الكوابيس عند الأطفال شائعة وتحدث أكثر عندما يكون الطفل منهكًا أو متوترًا. ربما تعرف جيدًا تلك اللحظة التي تستيقظ فيها وأنت تتصبّب عرقًا باردًا. تعلم أنك لست في خطر حقيقي، لكنك تعلم أيضًا أن الكابوس الذي تستيقظ منه كان واقعيًا بشدّة.

عندما يتعرض الأطفال للكوابيس، يشعرون أنهم ما يزالون في مشكلة حقيقية، فيصرخون ويركلون ويتلاطمون، وهذا ما قد يمنعهم من العودة إلى النوم في أي وقت قريب. ولتعقيد الأمور أكثر، الخوف من الكوابيس المستقبلية يجعل الطفل عصبيًا ولا يرغب في الذهاب إلى النوم في الليالي التالية.

تقول عالمة نفس الأطفال كاترينا ليتزنبرج: «تسبب الكوابيس عند الأطفال دورة من عدم القدرة على النوم، وتؤدي الكوابيس إلى خوف من الظلام أو خوف من النوم. هذا الخوف يعني أنهم ينالون نومًا أقل، ولأنهم منهكين قد يؤدي ذلك إلى الكوابيس. إنها حلقة مفرغة».

من الطبيعي أن يكون للأطفال كوابيس. تصل نسبة حدوث الأمر إلى نصف الأطفال في العالم تقريبًا. لكن لماذا؟ وكيف تساعد طفلك في التغلب عليها؟ فيما يلي بعض النصائح من الدكتورة ليتزنبرج لمساعدة طفلك عندما تبدأ كوابيسهم.

متى تبدأ الكوابيس؟

وفقًا لمجلس النوم للأطفال، لا يعتقد الباحثون أن الأطفال الرضع يعانون من الكوابيس. من الشائع أن يصرخ الرضع والأطفال الصغار عندما يستيقظون في الليل، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أنهم يعانون من كابوس.

لكنها منطقة صعبة الدراسة، فالرضع والأطفال الصغار لا يستطيعون التعبير بسهولة عن مخاوفهم وأحلامهم، لذا لا نستطيع أن نعرف بالضبط ما يجري معهم أثناء نومهم. توضح الدكتورة ليتزنبرج:

«يُعتقد أن الأطفال الصغار جدًا، الذين لم يبلغوا من العمر 4 سنوات تقريبًا، ليس لديهم مخاوف في الليل عمومًا لأنهم لا يعرفون أن هناك أشياء تثير الخوف، ويبدأون في رؤية المزيد من الخوف والكوابيس في سن ما قبل المدرسة. في هذا العمر، يصبحون أكثر ابتكارًا ولديهم المهارات اللّفظية ليخبرونا بما يشعرون به ويحلمون به».

كوابيس أم رعب الليل؟

الأطفال الأصغر سنًا، وتحديدًا تحت سن السابعة تقريبًا، يعانون من أحلام مرعبة على نحو أسهل من الكوابيس، وبالوسع التمييز بينهما.

تحدث الكوابيس td أثناء مرحلة النوم السريعة (REM)، وهي المرحلة الأقل عمقًا من النوم. عندما يرى الطفل كابوسًا، يستيقظ بدهشة وارتباك وخوف ويبكي، وقد يخبرك عن كابوسه.

الرعب الليلي (أو رعب النوم) عادة ما يحدث في أثناء أعمق مرحلة من النوم خارج مرحلة REM، والمعروفة أيضًا بالنوم الموجي البطيء. وعندما يعاني طفلك رعبًا ليليًا، يصرخ أو يصيح ولكنه في الواقع ليس مستيقظًا، ولن يستجيب بسرعة لكلمات الراحة أو العناق، ولن يتذكر الحادثة في الصباح.

تقول الدكتورة ليتزنبرج: «الأطفال الصغار يملكون المزيد من النوم الموجي البطيء مقارنة بالمراهقين والبالغين. تحدث أشياء كثيرة في أثناء نمو أجسامهم، ويلزمهم أن يقضوا وقتًا أطول في هذا النمط العميق من النوم لتعزيز تطورهم ونموهم الصحي».

لماذا تتكرر كوابيس الأطفال؟

نعتقد غالبًا أن النوم وقت لا يحدث فيه الكثير، لكن الأمور مضللة، فعندما يغفو طفلك، يعمل دماغه بجهد لمعالجة أحداث اليوم ومشاعره، ويؤدي النوم دورًا في التعلم وتثبيت الذاكرة أيضًا. وفقًا للمعاهد الوطنية للصحّة، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن النوم يؤدي دور التنظيف أيضًا، أي أنه في أثناء نومك يزيل دماغك السموم المتراكمة خلال النهار.

وبينما يعمل دماغ طفلك بجهد في أثناء ورديّته الليليّة، يحلم بحلم صغير. لكن في بعض الليالي، تتحول تلك الأحلام إلى رؤىً مظلمة، والنتيجة هي الكوابيس.

الكوابيس أكثر شيوعًا إذا كان طفلك يعاني من:

  •  القلق.
  •  الخوف.
  •  نقص النوم (النوم القليل أو منخفض الجودة).
  •  التوتر.
  •  الصدمة.

تشيع الكوابيس بين الأطفال، ولكن محتوى تلك الأحلام من المرجح أن يتغير مع تقدمهم في العمر.

توضح الدكتورة ليتزنبرج: «يمتلك الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة خيالًا واسعًا، وغالبًا لا يستطيعون التفريق بين ما هو حقيقي أو غير حقيقي، لذا في كثير من الأحيان تكون كوابيسهم عبارة عن مطاردتهم من قبل مخلوقات وهمية وما إلى ذلك، مع مرور الوقت، تصبح كوابيس طفلك أكثر ارتباطًا بالعوامل المسببة للضغط في حياته. مثل التجارب السلبية في المدرسة أو المشكلات مع الأصدقاء».

كيف نساعد في منع الكوابيس؟

الكابوس العابر هو مجرد انقطاع طفيف على شاشة نوم طفلك، أما الكوابيس المتكررة أو الكوابيس المؤدية إلى قلق في النوم قد تلحق الفوضى باحتياجات نوم أطفالك وباحتياجات نومك أيضًا. وتقترح الدكتورة ليتزنبرج أربع طرق لمساعدة طفلك على التغلب على كوابيسه.

 ذكرهم بما هو حقيقي وما هو ليس حقيقي

يواجه الأطفال الصغار والرّضع صعوبة في فهم ما هو حقيقي أو غير حقيقي، فقد يصعب عليك مثلًا أن تشرح لطفل في مرحلة ما قبل المدرسة لماذا تستطيع إلسا بطلة فيلم Frozen صنع رجل ثلج من الهواء النقي بينما لا يستطيع هو ذلك. وينطبق نفس الأمر على الكوابيس، قد تبدو حقيقية على نحو مرعب إذ يصعب على الصغار تمييز ما عاشوه في نومهم عمّا يحدث فعلًا.

تقول الدكتورة ليتزنبرج: «قد تبدو الكوابيس حية وحقيقية على نحو كبير، وقد تكون مخيفة حقًا. تذكير طفلك خلال النهار بأن الأحلام ليست حقيقية يساعد قليلًا، فتستطيع قول أشياء مثل: الكوابيس قد تبدو مخيفة حقًا، ولكنها ليست حدثًا فعليًا. أنت آمن في سريرك وفي غرفتك».

يكتب الأطفال الأكبر بقليل بطاقات يتركونها في أماكن يستطيعون رؤيتها، ويكتبون على هذه البطاقات ملاحظات مثل (الكوابيس ليست حقيقية) أو (أنا آمن في سريري).

 اجعل النوم أولوية

من المرجح أن يكون لدى طفلك كوابيس عندما يعاني من قلة النوم. إذ تقول الدكتورة ليتزنبرج: «الكوابيس هي نوع من اضطرابات النوم، لذا ترتبط بجودة النوم السيئة أو عدم الحصول على ساعات نوم كافية».

حافظ على أطفالك من خلال جدول زمني منتظم للنوم استنادًا إلى التوصيات بشأن مقدار النوم الذي يحتاجه الأطفال.

 تشجيع الاستقلال

عندما يستيقظ طفلك من كابوس، أو يؤخر وقت النوم مرة أخرى بحجة خوفه من الذهاب إلى النوم، يسهل عليك الاستسلام وجلبه إلى سريرك معك. وبينما تفضّل بعض العائلات مشاركة السرير، إذا كانت نيتك أن ينام طفلك على نحو مستقل، سترغب في الالتزام بهذا الأمر.

تنصح الدكتورة ليتزنبورج: «حتى إذا كان عليك البقاء في غرفة طفلك لفترة قصيرة لمساعدته على الاسترخاء والنوم، هذا أمر مقبول، لكن عندما تُخرج الطفل من غرفته وتتركه ينام معك، سيعزز الفكرة في ذهنه أن غرفته ليست آمنة بطريقة ما، وهذا ليس بيت القصيد».

 تقديم أغراض مريحة

إذا كان طفلك مصممًا على أنه يحتاج إليك للبقاء، تقترح الدكتورة ليتزنبورج تقديم وسيط: «امتلاك عنصر مريح خاصًا به في سريره يساعده في تطوير ارتباط النوم، يمكن لطفلك أن يربط هذا الغرض بالنوم، ويساعده أيضًا على استقلاله بحصوله على الراحة من غرضه الخاص دون الحاجة إلى شخص آخر».

قد تكون عناصر الارتباط بالنوم أي شيء يحتفظ به طفلك في السرير ويوفر له الراحة، ومن العناصر الشائعة البطانيّات والألعاب المحشوة. تقول الدكتورة ليتزنبورج:

«يمكن أيضًا أن يكون شيئًا مثل قميص الوالدين أو غطاء الوسادة. شيء يشمل رائحة شخص يحبه يمكن أن يكون مصدر راحة للطفل».

متى يجب أن أقلق من كوابيس طفلي؟

إذا كانت الكوابيس تؤثر في نجاح طفلك في المدرسة أو قدرته على التفاعل مع الأصدقاء أو العائلة، تقول الدكتورة ليتزنبورج: «من المحتمل أنّه حان الوقت للتحدث مع طبيب الأطفال أو مقدم الرعاية الصحية الآخر حول استراتيجيات لدعمهم».

ويجب التذكير بأهمية أن تعرف أطفالك واحتياجاتهم أفضل من أي شخص تقريبًا، فإذا كنت قلقًا بشأن كوابيس طفلك وتأثير الكوابيس في نومه وتطوره الصحي، فلا تتردد في الاتصال بمقدم الرعاية الصحيّة للحصول على الدعم.

اقرأ أيضًا:

ماذا يحدث في أدمغتنا عندما نرى كوابيس؟

نغمة بيانو واحدة لتخفيف الكوابيس

ترجمة: عقيل الحسن

تدقيق: المايا محمد علي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر