لا بد من الاستماع إلى الطفل لمساعدته على تحديد مصدر خوفه وتسميته، لكن دون تعزيز هذا الخوف، إذ يمتلك الأطفال خيالًا خصبًا، والخوف من الظلام جزء طبيعي من مرحلة الطفولة ومن التطور الصحي للطفل.

الأصدقاء الخياليون من الأشياء المصاحبة لخيال الطفل، لكن عندما يبدأ هذا الخيال الصغير بالجموح في وقت النوم، قد يسبب حالة من الخوف للطفل «وليلة طويلة لوالديه».

يمثل خوف الطفل من الظلام تقريبًا شارة من شارات الطفولة. سواء كانوا يخافون من وحش تحت السرير أم من الساحرات في خزانتهم، فإن إطفاء الأنوار قد يكون وقتًا مخيفًا للأطفال، وقد يمنع الخوف من الظلام الطفل من الحصول على قسط كافٍ من النوم، ما يؤدي إلى عديد من المشكلات الصحية والسلوكية.

قالت طبيبة الأطفال لورا أوكونور: «من الشائع أن يكون لدى الأطفال الصغار في وقت ما مخاوف غير منطقية. كيفية تعامل الآباء ومقدمي الرعاية مع تلك المخاوف ومنحهم الطمأنينة تؤثر في قدرتهم على النوم».

تقدم الدكتورة أوكونور بعض النصائح حيال كيفية مساعدة الطفل على مواجهة خوفه من الظلام.

مساعدة الطفل للتغلب على الخوف من الظلام:

يشعر كثير من الأطفال بالقلق في أثناء الليل. إذ يُعد النوم بسلام أمرًا مهمًا لتطورهم «والوالدان أيضًا بحاجة إلى النوم».

تقدم الدكتورة أوكونور هذه النصائح لمساعدة الطفل في التغلب على خوفه:

1. اكتشاف مصادر الخوف:

اكتشاف مصدر الخوف لدى الطفل، بطرح أسئلة مفتوحة للسماح للطفل بالتحدث عما يثير خوفه، إذ يجب الاستماع إلى الطفل لمساعدته على تحديد مصدر خوفه وتسميته.

تقول الدكتورة أوكونور: «ما قد يبدو مضحكًا أو تافهًا للأهل قد يبدو واقعيًا جدًا للطفل، فعندما يشعر الطفل بالخوف قد يستفيد من مشاركة مخاوفه مع شخص ما، الشعور بوجود من يستمع إليهم قد يساعدهم على تخفيف وطأة ذلك الخوف».

أيضًا فإن تحديد ما يثير خوفهم في الليل قد يساعد على التحدث معهم حيال مخاوفهم، وتقديم الدعم المتعلق بما يخشونه تحديدًا.

2. عدم تعزيز المخاوف:

تشدد الدكتورة أوكونور على عدم مشاركة الطفل مخاوفه. مثلًا، إذا وعدت بتخليص غرفتهم من المخلوقات أو فحص الخزانة بحثًا عن الوحوش، قد يعزز ذلك من خوفهم. إذا أقر الأهل بأن الكائن الذي يثير خوف أطفالهم موجود بالفعل، فإن ذلك يقنع الطفل بوجود شيء يستدعي القلق.

بدلًا من ذلك، يُنصح بأن يبوح الطفل بمخاوفه لكن دون أن يبدي الأهل اقتناعًا بها، إذ يمكن للأهل قول بعض العبارات التي تخفف وطأة الخوف على أطفالهم، مثل: «أنا أفهم أنك تشعر بالخوف من الظلام وتعتقد أن وحش فرانكنشتاين سيأتي من نافذتك، لكن فرانكنشتاين ليس حقيقيًا ولا يمكنه أن يؤذيك».

3. حثهم على البقاء في غرفتهم:

إذا كان ذلك ضروريًا، فمن الأفضل الانضمام إلى الأطفال في غرفتهم ليشعروا بالراحة، بدلًا من السماح لهم بمغادرة غرفتهم والانضمام إلى الأهل في غرفتهم أو في غرفة أخرى، ما قد يؤدي إلى تأجيل موعد النوم، لكنه لن يسمح للطفل بالاسترخاء والاستغراق في النوم.

في وقت النوم، يجب تذكير الأطفال بأن كل شيء على ما يرام وأنهم آمنون، وأنه لن يزعجهم شيء، ويمكنهم النوم بأمان في سريرهم طوال الليل. سيساعد ذلك على تعزيز ثقة الأطفال بأن سريرهم مكان آمن.

توفير الطمأنينة للأطفال ثم مغادرة غرفتهم:

إذا استيقظ الطفل في منتصف الليل، يُنصح بتوفير الطمأنينة له مرة أخرى وتأكيد أن كل شيء على ما يرام وأن غرفة نومه آمنة، وتذكيره أن ليس هناك ما يخشاه، وتوفير بعض الراحة له، ثم مغادرة غرفته.

تضيف الدكتورة أوكونور: «لا يُنصح بالبقاء في غرفة الطفل ما لم يكن الخوف قد تملكه، فعندما تبقى بجواره أو تسمح له بالانضمام إلى غرفتك، سيستمر ذلك في تعزيز قناعته بوجود شيء يستدعي القلق».

4. تعزيز ثقة الطفل:

تعزيز ثقة الطفل بنفسه، وتعزيز مهارات التأقلم خلال النهار، قد يساعده على التغلب على مخاوفه من الظلام. مثل ممارسة الأنشطة التي تساعد على تعزيز الثقة بالنفس نهارًا، كأن يتحدث الطفل عن مخاوفه وتجاربه عندما يحين موعد نومه ويكون حديثه عن تلك المخاوف والتجارب في أثناء النهار.

يمكن التطرق أيضًا إلى وسائل بديلة للمناقشة والإجابة عن تلك المخاوف أو التعامل معها بطرق قد تساعد الطفل على الشعور بالراحة ليلًا.

5. التزام نظام محدد:

تنصح الدكتورة أوكونور بالحفاظ على روتين نوم صحي، بإضفاء بعض البساطة والبهجة والمرح. تشدد الدكتورة أوكونور على عدم مشاهدة الطفل الأفلام المخيفة، أو البرامج التلفزيونية العنيفة، أو القصص المخيفة، أو الموسيقا الصاخبة، أو مقاطع الفيديو التي تحتوي على مشاهد عنيفة، أو غيرها من المحفزات التي قد تثير الخوف، خاصة قبل النوم.

بدلًا من ذلك، تمكن ممارسة الاسترخاء من خلال حمام مريح، أو ممارسة أنشطة مهدئة مثل قراءة قصص الأطفال المرحة والألغاز المناسبة لأعمارهم.

6. تجربة المصابيح الليلية والأدوات الآمنة:

يستجيب بعض الأطفال جيدًا لوجود دمية محشوة خاصة بهم أو بطانية معهم في السرير لتوفير مزيد من الراحة الإضافية والشعور بالأمان.

قد يفي قليل من الضوء بالغرض أيضًا، إذ يجد بعض الأطفال الذين يخشون الظلام إحساسًا بالأمان بوجود مصباح ليلي أو مصباح خافت في غرفتهم. يُنصح بترك باب غرفتهم مفتوحًا بالكامل أو مفتوحًا قليلًا، وإخبار الطفل أن ترك الباب مفتوحًا هو ليشعر بالأمان، ولا يعني ذلك أنه يمكنه الخروج والتجول خارجًا بعد موعد نومه.

7. زيادة التعزيز الإيجابي:

يستجيب الصغار على نحو جيد للمكافآت عندما يكون سلوكهم جيدًا. تقول الدكتورة أوكونور إن المديح ومكافأة الطفل ليحظى بنوم هادئ قد تمنحه سببًا لمواجهة خوفه من الظلام.

بعد ليلة نوم هانئة، يُنصح بالتشجيع الإيجابي، مثلًا أن يدعم الأهل أطفالهم ببعض العبارات التشجيعية، مثل: «أحسنت صنيعًا ببقائك في سريرك الليلة الماضية! أنا فخور بك»، ويمكن تقديم مكافآت صغيرة لتعزيز السلوك الجيد.

اقرأ أيضًا:

لماذا نخاف من الظلام ؟

سبب تطوري يفسر خوفنا من الظلام

ترجمة: عقيل الحسن

تدقيق: ريمي سليمان

المصدر