أحد أغرب النجوم في مجرة درب التبانة قد أصبح أكثر غرابة، إنه نجم مغناطيسي يسمى XTEJ1810-197، اكتُشف في عام 2003 إذ بدأ حينها يقذف موجات راديوية هائجة، وتوقف في 2008 مختفيًا عن الأنظار.

استيقظ النجم مجددًا في 2018، لكن كان هناك شيء غريب بخصوص الإشعاع الذي كان ينبعث منه.

حلل العلماء تلك الموجات الراديوية في ورقتين بحثيتين منفصلتين وحصلوا على نتائج سيئة، تلك الانبعاثات الكهرومغناطيسية منخفضة التردد أفعوانية بطريقة لم نلحظها من قبل، ويبدو أن النجم يتذبذب.

يقول عالم الفيزياء الفلكية لهيئة البحوث الأسترالية CSIRO ماركوس لور الذي أنجز الورقة البحثيّة الأولى: «على خلاف الإشارات الراديوية التي سبق أن رأيناها من نجوم مغناطيسية أخرى، يتميز هذا النجم بانبعاث استقطاب دائري سريع التغير، لم نر من قبل مثيلًا لهذا».

ويقول غريغوري ديفينييه من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك الراديوي MPIfR بألمانيا وهو الذي أنجز الورقة البحثيّة الثانية: «توقعنا أن نرى بعض الاختلافات في قطبية انبعاثات هذا النجم المغناطيسي ودونّا هذا قياسًا بنجوم مغناطيسية أخرى، لكننا لم نتوقع أن تكون تلك الاختلافات منهجية جدًا، فاتباع السلوك ذاته ناجم عن تذبذب النجم».

كل النجوم تتميز أن لكلٍ منها له سلوكه الخاص، ولكن من المرجّح أن تكون النجوم الشمسية أغرب من الغرابة، إنها النجوم النيوترونية الفتية جدًا، وهي تمثل بحد ذاتها نوىً منهارةً لنجومٍ ضخمة الكتل التي تحوّلت إلى مستعر أعظم ولفظت معظم مادتها في انفجار هائل.

إنّ النواة التي تظل تنهار تحت الجاذبيّة وهي كثيفة -ما يصل إلى 2.3 مرات من كتلة الشمس- قد سُحقت بداخل كرةٍ يبلغ قطرها 20 كيلومترًا فقط، يتبع عملية الانهيار تلك امتلاك النجوم النيوترونية حقلًا مغناطيسيًا عالي الطاقة على نحو جنوني ولفترة مؤقتة.

إنها أساسًا الأشياء الأعلى مغناطيسية في الكون بحقول مغناطيسية طاقتها تفوق طاقة النجم النيوتروني الطبيعي بأكثر من 1000 مرة، وتفوق طاقة الأرض بأكثر من كوارديليون مرة -واحد بجانبه 15 صفرًا- وهذا ما يجعل سلوك تلك النجوم غريبًا بعض الشيء.

على سبيل المثال، يعتقد العلماء أن حرب شدّ الحبل حصلت بين الحقل الجاذبي والجاذبية الخاصة للنجم المغناطيسي أدّت لاندلاع زلازل هائلة الشدة من وقت لآخر.

بث الموجات الراديوية يسمى التدفقات الراديوية السريعة.

إذن، فقط بكونه نجمًا مغناطيسيّا، يجعل من النجم المغناطيسي XTEJ1810-197 شاذًا وغير مألوف، حتى دون نشاطاته المتقطِّعة التي تجعله مشاغبًا.
غير أن نشاطه الأخير كان غير مسبوق، ومن الممكن أن يمنحنا رؤيةً جديدةً بداخل تلك النجوم الغامضة.

أجرى لوير وديفينييه برفقة زملائهم قياسًا لخاصية الضوء الصادر عن النجم المعروفة بالاستقطاب، وهذا عندما يتم توجيه تذبذب الضوء الواصل إلينا في أحد الاتجاهات المفضلة.

من الطبيعي أن يكون النجم مستقطبًا ويدور بواسطة الحقل المغناطيسي عالي الطاقة الذي يجب أن يمر عبره ليصل إلينا.

وعلى نحو طبيعي، تصدر النجوم المغناطيسية ضوءًا خطيًا مستقطَبًا مع كمية قليلة من الضوء الدائري المستقطَب المنتقل بشكل لولبي.

كان النجم المغناطيسي XTEJ1810-197 الذي عَثر عليه لور وفريقه يُصدر كميات هائلة من الضوء الدائري المستقطَب.

تقترح النظريّة إمكانيّة حدوث ذلك عندما يجب على الضوء التنقّل عبر (حساء) عالي الحرارة من الجزيئات التي يمكن العثور عليها في الحقل المغناطيسي للنجم النيوتروني. لا يتطابق تمامًا سلوك XTEJ1810-197 مع هذا التوقع، لكن لدى الباحثين بعض الأفكار.

يقول لور: «تشير نتائجنا إلى وجود بلازما عالية الحرارة فوق القطب المغناطيسي للنجم المغناطيسي، الذي يعمل كمرشِّح استقطاب. ما يزال يتعيّن تحديد كيف تفعل البلازما ذلك بدقة».

في تلك الأثناء، وجد ديفينييه وفريقه أن الاستقطاب كشف عن تحوّل في اتجاه النجم المغناطيسي فيما يخص الأرض، بعبارة أخرى، يبدو أنه يتذبذب أو يفتل، كلعبة الدوّامة.

لكن أصبح هذا مفاجئًا أيضًا، خلال الأشهر اللاحقة، تخامَد الدوران بشكل ملحوظ وتوقّف تمامًا في النهاية، يؤمن الباحثون أنها قد تكون نشوة على سطح النجم، ما قد يسبب له ذلك تذبذبًا مؤقتًا، وأن يُنتِج أيضًا جزيئات هائلة الحرارة في الحقل المغناطيسي.

ولكن إذا كان الأمر كذلك، وكان الأمر طبيعيًا بالنسبة للنجوم المغناطيسية أيضًا، فقد يدحض ذلك النظرية نادرة الحدوث التي تُعالِج قذف النجوم المغناطيسية لتدفقات راديوية سريعة متكررة نرصدها من حينٍ لآخر.

من ناحية أخرى، قد يكشف هذا السلوك شيئًا جديدًا حول بعض الأجسام الأكثر تطرّفًا في الكون.

يقول عالم الفيزياء الفلكية ليجينغ شاو من جامعة بكين: «التخامد المسبق للنجوم المغناطيسية قد يسلّط الضوء على التركيب الداخلي للنجوم النيوترونية التي ترتبط في نهاية الأمر بفهمنا للبنية والسلوك».

سوف يتعيّن علينا المراقبة متابعين سلوك واضطراب تلك النجوم.

نُشرت الورقتان البحثيتان في مجلة Nature Astronomy.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف جسم غريب على شكل علامة استفهام عملاقة في الفضاء

كوكب غريب لا يُفترض أن يكون موجودًا؛ يبرق وكأنه مرآة معلقة في الفضاء

ترجمة: سليمان عبد المنعم

تدقيق: حسام التهامي

المصدر