يقول مثل من القرن السادس عشر: «ليس من الحكمة بيع جلد الدب قبل اصطياده»، وهو ما يوافقه من الأمثال العربية: «لا تشتروا سمكًا في الماء».

يفسر لنا المثل السابق سر إطلاق مصطلح «الدب» في وول ستريت على المتداوِل الذي يبيع أسهمه لتوقعه انخفاض قيمتها لاحقًا. ولذلك يُعرف السوق الذي يشهد انخفاضًا مستمرًا في أوراقه المالية ومنتجاته -مثل سوق الأسهم الأمريكية الحالي- باسم السوق الهبوطي أو سوق الدب (Bear Market)، وسنعتمد في هذه المقالة تسمية السوق الهبوطي، لتفريقه عن السوق الصاعد أو سوق الثور (Bull Market) الذي يُعرف بأنه بالسوق الذي يشهد ارتفاعًا مطردًا في قيمة أصوله مدة زمنية معينة.

يشيد كاتب هذا المقال بأهمية تدريس طلاب العلوم المالية والمصرفية فرضية السوق الفعال، القائمة على منطقية تسعير الأسهم، والتي تُحدد وفقًا للمعطيات المتاحة في السوق، إلا أن تقلبات سوق الأسهم الكبيرة تستدعي أحيانًا استخدام ما يسمى بمصطلحات الاستثمار «الحيوانية» مثل الدببة والثيران التي تدل على هبوط وصعود الأسواق.

ما الذي يميز السوق الهبوطي؟

تعرّف لجنة مراقبة الأوراق المالية والبورصات السوق بأنه هبوطي -حسب تصنيف مؤشر ستاندرد آند بورز 500- عندما يشهد سوق واسع انخفاضًا نسبته 20% أو أكثر مدة لا تقل عن شهرين. أما في حال شهد السوق ارتفاعًا نسبته 20% أو أكثر مدة تزيد عن شهرين، يسمى حينها سوقًا صاعدًا. الجدير بالذكر أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الذي يضم أشهر الشركات الأمريكية كان قد انخفض بنسبة 24% منذ أن بلغ ذروته في الثالث من يناير 2022.

لا يأخذ الجميع مدة الشهرين تلك على محمل الجد. على سبيل المثال، انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نسبة 34% أسابيع قليلة في مارس 2020 جراء انتشار جائحة كوفيد-19، إلا أن العديد من المحللين سرعان ما وصفوا السوق حينها بالهبوطي. يسمى الشكل المخفف من السوق الهبوطي بالتصحيح، ويشهد السوق في أثنائه انخفاضًا نسبته 10-20% عن ذروته الأخيرة.

يقدر بعض المحللين وجود 26 سوقًا هبوطيًا بحسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منذ 1928، إذا ما استثنينا السوق الهبوطي منذ بداية 2022. بلغ متوسط مدة الانخفاض التي شهدتها الأسواق نحو 289 يومًا للسوق الهبوطي الواحد، انخفاضًا قيمته نحو 36%. كان الأطول مدة بينهم السوق الممتد بين عامي 1973-1974، حين استمر انخفاض السوق 630 يومًا.

شهدت المدة ذاتها عددًا أقل من الأسواق الصاعدة، فبلغت نحو 24 سوقًا صاعدًا منذ 1928، بيد أنها استمرت أوقاتًا أطول، ومنها ما استمر عدة سنوات.

أهمية السوق الهبوطي

يعطي السوق الهبوطي إشارات لاحتمالية حدوث الركود رغم كون هذه الإشارات غير أكيدة، إذ إن ثلاثة أسواق هبوطية من بين 12 سوقًا منذ الحرب العالمية الثانية لم تؤول إلى الركود في نهاية المطاف.

يعد السوق الهبوطي بيئةً غير صالحة لأي شخص يستثمر في الأسهم، سواء كان مالكًا لحصة مباشرة في أبل أو وولمارت، أو أحد المستفيدين من خطة 401(k) للمدخرات التقاعدية، ولا سيما المتقاعدين الجدد الذي يؤثر السوق الهبوطي في مدخراتهم مباشرةً، فيؤدي إلى انكماش أرباحهم التي يتلقونها على مدخراتهم التقاعدية.

إضافةً إلى كل ما سبق، قد يكون للسوق الهبوطي تأثيرات نفسية تصيب المستثمرين، إذ سيهلع المستثمر إلى بيع المزيد من أسهمه فور إدراكه تحول السوق إلى سوق هبوطي، ما سيؤدي إلى هبوط أسعار الأسهم أكثر واستمرار هبوط السوق.

اقرأ أيضًا:

ما هي الأسواق المفتوحة؟

فرضية السوق المتكيف

ترجمة: ذوالفقار مقديد

تدقيق: أسعد الأسعد

المصدر