وجد العلماء ارتباطًا بين مقدار ما يعرفه الناس ومدى معارضتهم الحقائق العلمية المُتفق عليها، بعد استقصاء رأي آلاف الأمريكيين بلقاح كوفيد-19، والتغير المناخي، والقضايا الأخرى المُختلَف عليها.

أظهرت دراسةٌ جديدة أن الذين يجادلون في الحقائق العلمية المثبتة مثل: فعالية اللقاح، أوالتغير المناخي، أوالانفجار العظيم يبالغون في تقدير معرفتهم في تلك المواضيع.

أجرى الدراسة علماء من جامعة براون، وجامعة ولاية بورتلاند وجامعة كولورادو بولدر. إذ استقصوا في أثنائها آراء آلاف الأمريكيين على الإنترنت حول الحقائق العلمية، وآرائهم حول ثماني قضايا مختلَفٍ عليها، من ضمنها لقاح فيروس كوفيد-19.

وجد العلماء أن الذين أجابوا بشكلٍ صحيح على المزيد من الأسئلة الواقعية، كانت آراؤهم متوافقةً مع الحقائق العلمية المُتفق عليها، أما الذين أجابوا على الأسئلة الواقعية بشكلٍ خاطئ لكنهم اعتقدوا أنهم فهموا المواضيع المحددة جيدًا، عارضوا الحقائق العلمية.

على سبيل المثال: أجاب العديد من الأشخاص الذين عارضوا أخذ اللقاح في تموز عام 2020 بشكل خاطئ عن كيفية انتشار الفيروس، وعمل اللقاح، واعتقدوا أنهم يمتلكون فهمًا عميقًا حول كيفية عمل اللقاح.

يقول ستيفن سلومان المؤلّف المساعد للدراسة، وأستاذ العلوم الإدراكية واللغوية والنفسية في جامعة براون: «أظهرت النتائج أن اتفاق الناس أو اختلافهم مع العلماء، لا يعتمد على كيفية فهمهم الحقائق العلمية جيدًا فقط، بل يعتمد أيضًا على كيفية إدراكهم الجيد لفهمهم الخاص».

أوضح البحث مدى ترسخ الحقائق البديلة في عدة مجتمعات، إذ يقول سلومان في حديثه عن ذلك: «من المؤسف أن نرى مجتمعنا يعود إلى العصر الذي كان فيه فهم الناس لِما هو صحيحٌ محكومًا بمعتقدات الآخرين من حولهم، أكثرَ من العمل الجاد الذي يقوم به العلماء لاختبار فرضياتهم اعتمادًا على الأدلة».

قال نك لايت المؤلّف الرئيسي للدراسة، والأستاذ المساعد في التسويق في جامعة ولاية بورتلاند: «أوضحت الدراسة أن سبب كون الحقائق العلمية المعتمدة على التدخلات الثقافية، محدودةَ النجاح في إقناع الناس بالحصول على اللقاح، أو تقليل آثار انبعاث الكربون التي يسببونها».

يضيف لايت: «لسنوات عدة يعتقد الأذكياء أن تعليم الناس ما ينقصهم يُعد الطريقة لتقريبهم من العلم، لكن لسوء الحظ توجد أزمة ثقةٍ تعترض طريق التعلم. فعندما يعتقد الناس أنهم يعرفون الكثير، سيكون الحافز عندهم لتعلم المزيد أقل».

وفقًا للايت فإن الذين يعارضون أغلب العلماء في المواضيع المثيرة للجدل، يكونون بحاجة إلى فهم كل ما يجهلونه حول هذه المواضيع قبل أن يتقبلوا التدخلات الثقافية؛ التي يمكن أن تحسّن الرفاهية المالية والصحة الشخصية، وغيرها الكثير. لكنّ القول أسهل من الفعل، فلا أحد يحب أن يُنعت بالجهل.

قدّم لايت وسلومان والمؤلفون المساعدون للدراسة، طريقتين ممكنتين لمساعدة الناس في فهم تعقيد الحقائق العلمية وإقناعهم بالوثوق بالخبراء. إحدى الطريقتين تقوم على تشجيع الناس على شرح أسس الظواهر العلمية المعقدة، مثل: اللّقاح والتغير والمناخي، بالإضافة إلى محاولة ملء الفجوات المعرفية لدى الشخص. أمّا الطريقة الأخرى فتعتمد على مقارنة الحقائق العلمية المعقدة، مع المواضيع المفهومة جيّدًا عندهم، مثل تلك المرتبطة بأعمالهم، أو هواياتهم، الأمر الذي سوف يساعدهم على تصور كم من الوقت والمعرفة يتطلب الأمر لإتقان أحد مواضيع العلم، وزيادة ثقة الناس بالخبراء الذين يمضون سنوات أو عقودًا يعملون في مجال علمي معين.

إنّ تبني قادة المجتمع -مثل المسؤولين وزعماء الكنائس، والوجهاء المحترمين في المجتمع بما يمتلكونه من قوة تأثير مهمة- سلوكًا معينًا سيدفع أفراد المجتمع إلى القيام بالشيء نفسه.

يميل الناس بطبيعة الحال إلى القيام بما يتوقع المجتمع منهم القيام به. لذا عندما تُعرّض المواقف المعادية للعلم حياةَ الناس للخطر، يكون لزامًا على المجتمع تغيير أفكاره، لتلائم الحقائق العلمية المُتفق عليها.

اقرأ أيضًا:

لماذا ينخدع الناس بالأخبار العلمية الزائفة؟

تاريخ الثورة العلمية، كل ما تود معرفته

ترجمة: هادي سلمان قاجو

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر