ما الداء السيستيني؟

الداء السيستيني هو حالة وراثية يتراكم فيها الحمض الأميني السيستين داخل الخلايا، وقد يدمرها. يتسبب في تكوين بلورات تتراكم ثم تسبب مشكلات في أعضاء الجسم وأنسجته.

يؤثر الداء السيستيني في أغلب الأحيان في الكلى والعينين، وقد يؤدي أيضًا إلى تلف الدماغ والعضلات والكبد والغدة الدرقية والبنكرياس والخصيتين.

يُعد الداء السيستيني مرضًا نادرًا، ولكنه خطير وله تأثير مدى الحياة. التشخيص والعلاج الفوري قد يُبطئ تطور المرض، ولكن حتى مع العلاج المستمر، سيُصاب معظم الأشخاص بالفشل الكلوي وسيحتاجون إلى عمليات زرع الكلى.

أنواع الداء السيستيني:

توجد ثلاثة أنواع رئيسية، وتختلف اعتمادًا على وقت ظهور الأعراض لأول مرة وشدة الأعراض.

الداء السيستيني الكلوي:

أيضًا، يُطلق عليه اسم داء الكيستينيات الطفلي أو المبكر. وهو النوع الأكثر شيوعًا، إذ يؤثر في نحو 95٪ من الأشخاص المصابين بهذه الحالة، وهو أيضًا أشد أنواع المرض خطورة.

في الداء السيستيني الكلوي، يُصاب الرضع بنوع من تلف الكلى يُسمى متلازمة فنكوني الكلوية. في هذه الحالة، لا تُمتص المعادن والمواد المغذية الأخرى في مجرى الدم بصورة صحيحة. وبدلاً من ذلك، تُطرح عبر البول. يؤدي فقدان العناصر الغذائية إلى تأخر النمو وتقوس العظام (الكساح) والعديد من الأعراض الأخرى.

في سن الثانية؛ قد تتكون بلورات السيستين في قرنية عيني الطفل، ما قد يؤدي في النهاية إلى حساسية زائدة للضوء تسمى رهاب الضوء. قد يسبب هذا الأمر ألمًا شديدًا في العين وشعورًا بعدم الراحة.

سيحتاج الأطفال المصابون بداء السيستين الكلوي في النهاية إلى عملية زرع كلية. إذا تُرك دون علاج؛ سيحدث الفشل الكلوي الكامل في سن العاشرة. أحيانًا، قد يبقى الأطفال الذين يتلقون العلاج أحياءً حتى مرحلة البلوغ، وهم يتمتعون بحياة جيدة.

الداء السيستيني المتوسط:

أيضًا، يُسمى الداء السيستيني في سن المراهقة أو المتأخر. علامات وأعراض هذا النوع تتشابه مع الداء السيستيني الطفلي، ولكنها تتطور لاحقًا في مرحلة الطفولة أو المراهقة. قد تكون الأعراض أقل حدة وتطورها أبطأ.

سيحتاج المصابون بداء السيستيني المتوسط في النهاية إلى عملية زرع كلية، فإذا تركت دون علاج، سيُصاب المريض بالفشل الكلوي الكامل في منتصف سن المراهقة وحتى منتصف العشرينات.

الداء السيستيني غير الكلوي:

يُسمى أيضًا الداء السيستيني الحميد أو العيني. يؤثر هذا النوع في العينين فقط. تسبب بلورات السيستين الموجودة في القرنية حساسيةً للضوء يسمى رهاب الضوء. لكن معظم المصابين بهذا النوع لا يصابون بتلف الكلى ولا يعانون أعراضًا أخرى للمرض.

يختلف العمر الذي يُشخص فيه الداء السيستيني غير الكلوي بسبب غياب الأعراض، ولكنه عادةً ما يُصيب البالغين في منتصف العمر.

على مَن يؤثر الداء السيستيني؟

الداء السيستيني هو حالة وراثية قد تؤثر في أي شخص. يُورث المرض بنمط جسمي متنحٍ، ما يعني أنه يجب على الوالدين البيولوجيين تمرير نسخة من الجين المصاب. إذا كان الوالدان حاملين للجين المصاب، يوجد احتمال 1 من 4 (25%) أن يُنجبا طفلًا مُصابًا بالداء السيستيني.

ما مدى شيوع الداء السيستيني؟

الداء السيستيني هو حالة نادرة، ويُصيب نحو 1 من كل 100000 إلى 200000 شخص في جميع أنحاء العالم.

كيف يؤثر داء السيستين في المريض؟

الداء السيستيني هو نوع من اضطراب التخزين الليزوزومي. الليزوزومات هي مناطق في الخلايا تُحطم العناصر الغذائية مثل الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. يوجد نوعان من البروتينات في الجسم، الأول هو عبارة عن إنزيمات تمتص العناصر الغذائية ليستخدمها الجسم في أثناء العمليات الحيوية، والأخرى تعمل ناقلات لهذه العناصر الغذائية، إذ تنقل بقايا الطعام (مثل السيستين) خارج الليزوزومات.

عندما لا يوجد في الجسم نواقل للحمض الأميني السيستين؛ قد يتراكم في الجسيمات الحالة للخلايا، ويكوّن بلورات بها ويدمر الأعضاء ببطء.

أعراض الداء السيستيني:

تختلف أعراضه وشدته بناءً على العمر الذي ظهر به المرض ومتى شُخّص.

عادةً، تظهر أعراض الداء السيستيني الكلوي بين سن 6 و18 شهرًا مع ظهور علامات على تلف الكلى. قد تشمل هذه الأعراض:

  •  العطش المفرط.
  •  التبول المفرط (البوال).
  •  اختلال توازن الكهرليت في الجسم.
  •  القيء.
  •  الجفاف.
  •  حمى.

قد تشمل الأعراض الأخرى ما يلي:

  •  الكساح.
  •  تأخر النمو.
  •  القرنيات المتندبة أو الغائمة.
  •  حساسية الضوء أو رهاب الضوء.
  •  فقدان البصر.
  •  صعوبة في البلع (عسر البلع).

أعراض داء السيستينات المتوسط هي أعراض داء السيستينات الطفلي نفسها، لكنها تظهر لاحقًا في مرحلة الطفولة أو خلال فترة المراهقة وتميل إلى أن تكون أقل حدة. قد تشمل الأعراض الشائعة الأخرى للداء السيستيني المتأخر ما يلي:

  •  تعب.
  •  ضعف العضلات.
  •  اعتلال عضلي.
  •  قصر القامة.
  •  تأخر البلوغ.
  •  العقم.

يؤثر داء السيستينات العيني في قرنية العين فقط، وعادةً ما تكون حساسية الضوء هي العلامة الوحيدة لهذه الحالة، ولن تظهر أي أعراض مرتبطة بالكلى.

أسباب الداء السيستيني:

ينتج المرض عن الطفرات الجينية في الجين CTNS. يُشفر الجين CTNS بروتين يُسمى السيستينوسين، وهو البروتين الناقل المسؤول عن نقل الحمض الأميني السيستين خارج الليزوزومات.

تؤدي طفرة في جين CTNS إلى خلل في التعبير عن السيستينوزين. عند حدوث الخلل لا يستطيع السيستين الخروج من الليزوزومات ويبدأ بالتراكم، وعندها تتكون البلورات وتسبب تلف الخلايا والأعضاء.

تشخيص الداء السيستيني:

سيسأل الطبيب عن الأعراض والتاريخ الطبي، ويُجري فحصًا جسديًا ويطلب عددًا من الاختبارات لتشخيص الحالة.

قد يُجري الطبيب الاختبارات التالية لتأكيد التشخيص:

  •  اختبار الدم: تؤخذ عينة من الدم للتحقق من مستويات السيستين في خلايا الدم البيضاء.
  •  الاختبارات الجينية: لمعرفة إذا كان المريض مُصابًا بطفرة جينية في جين CTNS أم لا.
  •  تحليل البول: للتحقق من الفقد الزائد للمعادن والمواد المغذية والكهارل والأحماض الأمينية.
  •  فحص العين: للكشف عن بلورات السيستين في القرنية. قد يستخدم طبيب العيون مجهرًا يسمى المصباح الشقي للنظر إلى العين بتكبير عالٍ.

إذا كانت المريضة حاملةً للمرض ولديها تاريخ عائلي من الإصابة بالداء السيستيني، يجب إجراء اختبار قبل محاولة إنجابها طفل. يُسمى الاختبار بزل السلى لمعرفة إذا كان الطفل سيعاني الحالة، إذا كانت هي وشريكها مصممين على الإنجاب.

يمكن أن يحصل الطبيب على عينة خلية من السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين النامي للتحقق من مستويات السيستين.

يمكن إجراء اختبار آخر قبل الولادة يسمى أخذ عينات من الزغابات المشيمية لاختبار الداء السيستيني. يفحص هذا الاختبار الخلايا الموجودة في الزغابات المشيمية.

كيف يُعالج الداء السيستيني؟

1- السيستامين:

يُعد دواء السيستامين هو الخط الأول لعلاج الداء السيستيني وهو عامل مستنفد للسيستين، أي أنه يعمل على خفض مستويات السيستين في خلايا الجسم.

قد يُبطئ تطور المرض وتلف الكلى عند استخدامه مبكرًا، وقد يؤخر كثيرًا الحاجة إلى زراعة الكلى حتى سن البلوغ عند بعض الأطفال. ويعمل السيستامين على تحسين نمو الأطفال المصابين بالمرض.

يتوفر السيستامين في نوعين هما: سيستاجون وبروسيسبي. يجب أن يؤخذ سيستاجون كل 6 ساعات ليكون فعالاً. أما بروسيسبي فهو مخصص للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 6 سنوات وما فوق، لديه عمر نصفي مديد؛ لذا يمكن تناوله كل 12 ساعة.

لا يُعالج السيستامين بلورات السيستين في القرنية، لذلك يوجد قطرتان للعين من السيستامين معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. يجب إعطاء هذه القطرات كل ساعة تقريبًا. تعمل على إذابة بلورات القرنية وتخفيف حساسية الضوء.

2- علاجات أخرى:

سيحتاج الأطفال المصابون بالداء السيستيني إلى علاجات أخرى وفقًا لأعراضهم. يتضمن علاج متلازمة فانكوني ما يلي:

  •  استهلاك الكثير من السوائل والكهارل لمنع فقدان الماء بصورة مفرطة.
  •  تناول أدوية للحفاظ على توازن الكهارل الطبيعي.
  •  أدوية لزيادة امتصاص الفوسفات في الكلى.

قد تشمل العلاجات الأخرى للداء السيستيني ما يلي:

  •  العلاج بهرمون النمو.
  •  الإنسولين لعلاج مرض السكري المعتمد على الإنسولين.
  •  التستوستيرون لعلاج الأشخاص الذين يعانون قصور وظيفة الغدد التناسلية بالخصية.
  •  علاج النطق واللغة.
  •  الاستشارة الوراثية.

قد يحتاج بعض الأطفال الذين يعانون صعوبات في التغذية إلى أنبوب تغذية. يُستخدم هذا الأنبوب لضمان التغذية السليمة وإدارة الدواء.

أيضًا، قد يشمل علاج الداء السيستيني العيني ما يلي:

  •  تجنب الأضواء الساطعة.
  •  ارتداء النظارات الشمسية.
  •  استخدام قطرات مزلقة باستمرار.

وفي حالات نادرة، قد يكون من الضروري إجراء عملية زرع القرنية.

3- زرع الكلى:

مع أن التشخيص والعلاج المبكر قد يكون مفيدًا، فإن الذين يعانون الداء السيستيني الكلوي والمتوسط سيصابون في النهاية بالفشل الكلوي. قد يعالج مقدم الرعاية الصحية أولًا الفشل الكلوي عبر غسيل الكلى.

يؤدي جهاز غسيل الكلى بعض وظائف الكليتين، إذ يُصفي الدم من الشوائب ويساعد في الحفاظ على المستويات الصحيحة للمواد الكيميائية في الجسم. مع ذلك، فإن الفشل الكلوي لا يمكن الشفاء منه تمامًا، وسيحتاج المريض في النهاية إلى عملية زرع الكلى.

لقد نجحت عمليات زرع الكلى عند الأشخاص المصابين بالداء السيستيني. لا يتراكم السيستين في الكلية المزروعة الجديدة، ولكن قد يستمر تراكم السيستين في أعضاء أخرى في الجسم، ولذلك سيظل المريض بحاجة إلى تناول الدواء مدى الحياة.

الآثار الجانبية للعلاج:

دواء السيستامين له رائحة وطعم كريه، لذا قد يعاني بعض الأشخاص الغثيان والقيء وحرقة المعدة في أثناء تناول الدواء. أيضًا، قد يسبب السيستامين زيادةً في إنتاج الحمض المعدي، ويأخذ بعض الأشخاص مثبطات مضخة البروتون لتقليل إنتاجه، وهذا قد يساعد في تحسين أعراض الجهاز الهضمي. قد يسبب السيستامين رائحة الفم الكريهة ويزيد رائحة العرق.

الوقاية من الداء السيستيني:

ليست الوقاية منه ممكنة لأنه مرض وراثي. إذا كانت المرأة حاملًا أو تخطط للحمل، يجب أن تُجري اختبارًا جينيًا للتعرف على خطر إنجاب طفل مصاب بهذه الحالة.

ما متوسط العمر المتوقع لشخص مصاب بالداء السيستيني؟

سابقًا، كان الداء السيستيني الكلوي قاتلًا لدى الأطفال الصغار، ولكن الآن مع تطور السيستامين والتقدم في زراعة الكلى، يصل متوسط العمر المتوقع للأشخاص المصابين بالمرض إلى مرحلة البلوغ، ويعيش بعض الأشخاص أكثر من 50 عامًا.

التوقعات:

التشخيص المبكر لداء السيستين أمر مهم. يمكن إبطاء تطور المرض مع العلاج المناسب، لكن من دون علاج، سيصاب الأطفال بالفشل الكلوي في سن العاشرة، ومع العلاج يُصاب العديد من الأطفال بالفشل الكلوي في مرحلة الطفولة أو المراهقة لاحقًا، وهذا يتطلب غسيل الكلى أو زرع كلية في النهاية.

إذا كان المريض يتناول السيستامين، فيجب عليه الاستمرار في استخدامه طوال حياته. تظهر الأبحاث أنه قد يمنع الكثير من المضاعفات المتأخرة للداء السيستيني التي لا تشمل الكليتين.

اقرأ أيضًا:

خمس فوائد مثبتة للأحماض الأمينية المشبعة (BCAAs)

ما هي الأحماض الأمينية ؟ الحمض الأميني

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق:ميرڤت الضاهر

المصدر