شاع انتشار الهواتف المحمولة في كل مكان، ولم يعد أحد يفكر كيف تعمل هذه الأجهزة التي لها فوائد كثيرة كما لها مساوئها أيضًا، وربما تكتشف المخلوقات الفضائية وجودنا بواسطتها.

لو تمعنّا في آلية عمل الهواتف المحمولة، فحينها يتبين أن مجموعةً واسعةً من أبراج الإرسال اللاسلكية مسؤولة عن تشغيلها. وتغطي هذه الأبراج الخلوية حيزًا كبيرًا من مساحة الأرض، سيما في المناطق المكتظة بالسكان، ووظيفتها نقل الإشارات المكروية طيلة الوقت.

تصدر أبراج التغطية جميعًا إشارات راديوية، لذلك يطرح السؤال المثير الآتي نفسه: ماذا لو استطاعت حضارة غريبة من المخلوقات الفضائية اكتشاف الإشارات؟

نُشرت إجابة هذا السؤال مؤخرًا في (Monthly Notices of the Royal Astronomical Society)، ولا بد من قراءة النتيجة التي وصلوا إليها.

تُشير الورقة البحثية في البداية إلى تغير طبيعة إشارات الراديو المتدفقة إلى الفضاء منذ القرن العشرين وحتى الآن، إذ كانت معظم الإشارات في القرن الماضي تأتي من محطات الإذاعة وشاشات التلفاز التجارية، بينما تتضاءل هذه الإشارات الآن أمام تلك القادمة من الهواتف المحمولة، وتتصدر إرسالات الرادارات العسكرية بشدة التسرب بين أقرانها على كوكب الأرض، في حين تتبعها إرسالات أبراج تغطية الهواتف المحمولة في المرتبة الثانية.

يُصدر برج التغطية الخلوي الواحد قوة إشارة تتراوح شدتها بين 100 إلى 200 واط، ويصل المجموع الكلي إلى بضعة الجيجاوات، وتصل هذه الإشارات إلى الفضاء بعد أخذ عدد الأبراج الكلي في الحسبان ومقدار التسرب اللاسلكي.

إذا افترضنا وجود حضارة من المخلوقات الفضائية لديها قدرات متطورة في مجال علم الفلك الراديوي، فمن المفترض أنها قادرة على اكتشاف الإرسالات القادمة من كوكب الأرض نحو الفضاء على بعد 12 سنة ضوئية تقريبًا، وذلك بافتراض وجود تقنية شبيهة لما يقدمه تلسكوب أفق الحدث مثلًا.

يعتمد كل ما سبق على مكان وجود المخلوقات الفضائية بالنسبة للأرض، إذ تصدر معظم الطاقة الراديوية القادمة من أبراج التغطية الخلوية على منحى موازٍ لسطح الأرض، وتختلف قوة الإشارة بالنسبة للكائنات الفضائية (بوصفهم مراقب الخارجي) بسبب دوران الأرض حول نفسها، وتصل إلى ذروتها بالنسبة لهم حين يرونها تستقر فيما يقابل موقعهم.

من البديهي أيضًا حصول الكائنات الفضائية على إشارة قوية من نصف الكرة الشمالي مقارنةً مع النصف الجنوبي، وذلك بسبب تركّز أبراج التغطية هناك.

تبرز المشكلة الأخرى في اختلاف أبراج التغطية عن بعضها، إذ تتداخل مع بعضها على نحوٍ يُصعّب على المخلوقات الفضائية التمييز بين أي إشارة محددة، لكن لا داعي للقلق على تجسس هذه المخلوقات الفضائية على المكالمات الشخصية.

قد يتمكن الفضائيون من استعمال الإشارات ومعرفة بعض الأمور المثيرة للاهتمام عن كوكب الأرض، فسيستطيعون معرفة مقياس دوران الأرض والميل المحوري، لأن توزع الأبراج يتوافق مع توزع السكان تقريبًا.

سيصبح بحوزتهم أيضًا معلومات عن توزع اليابسة، ما يمكّنهم مع مرور الوقت من دراسة توزع السكان عليها والتغيرات الحاصلة.

عمل الفريق على نمذجة الإشارات المرئية والقادمة من ثلاثة نجوم قريبة. يقع Alpha Centuari من جهة نصف الكرة الجنوبي على بعد 4 سنوات ضوئية فقط، ما يعني أن المخلوقات الفضائية هناك تستطيع الحصول على إشارة قابلة للدراسة قادمة من الأرض. أما من جهة النصف الشمالي فيقع Bernard’s Star على بعد 6 سنوات ضوئية، وعلى بعد 8 سنوات ضوئية يقع HD 95735، وبالوسع أيضًا الحصول على بيانات إشارات قابلة للدراسة منهما.

لكل من أنظمة النجوم المذكورة سابقًا كواكب، لكن لا تصلح أي منها للحياة. ستصبح إشارات أبراج التغطية على كوكب الأرض أقوى مع اعتماد تقنية 5G المتطورة، وسيؤدي ذلك إلى وصولها إلى عدد أكبر من النجوم المجاورة التي قد توجد فيها المخلوقات الفضائية فتعثر عليها وتدرسها.
إنها مسألة وقت قبل أن تصل إشارات الهواتف المحمولة إلى المخلوقات الفضائية.

اقرأ أيضًا:

فيزيائي يقترح تفسيرًا قاتمًا لسؤال لماذا لا نرى أبدًا مخلوقات فضائية؟

هل رصد تلسكوب فاست الصيني إشارات من مخلوقات فضائية؟

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: ميرڤت الضاهر

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر