جنين خنزير، وسيأخذون خطوة أبعد ألا وهي إنتاج أعضاء بشرية قابلة للنمو من أجل نقل الأعضاء عند البشر.

على المدى البعيد، أراد الفريق أمثلة التقانة لاستخدامها في نقل الأعضاء عند البشر، لكن أقرّ أنها ليست جاهزة بعد، وكان التقييد الأهم احتواء الكلى البشرية على خلايا وعائية خنزيرية وقد تسبب رفضًا إذا زُرِعت عند الإنسان.

مع ذلك، يخطط العلماء للمضي قدمًا وتطوير كلى بشرية، ويعملون أيضًا على تنمية أعضاء بشرية أخرى في الخنازير مثل القلب والبنكرياس.

اقرأ أيضًا:

غيّر العلماء فصيلة دم كلية، ما يعطي أملًا لمنتظري زراعة الكلى!

العلماء يهندسون خلايا بشرية شفافة كخلايا الحبار

ترجمة: زينب رزوق

تدقيق: باسل حميدي

المصادر: 1 2