سينتهي مخزون الوقود النووي لشمسنا في غضون 5 مليارات سنة، ولن تقدر على دعم نفسها ضد جاذبيتها الخاصة. ستنتشر الطبقات الخارجية بعيدًا وربما ستدمر الأرض، بينما ستنهار النواة إلى حالةٍ لا تصدق من الكثافة تاركةً وراءها بقايا نجمية.

إذا كان انهيار الجاذبية لنواة نجمية كاملًا، ستشكل البقايا النجمية ثقبًا أسود، الذي يُعَدُّ منطقةً من الزمكان لها تأثير كبير لدرجة أن الضوء نفسه لا يستطيع الهروب منه.

إذن، هل ستصبح الشمس ثقبًا أسود عندما تموت؟

الجواب باختصارٍ: لا، لا تمتلك الشمس ما يلزم لتصبح ثقبًا أسود.

قال زافيير كالميه خبير الثقوب السوداء وأستاذ الفيزياء في جامعة سوسيكس في الولايات المتحدة: «الأمر بسيطٌ للغاية، الشمس ليست ثقيلةً بما يكفي لتصبح ثقبًا أسود».

تؤثر عدة عوامل فيما إذا كان بإمكان النجم أن يصبح ثقبًا أسود، بما في ذلك تركيبه ودورانه والعمليات التي تتحكم بتطوره، لكن يبقى المتطلب الرئيسي هو الكتلة المناسبة وفقًا لما ذكره كالميه.

وقال أيضًا: «النجوم التي تمتلك كتلةً أوليةً تزيد عن 20-25 ضعفًا من كتلة الشمس لديها إمكانية للخضوع لانهيار الجاذبية اللازم لتكوين الثقوب السوداء».

يُعرف هذا الحد باسم حد تولمان-أوبنهايمر-فولكوف، حسبه لأول مرةٍ ج. روبرت أوبنهايمر وزملاؤه.

يظن العلماء في الوقت الراهن أن النجم المحتضر يجب أن يترك وراءه نواةً نجميةً يبلغ وزنها نحو ضعفين إلى ثلاثة أضعاف كتلة الشمس لتكوين ثقبٍ أسود. لذا نظريًا، هل ستصبح الشمس ثقبًا أسود إذا كانت كتلتها ضعف الكتلة الحالية؟ هذا غير صحيح أيضًا.

عندما ينفد الوقود النووي في نواة النجم، تستمر عمليات اندماج الهيدروجين إلى هيليوم في طبقاته الخارجية. لذا مع انهيار النواة، تتوسع الطبقات الخارجية للنجم ويدخل في مرحلة تُعرف بالعملاق الأحمر.

عندما تصبح الشمس عملاقًا أحمر بعد نحو 6 مليارات سنة، أي بعد مرور مليار سنة على نفاد الهيدروجين في نواتها، ستتوسع حتى تصل إلى مدار المريخ تقريبًا، مبتلعةً الكواكب الداخلية والأرض. ستبرد الطبقات الخارجية للعملاق الأحمر مع مرور الوقت وتنتشر لتشكل سديمًا كوكبيًا حول نواة الشمس الملتهبة.

تمر النجوم الضخمة التي تنتج ثقوبًا سوداء بعدة فترات من الانهيار والتمدد، فاقدةً كتلةً أكبر في كل مرة. وذلك لأنه في الضغوط والحرارات العالية لهذه النجوم الثقيلة، يمكن النجوم أن تدمج العناصر الأثقل. ويستمر ذلك حتى تصبح نواة النجم مكونة من الحديد، وهو أثقل العناصر التي يمكن للنجم إنشاؤها، وينفجر النجم بما يُعرف بالسوبرنوفا مؤديًا إلى فقدان المزيد من الكتلة.

وفقًا لوكالة ناسا، فإن الثقوب السوداء التي تُعد نموذجية من حيث كتلة النجم -أصغر التنوعات التي رصدتها علماء الفلك- تكون أثقل ثلاث إلى عشر مرات من الشمس، لكنها قد تصبح أثقل بمقدار 100 مرة من الشمس. لا تبدأ الثقوب السوداء ذات كتلة النجم الضخمة بهذه الكتلة، بل تصبح أثقل بسبب التغذية على الغاز والغبار القريب، وحتى على أنقاض نجمها المرافق إذا كانت تتبع نظامًا ثنائيًا سابقًا.

ومع ذلك، فإن الشمس لن تصل إلى مرحلة اندماج الحديد. عوضًا عن ذلك، ستصبح الشمس نجمًا قزمًا أبيض، وهو نجم صغير وكثيف بحجم الأرض، كما أشار كالميه. لذا، لن يبتلع الأرض ثقب أسود، ما لم يكن الكون بأكمله بالفعل داخل ثقب أسود.

اقرأ أيضًا:

رصد أقدم ثقب أسود نعرفه حتى الآن، أكبر من الشمس بنحو 9 ملايين مرة

ولادة ثقب أسود جديد تسبب حدوث انفجارات في الفضاء تعد الأكثر لمعانًا على الإطلاق

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: باسل حميدي

المصدر