السيلينيوم أحد المعادن الأساسية لأجسامنا، مع ذلك لا يُبدي معظم الناس اهتمامًا به مقارنةً بغيره من المعادن مثل الكالسيوم والحديد. يؤدي السيلينيوم دورًا شديد الأهمية في دعم وظائف الجسم. لكن هل يعني ذلك أن له فوائد طبية محتملة؟ أو أن تناول كميات زائدة منه قد تمثل مشكلة حقيقية؟

ما هو السيلينيوم؟

السيلينيوم أحد العناصر الزهيدة –النادرة- واكتُشف عام 1817. تعود تسميته إلى اسم الإلهة اليونانية للقمر، سيلين. يتشكل السيلينيوم طبيعيًا في القشرة الأرضية، لكنه يوجد أيضًا في الهواء والماء والتربة.

على هذا يحتوي مجال واسع من مصادر الغذاء والمكملات الغذائية أيضًا على السيلينيوم. يوجد السيلينيوم بمستويات عالية خصوصًا في الجوز البرازيلي، الذي بينت بعض المصادر أن 28 غرامًا منه تحتوي على 544 ميكروغرام من السيلينيوم، أي أكثر من 900% من كمية السيلينيوم الموصى بتناولها يوميًا للأشخاص الأكبر من 14 عامًا.

يوجد السيلينيوم أيضًا بمستويات مرتفعة في المنتجات الحيوانية الغنية بالبروتين مثل المأكولات البحرية، إذ إن كلًا من التونة الصفراء والمحار مصدران غنيان بالسيلينيوم، إضافةً إلى اللحوم مثل لحم البقر والخنزير والدجاج والديك الرومي والبيض.

ما دور السيلينيوم في أجسامنا؟

السيلينيوم معدن شديد الأهمية للإنسان، رغم احتياجنا إلى كمية صغيرة منه فقط. تعود أهمية السيلينيوم إلى أنه مصدر أساسي للسيلينوبروتينات، وهي مجموعة من البروتينات التي تؤدي عددًا من الوظائف الضرورية في الجسم، التي تشمل بناء الحمض النووي وتنظيم وظائف الغدة الدرقية والتكاثر.

يعني ذلك أن استهلاك كمية غير كافية منه قد تؤدي إلى مشكلات واضطرابات صحية، لكن ذلك أمر نادر الحدوث. الأشخاص الذين يعيشون في مناطق تربتها فقيرة بالسيلينيوم، ومرضى فيروس نقص المناعة البشري، والأشخاص الذين يخضعون لغسيل الكلى لمدة طويلة، أكثر عرضة لخطر نقص السيلينيوم في الجسم، وما يسببه من اضطرابات صحية، خصوصًا داء كيشان وداء كاشين بيك.

داء كيشان هو أحد أنواع أمراض القلب المعروفة باسم اعتلال العضلة القلبية، التي تتمثل بتأذي العضلة القلبية وموتها، ما يؤثر في قدرة القلب على ضخ الدم إلى الجسم. أما داء كاشين بيك فهو أحد أنواع التهاب المفاصل الرثياني، إذ يتعرض المريض لتنكس في غضاريف الجسم، ما يسبب ألم المفاصل وصعوبة تحريكها.

هل للسيلينيوم فوائد في مجال الطب؟

1- السرطان:

تبحث عدد من الدراسات دور السيلينيوم في حماية الحمض النووي من الأذى. قد يسبب تأذي الحمض النووي دون إصلاحه، أو إصلاحه بطريقة غير صحيحة، إلى الإصابة بالسرطان، من ثم اتجه الباحثون إلى دراسة: هل يساعد السيلينيوم على الوقاية من السرطان؟ باستغلال دوره الوقائي للحمض النووي.

حتى الآن لا تدعم الأبحاث والدراسات الفرضية السابقة. بينت أحدث الدراسات عدم وجود أدلة تشير إلى أن زيادة استهلاك السيلينيوم تقي من الإصابة بالسرطان، إلا أنها أوضحت ضرورة إجراء مزيد من الدراسات لدراسة أثر السيلينيوم في خطر الإصابة بالسرطان لدى الأشخاص الذين يملكون خلفية وراثية محددة أو حالة غذائية خاصة.

2- قصور الغدة الدرقية:

تبحث الدراسات: هل يساعد السيلينيوم على منع تطور داء هاشيموتو؟ وهو اضطراب صحي يهاجم فيه جهاز المناعة الغدة الدرقية للجسم، ما يؤدي إلى نقص نشاط الغدة وتراجع وظائفها، ما يُعرف بقصور الغدة الدرقية.

ما زال العلماء يبحثون دور السيلينيوم في هذه الحالة. وجدت دراسة أن استهلاك مرضى داء هاشيموتو مكملات السيلينيوم يُعد أسلوبًا واعدًا، إذ تخفض مستويات الهرمون الذي يكون مرتفعًا نتيجة الاضطراب السابق. مع ذلك، نظرًا إلى نقص البيانات، ما زال من الضروري إجراء مزيد من الدراسات والأبحاث في هذا المجال.

3- قشرة الرأس:

للسيلينيوم مجموعة من التأثيرات المثبتة في مجال علاج قشرة الرأس. يُعد سلفيد السيلينيوم أحد المكونات الشائعة للشامبو المضاد لقشرة الرأس، لدوره الفعال في القضاء على الفطور التي تسبب حكة فروة الرأس وتقشرها.

هل يمكن للفرد استهلاك كمية زائدة من السيلينيوم؟

قد يشكل نقص السيلينيوم مشكلة حقيقية نظرًا إلى أدواره الأساسية في الجسم، إلا أن استهلاك كمية زائدة من السيلينيوم قد يسبب مشكلات لا تقل خطورتها عن خطورة الاضطرابات الناتجة من نقصه.

يُعد استهلاك كمية زائدة من السيلينيوم أمرًا يسهل حصوله اعتمادًا على مصدره. يشكل تناول الجوز البرازيلي أحد أسهل طرق حدوث ذلك، إذ تحتوي حبة واحدة منه 68 – 91 ميكروغرامًا من السيلينيوم، أي 123 – 165% من الاحتياج اليومي للأشخاص أكبر من 14 عامًا.

توصي المعاهد الوطنية للصحة بألا يتجاوز الاستهلاك اليومي من السيلينيوم 400 ميكروغرام للبالغين.

قد يؤدي تناول المصادر الغنية بالسيلينيوم مثل الجوز البرازيلي يوميًا إلى التسمم بالسيلينيوم، الذي تتمثل أعراضه بطعم معدني في الفم ورائحة نفس تشبه رائحة الثوم، يتبع ذلك مشكلات الشعر والأظافر مثل هشاشتها وتساقطها. قد يؤدي الاستهلاك المزمن لكمية زائدة من السيلينيوم إلى الغثيان والإسهال والتغيرات المزاجية والطفح الجلدي، وفي الحالات الشديدة صعوبة التنفس والرجفة، وقد يصل الأمر إلى الفشل الكلوي والفشل القلبي والوفاة.

الخلاصة أنه من الضروري تناول كمية قليلة فقط من السيلينيوم، أما تناول وجبة من الجوز البرازيلي والمحار والتونة فقد يترافق مع سلبيات تفوق الإيجابيات.

اقرأ أيضًا:

هل يساعد السيلينيوم على خسارة الوزن؟

سلسلة السموم، الجزء السابع السيلينيوم

ترجمة: رهف وقاف

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: باسل حميدي

المصدر