ماذا لو كنا نستطيع تخطي الأشياء والنظر داخلها وإلى ما ورائها؟ كما يحدث باستخدام الأشعة السينية.

ربما يكون هذا ضربًا من ضروب الخيال، لكنّه الآن أصبح واردًا مع تصدير تقنية الذكاء الاصطناعي هذه.

رفع مجموعة من الباحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة رايس اللثام عن تقنية ذكاء اصطناعي جديدة ضمن مجال الرؤية الحاسوبية، وُصفت بأنها مبتكرة وبمقدورها تغيير منظورنا للعالم المحيط بنا. فبوجود هذه التقنية يمكن تحويل الأغراض اللامعة إلى كاميرات تسمح لنا بمراقبة جميع ما تؤدي انعكاساتها إليه وبطريقة فريدة.

ترتكز هذه الطريقة على مبدأ التقاط مجموعة من الصور لغرض ما ومن زوايا مختلفة، ثم تعمد إلى إمرار الأسطح الملتقطة إلى مستشعر افتراضي هدفه استنباط الانعكاسات. يأخذ بعدها نظام الذكاء الاصطناعي المرافق تلك الانعكاسات الملتقطة، ويقدّر على إثرها عمق رؤية كل مشهد كاشفًا كل ما سُتر عن الرؤية.

وبهذا الخصوص، يقول كوشاغرا تيواري بوصفه مؤلف رئيسي مساعد للبحث وطالب دراسات عليا لدى مجموعة Camera Culture في Media Lab: «لقد قدمنا نموذجًا فريدًا بمقدوره تحويل أي سطح إلى مستشعر افتراضي مستخدمين بهذه العملية فكرة تحويل الغرض إلى بكسلات افتراضية ومستشعرات. وبالوسع الاستفادة من هذه التقنية في مجالات عديدة».

من المقرر مشاركة فريق البحث (المؤلف الرئيسي أكشات ديف من جامعة رايس، ونيخيل بيهاري، وتزوفي كلينغهوفر، وأشوك فيراراغافان، وأيضًا راميش راسكار) ضمن مؤتمر ذي مكانة مرموقة في مجال الرؤية الحاسوبية والتعرف على الأنماط، لمناقشة ما آلت إليه النتائج.

هل توجد أي منهجية تطبيقية متّبعة للاستفادة من هذه التقنية؟

تتميز تقنية الذكاء الاصطناعي هذه بتعددية استخدامها ضمن مجالات لا حصر لها، يعزى هذا لما تتيحه من خدمات لمستخدميها، فهي تسمح لهم برؤية الزوايا المختلفة متناسية وجود معوقات على خطوط رؤيتهم، وتبرز فائدة هذه التقنية بشدة في المركبات ذاتية القيادة.

مثلًا، لنتخيّل سيارة ذاتية القيادة تستفيد من انعكاسات أعمدة المصابيح أو المباني المحيطة بطريقها لتفهم ما حولها بدقة عالية، خاصةً عندما تعرقل طريقها شاحنة متوقفة. هذا المثال ليس استشرافًا للمستقبل، بل هو قابل للتطبيق العملي ومن شأنه إحداث ثورة تقنية في مجالات الأمان والنقل البري ذاتي القيادة.

لكن الأمر ليس بالبساطة التي نراها في المسلسلات حين يحسّن المحققون صورة منعكسة بطريقة سحرية لتقودهم إلى حل الجريمة، فغالبًا ما تشكّل الانعكاسات صورة مشوهة ومحدودة، وللتغلب على هذا التحدي تمكّن الباحثون من تبسيط الانعكاسات المأخوذة بتقنية تستخدم الأغراض وكأنها كاميرات حقول إشعاعية (Objects as Radiance-Field Cameras) أو باختصار (ORCa).

تتضمن هذه التقنية ثلاث خطوات:

  •  التقاط صور عديدة لنفس الغرض وبزوايا مختلفة مع التركيز على الانعكاسات المولّدة نتيجة الأسطح الملساء.
  •  تحويل الأسطح الخاصة بالغرض إلى مستشعرات افتراضية تلتقط بدورها الضوء والانعكاسات لتصبح الأغراض اللامعة أشبه بكاميرات.
  •  يستفيد نظام الذكاء الاصطناعي المرافق من البكسلات الافتراضية الخاصة بسطح الغرض في إعادة خلق بيئة ثلاثية الأبعاد من منظور ذلك الغرض.

لا تكمن قوة ORCa في ذلك فقط، فتحليل الانعكاسات المتعددة من شأنه رفع القدرة في تقدير العمق ما بين الغرض الساطع والأغراض الأخرى المضمنة في نفس المشهد، وبالوسع أيضًا التنبؤ بشكل الغرض، وأيضًا كشف النقاب عن المزايا المخبأة في الزوايا أو خلف ما يعيق الرؤية بواسطة تمثيل الحقل الإشعاعي خماسي الأبعاد. يمكن وصفها بعبارات أخرى أشبه برؤية العالم كله بواسطة مجموعة جديدة من الأعين.

لم يتوقف الباحثون عند هذا الحد، إذ يعملون أيضًا على استكشاف قدرات جديدة لتقنية الذكاء الاصطناعي هذه، وتحديدًا بالتصوير بواسطة المسيّرات الجوية (الدرون) الذي سيعزز قدرات نظام الذكاء الاصطناعي لما تقدمه من زوايا صور جديدة. وقد فتحت هذه التقنية أيضًا أبواب مجالات بحثية تهدف إلى استحداث توازن ما بين مجالات الرؤية الحاسوبية وابتكاراتها الحديثة التي تسعى إلى تعزيز استيعابنا للعالم المحيط.

اقرأ أيضًا:

تجربة لا تُصدق: الذكاء الاصطناعي قادر على قراءة أفكارنا وتحويلها إلى صور!

هل سيتمكن الذكاء الاصطناعي المتقدم مستقبلًا من حل كل المسائل في عالمنا؟

ترجمة: علي الذياب

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر