مع التقدم الكبير في تقنيات الواقع الافتراضي، فإننا لم نتوقع أن يصل الأمر إلى القدرة على شم الروائح من بعد. كانت التجارب السابقة غالبًا تسعى لدمج الروائح في الواقع الافتراضي باستخدام البخاخات أو الغبار الجوي، التي قد تتطلب تطوير تجهيزات ضخمة، ناهيك عن متطلبات التنظيف الأكثر تعقيدًا.

مع ذلك، نشر علماء من جامعة بيهانغ في الصين وجامعة مدينة هونغ كونغ مؤخرًا تقريرًا في مجلة ناتشر كومينكيشن يوضح بالتفصيل تقنياتهم لدمج الرائحة في الواقع الافتراضي.

الجهاز الأول يمكن ارتداؤه أسفل الأنف مباشرة، بينما يشبه الجهاز الثاني قناعًا ناعمًا. يفعل كلاهما الشيء نفسه حيث يتحكم المقاوم المستشعر لدرجة الحرارة في عنصر التسخين، ويسخن عنصر التسخين بدوره شمع البارافين كريهة الرائحة لتزويد المستخدم بعدد من الروائح (رائحتان للرقعة الأنفية وتسع روائح للقناع). عندما ينتهي وقت الشم، تُزيل لفائف الحث المغناطيسي الحرارة بعيدًا عن الوجه، ما يؤدي إلى طرد الشمع كريهة الرائحة على نحو فعّال.

قال جاس بروكس، طالب الدكتوراه في مختبر التكامل بين الإنسان والحاسوب بجامعة شيكاغو والمتخصص في المواد الكيميائية والروائح: «هذا تطوّر مثير للغاية. هذه التقنية تعالج مشكلة أساسية تتعلق بدمج الروائح في الواقع الافتراضي، ولكن السؤال هنا كيف نجعل هذه التجهيزات أصغر، وكيف يكون هذا الأمر منظمًا أكثر، وكيف يمكن أن نستغني عن استخدام السوائل».

تمكّن المؤلفون من صنع 30 رائحةً مختلفة، من إكليل الجبل العشبي إلى فاكهة الأناناس إلى الفطائر المخبوزة الحلوة، وصولًا إلى الروائح الكريهة، حتى أنها تضمنت بعض الروائح غير اللطيفة مثل رائحة الدوريان الكريهة. تمكّن 11 متطوعًا من اكتشاف الروائح المذكورة بمتوسط معدل نجاح بلغ 93%.

يأمل المؤلفون بجعل هذه التقنية أكثر واقعية، فهي قد تساعد الأشخاص البعيدين جسديًا عن بعضهم بعضًا على الشعور بقربهم مرة أخرى، وهو أمر قد يكون مفيدًا في أثناء عمليات الإغلاق كما في جائحة كوفيد 19.

قال المؤلف والعالم في جامعة مدينة هونغ كونغ، شينغ يو أنه يأمل أن يساعد الجهاز العائلات أو الأزواج على الشعور بالتقارب من خلال خلق روائح مشتركة.

تابع يو: «فيما يتعلق بالترفيه، يستطيع المستخدمون في منازلهم تجربة بيئات خارجية مختلفة مع روائح طبيعية مختلفة عبر الواقع الافتراضي».

قد يساعد أيضًا استخدام هذه التقنية على إعادة تنشيط الذاكرة للأشخاص الذين يعانون تدهورًا معرفيًا، أو حتى مساعدة الأشخاص على تحسين حاسة الشم لديهم بعد فقدان مؤقت بسبب كوفيد 19 أو مرض آخر، وفقًا لتقارير مجلة ساينتفيك أمِريكان. لكن، قبل حدوث أي من ذلك، يخطط الباحثون للعمل على تقليص حجم الأدوات، وربما حتى تغيير مفهوم التذوق بعد ذلك.

اقرأ أيضًا:

اختراع أول بطارية في العالم قابلة لإعادة الشحن وصالحة للأكل!

طريقة جديدة لتطوير تقنية الهولوغرام وإنتاج صور أكثر واقعية

ترجمة: أحمد عضيم

تدقيق: باسل حميدي

المصدر