يُعد البيض غذاءً أساسيًا للأمريكيين، ففي السنة الواحدة يستهلك المواطن الأمريكي وسطيًا نحو 300 بيضة، في صورة طبق من البيض أو جزءًا من وجبات أخرى مثل المعجنات.

يعد الباحثون العصر الحالي العصر الذهبي للدجاج، ويظل البيض ذا أهمية كبيرة في الحضارة المعاصرة، وإن اقتصر ذلك على الصعيد الجيولوجي.

تتصف أنظمة الغذاء في الولايات المتحدة بالمركزية، ما يعني أن تغيرات بسيطة في أحدها، لها تداعيات كبيرة على البقية.

يتمثل ما سبق في ارتفاع الأسعار الجنوني للبيض بداية هذا العام، لذا أصبحت بعض الأُسر تسعى إلى تخطي مشكلات سلاسل التوريد.

زاد الطلب على تربية الدجاج في المنازل خلال فترة الجائحة وبداية العام في رد فعل للتضخم الذي شهدته البلاد، لكن تتعدد التحديات والعقبات التي تُصعب تطبيق هذه الفكرة. في الوقت المناسب، ظهرت مؤخرًا شركة ناشئة تُسمى كوب، تسعى إلى تخطي العقبات السابقة.

أسس شركة كوب كل من آي جي فورسايث وجوردن بارنز سنة 2021. تعمل الشركة على مبدأ الجمع بين تقنيات المنزل الذكي، والتطبيق العملي لفكرة بناء منزل ذكي للدجاج في الفناء الخلفي لأي منزل.

يقول بارنز إنه لا يفوت فرصة فيها مجال لذكر كلمة دجاجة، فالكلمة تظهر ضمن المحتوى التسويقي على موقع الشركة، إضافةً إلى ذكرها ضمن منتجاتهم، بل إنها موجودة أيضًا في اسم الشركة. تعني كلمة CMO كبير مسؤولي التسويق، لكنها أيضًا قد تعني مسؤول تسويق الدجاج.

دعا بارنز والمؤسس المشارك فورسايث «بوبيولار ساينس» إلى فناء على السطح في الجانب الشرقي العلوي، لرؤية مثال عن المنزل الذكي والتحدث عن التقنية المستخدمة.

أمضوا جميعًا وقتًا في الحديث عن الدجاج، بعد أن قضوا أكثر من 10000 ساعة في تصميم الحظيرة. ساعدهم فريد بولد الذي عمل سابقًا على منتجات جوجل نست، في وضع تصور لمستقبل الشركة.

يضم المقر الرئيسي للشركة في أوستن نحو 30 دجاجةً، ويُربي كل من بارنز وفورسايث الدجاج في منازلهم أيضًا.

يقول المؤسسان إنهما أمضيا وقتًا طويلًا رفقة الطيور، وتعلما منها حتى كادا يُصبحان مثلها.

يبيض الدجاج عادةً 5 بيضات أسبوعيًا، ذلك تبعًا لظروف الطقس والترتيب الهرمي للدجاجة. وتحصل الدجاجة الأولى في الترتيب على المزيد من الغذاء، وتزداد إنتاجيتها للبيض.

يقول بارنز: «لا تُمكن زعزعة ترتيب الدجاج، فهو أمر مُطلق ويُحدد الإنتاجية». تُمكن الاستفادة أيضًا من مخلفات الدجاج في التسميد، يقول بارنز: «تأكل الدجاجات كأنها ملكات، فنحن نُطعمها السوشي والطعام التايلندي والبيتزا».

يتمتع الجيل الأول للمنزل الذكي بمكان لمبيت الدجاج وسياج سلكي وأضواء يُتحكم فيها من بُعد وكاميرات مراقبة. يحتاج مالك الحظيرة إلى شبكة واي فاي ومئة قدم من العشب الأخضر ليبدأ العمل. يقول بارنز: «يُفضل الدجاج التجول معًا، لذلك من الأفضل أن تترك لهم مساحةً كافيةً، لكن بالتأكيد لا ضرورة لوجود سهول واسعة».

«فكرنا مليًا في العتاد الصلب للمنزل الذكي قلبًا وقالبًا. يتميز المنزل الذكي بأنه مُصمم للدجاج بامتياز، ويتضح ذلك بالنظر إلى القضبان وطولها وطرق التهوية».

أمضى العاملون في الشركة 4 أسابيع في تصميم مكان ملائم للبراز ويُسهل عملية التسميد. إذ وجدوا بعد إجراء البحث التسويقي أن مشكلة تنظيف الحظيرة كانت السبب الرئيسي في عدم تربية الناس للدجاج.

أوقف الفريق أيضًا عملية تصنيع المنزل الذكي قبل شهور قليلة من إطلاقه بعد إدراكهم أن القضبان المنخفضة المحيطة بسياج القفص كانت واسعة، ما يُسهل مثلًا تسلل مخالب راكون ضال إلى الداخل، فكانت مهمتهم إعادة تصميم القضبان حتى تُصبح أضيق.

تهدف الشركة إلى إنشاء نظام تقني يُسهل تربية الدجاج للمبتدئين. يتضح ذلك بعد النظر إلى استبيان أجرته الشركة، تبين فيه أن 56% من زبائنهم لم يُربوا الدجاج سابقًا.

يتميز المنزل الذكي من إبداع شركة كوب بذكائه الاصطناعي، وهو برمجية تُسمى ألبرت إيغستاين. يُمكن لألبرت تحديد موقع الدجاج وأي حيوانات مفترسة في الجوار.

يقول بارنز: «هذا ما يجعل الشركة مميزةً، فالكاميرا المستخدمة يُمكنها تحديد عدد الدجاج ضمن مجال الرؤية، وتستطيع تمييزهم عن بعضهم أيضًا. ثم تُستعمل هذه المعلومات في الحصول على مخرجات عبر تطبيق، شبيه بما تُقدمه شركة أمازون عبر أمازون رينج».

يتفق ذوو الصبر في عملية تربية الدجاج على أن أهم مهارة هي تحديد الكائنات المفترسة، وتتفوق برمجية شركة كوب بقدرتها على تصنيف الكائنات المفترسة القريبة، سواء كانت فئران المسك أو الصقور أو الكلاب، بدقة تبلغ 98%.

يقول فورسيث: «طورنا عددًا كبيرًا من البرامج على الكاميرات. ونُنفذ مجموعة من أعمال الرؤية الحاسوبية والتعلم الآلي المعنية بمراقبة الصحة من بُعد واكتشاف الحيوانات المفترسة. مثلًا إذا اكتشفنا وجود حيوانات الراكون في الخارج، يتبع ذلك إغلاق الباب أوتوماتيكيًا والحفاظ على سلامة الدجاجات».

يتكون النظام من كاميرتين، واحدة متمركزة في الخارج في أثناء التشغيل، والأخرى متمركزة داخل عش الدجاج.

يجري رفع الباب تلقائيا بعد 20 دقيقةً من شروق الشمس. يُمكن لميزة تسمى وضع العش أن تُخبر المالكين إذا كانت جميع دجاجاتهم قد عادت إلى مكانها لتبيض.

يُدرب برنامج الرؤية الحاسوبية عبر قاعدة بيانات تضم نحو 7 ملايين صورة، ويوجد أيضًا برنامج للكشف عن الصوت، يمكنه استنتاج الحالة المزاجية للدجاج وسلوكياته عبر طبقة الصوت ونمط القرقرة والتغريدات والتنبيهات.

يُمكن أيضًا وضع تقارير تلخيصية كل أسبوع، وإرسال ملاحظات إلى أصحاب الدجاج لإخبارهم مثلًا أن الراكون ظهر خلال الليالي الثلاث الماضية. يُنبه المالكين أيضًا بالأحداث الاجتماعية، مثل جاهزية البيض ليُجمع.

توجد ميزة أنشأها الفريق تسمى كلاك توك، يمكنها قياس مستوى أصوات الدجاجات لإجراء تقييم عام حول ما إذا كانت جائعةً أو سعيدةً أو حاضنةً -أي عندما تريد الجلوس على بيضها- أو في خطر.

تتعدد السلوكيات الخاصة بالدجاج، التي يمكنهم بناء نماذج محاكية لها. يوضح فورسيث قائلًا: «من المحتمل أن نُضيف في غضون 6 – 12 شهرًا، ميزة المراقبة الصحية من بُعد، فمثلًا بالإمكان معرفة حالة الدجاجة هنريتا إذا لم تشرب الماء خلال الساعات الست الماضية وما إذا كانت خاملةً قليلًا».

سيكون ذلك جزءًا من خطة لتطوير وتجسيد عرض الرعاية الصحية من بُعد الذي يمكنه ربط المالكين بالأطباء البيطريين، ما سيمكنهم من التواصل ومشاركة مقاطع الفيديو معًا.

بدأت الشركة بالإنتاج واسع النطاق لجيلها الأول من المنزل الذكي الأسبوع الماضي. إذ تُصنع الهياكل في ولاية أوهايو بالاستفادة من عملية متخصصة تسمى روتومولدنج، التي تشبه طريقة صنع مبردات ييتي.

لدى الشركة الآن 50 عميلًا وافقوا على التسجيل للحصول على تجربة المنزل الذكي الخاص بكوب، وتُقدم الشركة سعرًا منخفضًا للمنضمين الجدد قدره 1,995 دولارًا.

يتعين على العملاء أيضًا دفع رسوم اشتراك شهرية قدرها 19.95 دولارًا لأجل ميزات التطبيق، مثل أدوات الذكاء الاصطناعي، مثلما تفعل شركات بيلتون ونست.

تقدم الشركة أيضًا خدمات مثل رعاية الدجاج، تُسمى على نحو مناسب مناقصات الدجاج، إضافةً إلى المنزل الذكي.

عمل فورسيث وبارنز على تجربة عدد من الأفكار الجديدة لتطبيقها على الجيل الثاني من المنزل الذكي. لا بد أنهما يُفكران في صنع منزل ذكي أكبر حجمًا -النسخة الحالية يمكنها استيعاب ما بين أربع إلى ست دجاجات- أو ربما نسخة تأتي مع مسدس مائي لردع الصقور. يُباع الدجاج على نحو منفصل.

اقرأ أيضًا:

من جاء أولًا البيضة أم الدجاجة؟

بغض النظر عما تعتقده، الدجاج ليس غبيًا

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر