يقترب تشات جي بي تي بقدراته من مساعد موثوق، ليتذكر أكثر مما أخبرته به صراحةً، كاهتماماتك وتفضيلاتك، ليستخدم ذلك في المحادثات المستقبلية.

هذا تغيير صغير يجعل الذكاء الاصطناعي التوليدي يبدو أقرب للإنسان، وربما سيمهد الطريق نحو الذكاء الاصطناعي العام، وفيه سيتماثل عمل الذكاء الاصطناعي مع عمل المادة الرمادية في الدماغ.

أعلنت OpenAI في 13 فبراير 2024 عن اختبار محدود يشرح قدرة تشات جي بي تي (بإصداريه المجاني والمدفوع ChatGPT Plus) على تذكر ما أخبرته به بمختلف المحادثات، كالتقاط تلقائي لمعلومات مثيرة حول تفضيلاتك أو تذكر ما طلبت منه حفظه صراحةً.

تكمن الفائدة من امتلاك تشات جي بي تي لذاكرة أن المحادثات لن تبدأ من الصفر، فقد يمتلك الأمر الجديد سياقًا ضمنيًا، وهذا يجعل تشات جي بي تي أقرب إلى مساعد شخصي يعلم عاداتك وتفضيلاتك بخصوص مواعيد اللقاء الصباحية.

تقول OpenAI أن هذه الذاكرة قد تُطبق بالأوامر المستقبلية أيضًا، فإذا أخبرت تشات جي بي تي أن لديك طفلًا في الثالثة يحب الزرافات، ثم طلبت منه لاحقًا أفكارًا عن بطاقات التهنئة بعيد ميلاده، فقد تتضمن استجاباته الزرافات بطريقة أو بأخرى.

ولن يكتفي تشات جي بي تي بترديد الذكريات الخاصة بتفضيلاتك واهتماماتك، لكنه سيستخدم هذه المعلومات للعمل بكفاءة فيما يتعلق بك.

بإمكان تشات جي بي تي التذكر

قد لا يُعجب البعض استحضار الذكاء الاصطناعي لمحادثات متعددة مؤرشفة، ولهذا السبب ربما سمحت OpenAI للناس بعدم استخدام الذاكرة باستخدام وضع الدردشة المؤقتة، التي تبدو كأنك تُدخِل قليلًا من فقدان الذاكرة إلى تشات جي بي تي. والأمر مشابه لإمكانية حذف سجل الإنترنت من المتصفح، سيسمح تشات جي بي تي بحذف الذكريات من الإعدادات، أو بإخباره في المحادثة أن ينسى شيئًا ما.

حتى الآن، هذا اختبار بين بعض مستخدمي تشات جي بي تي المجاني والمدفوع، ولم توفر OpenAI جدولًا زمنيًا لإتاحة الذاكرة لجميع المستخدمين. وقد أضافت OpenAI أيضًا ميزة الذاكرة لتطبيقات تشات جي بي تي الجديدة، ما يعني أن المطورين يستطيعون تفعيلها داخل تطبيقات الدردشة التي يبنونها، ولن يكون لأولئك المطورين حرية الوصول إلى الذكريات المخزنة ضمن تشات جي بي تي.

أهو قريب جدًا من القدرة البشرية؟

يبدو تهديد ذكاء اصطناعي يؤرشف ذاكرة مديدة أخطر من ذكاء اصطناعي بالكاد يتذكر محادثات سابقة تذكرًا عابرًا، ما يقتضي بطبيعة الحال النظر في مسألة الخصوصية. فهل ستظهر الذكريات التي يحفظها تشات جي بي تي عند شخص آخر؟ غالبًا لا لأن OpenAI تتعهد باستبعاد الذكريات تلقائيًا من البيانات التدريبية لتشات جي بي تي.

تقول OpenAI في مدوَّنتها مثلًا «نتخذ خطوات لتقييم التحيُّزات وتخفيفها وإبعاد تشات جي بي تي عن التذكر الاستباقي للمعلومات الحساسة، كتفاصيل صحتك إلا إذا طلبت بوضوح مباشر».

قد يساعد ذلك قليلًا لكن على تشات جي بي تي تحديد الفرق ما بين المعلومات المهمة والمعلومات الحساسة، لكن الخط الفاصل بينهما ليس واضحًا.

قد يترتب على هذا التحديث تداعيات هامة، إذ يبدو تشات جي بي تي في المحادثات الفورية المتحكَّم بها بالفعل شبيهًا بالإنسان، ولكن هلوساته وذكرياته الضبابية وكيفية بدء المحادثة أحيانًا، تجعل الفرق واضحًا بما يتطلب بضع مليارات إضافية من العصبونات.

لكن وجود الذكريات، وإيرادها خصوصًا في محادثاتك مع تشات جي بي تي، قد يغيّر ذلك؛ فعلاقاتنا مع الآخرين تتبع بأغلبها إلى الخبرات والذكريات المشتركة معهم، ونستخدمها لصياغة تفاعلاتنا ونقاشاتنا، فهي كيفية تواصلنا. وبالتأكيد سينتهي بنا الأمر إلى الشعور باتصال أوثق مع تشات جي بي تي الذي يتذكر تفضيلاتنا وكل الأشياء التي نحبها.

اقرأ أيضًا:

تشات جي بي تي قد يكذب ويغش ويستخدم التداول إذا وضع تحت الضغط لكسب المال

هل بوسع تقنيات الذكاء الاصطناعي المُطوّرة الجديدة اكتشاف السخرية؟

ترجمة: سليمان عبد المنعم

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: أحلام مرشد

المصدر