الشكل السداسي لزحل يغير لونه من الأزرق إلى الذهبي، ولا أحد يعلم السبب!


لم نرى شيئًا مثل هذا في الكون بأسره، والآن أصبح الشكل السداسي الغامض على القطب الشمالي لكوكب زحل أكثر غرابة.

خلال أربع سنوات فقط، تحول لون الشكل السداسي لزحل من الأزرق إلى الذهبي، أفضل تفسير نملكه حاليًّا لتلك الظاهرة هو: حصولها عندما يستعد القطب الشمالي لزحل لاستقبال الإنقلاب الصيفي الخاص بالسنة القادمة.

هذا وقد تم اكتشاف الشكل سداسي الأضلع لزحل قبل حوالي 30 سنة، حيث يصل قطره إلى 32.000 كيلومتر (20.000 ميل)، ويمتد لحوالي 100 كيلومتر (60 ميل) إلى الأسفل في الغلاف الجوي الكثيف للكوكب.

وكما يتضّح من مراقبات فواياجر لوكالة ناسا ومركبة كاسيني الفضائيَّة، تدور كلُّ نقطة من الشكل السداسي حول مركزها بنفس السرعة تقريبًا التي يدور عليها كوكب زحل حول محوره.

وعلى حافة ذلك الشكل السداسي، تهب تيَّارات هوائيَّة قويَّة نحو الشرق بسرعة تصل إلى 321 كلم/سا.

بالإعتماد على المعلومات المتعلقة بحجمه وحركته، استنتج العلماء أنَّ الشكل السداسي هو عبارة عن نمط واسع من السُحُب، نشأت بسبب إعصار دائم يدور في مركز القطب الشمالي للكوكب.

و يقدّر العلماء وجود هذه العاصفة لمدة تصل إلى عقود عديدة ــ وربما حتَّى لقرون.

وبينما نحن واثقون من ماهية الشكل السداسي لكوكب زحل، يبقى اللغز الكبير هو سبب وجوده من الأساس.

عندما تمتلك دوَّامة هائلة من الهواء، من السهل أن تبقيها في حالة دوران ــ لكن القوة التي تحتاج إليها لخلق الدوامة من أساسها هو الأمر الذي يصعب شرحه.

في هذا الشأن يقول تشارلز شوي (Charles Q. Choi) من موقع سبايس : >>اختلف العلماء حول عدد من التفسيرات لأصل الشكل السداسي<<، ويضيف : >>على سبيل المثال، يمكن لدوَّامات من الماء داخل دلو أن تخلق دوَّامات لها ثقوب مع أشكالٍ هندسيَّة.

على كل حال، لا وجود لدلوٍ ضخم على زحل بالتأكيد ليمسك بهذا الشكل السداسي العملاق.<<

أمَّا الآن، فنحن بحاجة إلى تفسير ظاهرة أخرى ــ لقد لاحظت مركبة كاسيني لونين مختلفين تمامًا للشكل السداسي الغريب لكوكب زحل في الفترة ما بين نوفمبر 2012 و سبتمبر 2016 :

%d8%b2%d8%ad%d9%841

أفضل فرضيَّة نملكها الآن أنَّ هذا ما يبدو عليه زحل عندما يغيّر الفصول.

مع سنة تصل إلى 29 سنة أرضيَّة، يغيّر زحل فصوله مرَّة كل 7 سنوات أرضيَّة، وارتفاع أشعة الشمس في السنوات الثلاث الأخيرة قد يفسِّر اللون الذهبي الضبابيّ، وتشرح ناسا ذلك :

>>يُعتقد أن التغيّر في اللون يرجع إلى تأثيرات فصول زحل. بشكل خاص، التغير من اللون الأزرق إلى الذهبي قد يعود إلى الإنتاج المتزايد للضباب الضوئي في الغلاف الجوي عند اقتراب القطب الشمالي من الوصول إلى الإنقلاب الصيفي في مايو 2017.<<

إذن كيف يحصل ذلك؟ يُعتقد أن العاصفة سداسية الأضلع تعمل كنوعٍ من الحواجز المانعة لجسيمات الضباب المنتجة خارجًا من الدخول.

وقد تمَّ تأكيد ذلك عندما قام العلماء بتحليل الشكل السداسي بألوانٍ مزيَّفة، حيث لاحظوا اختلافًا في نوع الجسيمات المحتجزة في الغلاف الجوي ــ داخل العاصفة سداسية الشكل و خارجها.

في هذا الصدد يشرح كونيو ساياناجي (Kunio Sayanagi) من جامعة هامبتون، في تصريح يعود إلى سنة 2013 : “في داخل الشكل السداسي، نجد عدد قليلًا من الجسيمات الكبيرة و مركَّزًا من جسيمات الضباب الصغيرة، بينما في خارجه العكس صحيح.” ،يضيف : >>التيارات النفاثة السداسيَّة تعمل كحاجز، وهذا ما ينتج عنه شيء شبيه بثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي للأرض.<<

في غضون الشتاء القطبي بين نوفمبر 1995 و أغسطس 2009، أصبح الغلاف الجوي للقطب الشمالي بزحل نقيًّا من الهباء الجوي الناتج عن التفاعلات الكيميائية – الضوئية، ــ وهي تفاعلات تحدث بسبب تفاعل أشعة المس مع الغلاف الجوي ــ ولهذا رأينا الشكل السداسي شمال زحل باللون الأزرق :

%d8%b2%d8%ad%d9%842

لكن عندما وصل زحل إلى فترة الإعتدال (تساوي الليل والنهار) في أغسطس 2009 ــ حيث تتوجه الشمس مباشرةً نحو خط إستواء زحل ــ تعرَّض الكوكب إلى كميَّة أكبر فأكبر من أشعة الشمس بشكل تدريجي.

هذا يعني أنَّه في الثلاث سنوات السابقة، تم إنتاج الهباء الجوي داخل العاصفة السداسيَّة وحول القطب الشمالي، وهذا ما تسبَّب في تحول الجو القطبي إلى شكل ضبابي وذهبي عند تصويره مؤخرًا.

دون أدلة أخرى، يبقى هذا مجرَّد تخمينًا مبنيَّا على معرفة سابقة، والعلماء في وكالة الناسا يقومون الآن بإجراء تحريَّات قصد معرفة ما يحصل هناك حقًّا.

تقول ناسا : >>تأثيرات أخرى مثل التغيرات في دوران الغلاف الجوي، قد يكون لها دورٌ في ذلك<< لتضيف أيضًا في تصريح لهذا الأسبوع : >>يعتقد العلماء أنَّ تغيرات الفصليَّة لأنماط التدفئة الشمسيَّة قد يكون لها تأثير على الرياح في المناطق القطبيَّة.<<

تواصل كاسيني مدارها حول زحل و أقماره، تيتان وميماس ودافنيس وميثون وكذلك باندورا في الأشهر القادمة.

لذلك كن على استعداد لرؤية صور أكثر غرابة لتحولاتها الموسميَّة.


إعداد : وليد سايس
تدقيق: جمان الرشدان
المصدر