ذكي، واثق، فكاهي، طيب القلب! إذا كنت قد أنشأت ملفًا شخصيًا للبحث عن شريك عبر الانترنت، على الأرجح أنك فكرت بالصفات التي تبحث عنها وتجذبك في شريك الحياة. لكن من أين تأتي هذه الأفكار؟ والسؤال الأهم: هل تعكس هذه الصفات تجاربنا الفعلية؟

وفقًا لبحث جديد من جامعة تورونتو، اتضح أن ما يعتقد الناس أنهم يحبونه في الشريك الرومانسي وما يريدونه في الواقع قد يكونان شيئين مختلفين، إذ تعتمد الصفات التي نعتقد أننا نحبها على السياق الاجتماعي الذي نواجه فيه هذه الصفات من الآخرين.

يقول أندريه وانغ، أستاذ مساعد في قسم علم النفس في جامعة تورونتو سكاربورو، مؤلف مشارك في دراسة جديدة تبحث مصدر أفكارنا حول الإعجاب بشيء ما: «تستند الأفكار حول الصفات التي نحبها إلى التجربة، إذا كنت أحب حس الفكاهة فقد يكون لأنني قابلت أشخاصًا مضحكين وأحببتهم».

لكن التجربة ليست العامل الوحيد. يشير البحث إلى أن «الصفات التي نعتقد أننا نحبها تعتمد أيضًا على السياق الاجتماعي الذي نواجه فيه هذه الصفات» كما تقول ألين دا سيلفا فروست، طالبة دكتوراه في جامعة كاليفورنيا، مؤلفة مشاركة في الدراسة.

مثلًا، إذا حضر شخص حفلًا وقابل أشخاصًا مضحكين، فقد يخرج من الحفل معتقدًا أنه يفضل الأشخاص المضحكين. في الواقع، قد لا تكون صفة الفكاهة هي ما أعجبه بل السياق الذي واجه فيه هذه الصفة، وقد صدف أن روح الدعابة طاغية في الأجواء.

تقول فروست: «لذلك، لا يتطابق بالضرورة ما نظن أننا نحبه مع ما نفضله بالفعل».

وجد الباحثون ارتباطًا ضعيفًا بين ما يعتقد الناس أنهم يحبونه وبين ما يدفعهم إلى الإعجاب الفعلي. في الواقع، قد تؤدي أفكار الناس حول الإعجاب وتجاربهم الفعلية إلى قرارات وأفعال مختلفة.

اختبر الباحثون هذا التأثير ضمن أربع دراسات منفصلة ضمّت 1300 مشارك. في الدراسات الثلاث الأولى، أظهرت النتائج ارتباطًا ضعيفًا بين أفكار المشاركين حول مدى إعجابهم بسمة ما في الشريك الرومانسي وبين مدى إعجابهم الفعلي بهذه السمة.

قد تؤثر التغيّرات الطفيفة في البيئة في أفكار الأشخاص حول مدى اعتقادهم بأنهم يحبون سمة ما. في الدراسة الأخيرة، طلب الباحثون من المشاركين تقييم مدى إعجابهم ببعض الصفات مثل الثقة، ثم قيّم المشاركون مدى إعجابهم بمجموعة من الملفات الشخصية للمواعدة عبر الإنترنت، وأشاروا إلى مدى استعدادهم للتسجيل في مواقع المواعدة للبحث عن شريك بناءً على الملفات الشخصية التي رأوها.

أظهرت النتائج اختلافًا في التوقعات، بين ما اعتقد المشاركون أنهم يحبونه وبين ما أعجبهم من الصفات. مثلًا، لم يرتبط مدى إعجاب المشارك بصفة الثقة باهتمامه بالتسجيل للبحث عن شريك يعرض صورةً لشخص واثق. في حين ارتبط مدى إعجاب المشارك بسمة الثقة بعد تجربتها بالفعل برغبته في تجربة مواعدة شخص يمتلك هذه السمة.

يقول وانغ: «بعد التجربة المجانية، لم تعد الأفكار المتعلقة بالإعجاب مهمة حقًا. في هذه المرحلة، ما يهم أكثر هو التجربة، لأنه فور تجربة شيء ما يصبح ذلك هو الدليل الذي تتبعه».

«إن أفكار الناس حول ما يحبونه مفيدة في العديد من الحالات لكنها ليست بديلًا عن خوض التجارب الفعلية. التمييز بين ما نظن أننا نحبه وبين ما يدفعنا بالفعل إلى الإعجاب بشيء ما قد يكون مفيدًا في العديد من المواقف، مثل اختيار مكان السكن، وما تفضل شراءه من المتجر، وكذلك سمات الشريك الرومانسي».

«من المحتمل أن يستبعد الأشخاص الشركاء المحتملين بناءً على سمات معينة يظنون أنهم يحبونها، لكن لم يجربوها فعليًا».

«قد يكون الناس مقيدين للغاية بأفكارهم الخاصة حول الإعجاب لدرجة أنهم يحدّون من فرص المواعدة، وقد يصفّون الفرص سلفًا، دون معرفة هل ستجعلهم هذه الفرص سعداء حقًا أم لا؟».

اقرأ أيضًا:

نغمة بيانو واحدة لتخفيف الكوابيس

ألواح الويجا: قوى خارقة أم تأثير نفسي؟

ترجمة: سارا رياض الخضر

تدقيق: نايا كركور

المصدر