اكتشف علماء استثناءً لقانون علمي يعود إلى ما يقرب من 200 عام، الذي يحكم كيفية انتشار الحرارة عبر المواد الصلبة.

يُعرف هذا القانون باسم قانون فورييه، ويصف كيفية انتقال الحرارة أو التوصيل الحراري عبر المواد الصلبة. إذ تنتشر الحرارة من طرف الجسم الأكثر سخونة إلى الطرف الأبرد، بمعدل يتناسب مع الفارق في درجات الحرارة والمنطقة التي تمر بها الحرارة.

يتمثل الاستثناء الجديد في أن الحرارة يمكن أحيانًا أن تنتقل بمعدل أسرع من التوقعات المستندة إلى قانون فورييه، خاصةً في بعض المواد التي تمتاز بخصائصها الفريدة، مثل المواد النانوية أو المواد ذات الهندسة المجهرية المعقدة.

ومع ذلك، في العقود القليلة الماضية، اكتشف الباحثون أن نموذج الانتشار هذا لا يعمل على المقياس النانوي، إذ ينهار قانون فورييه ولا يتنبأ بمدى سرعة انتقال الحرارة عبر المواد الصلبة أو بطئه.

كان لدى فيزيائي المواد كايكاي زينغ من جامعة ماساتشوستس في أمهرست وزملائه شكوك حول وجود استثناءات مماثلة لقانون فورييه يمكن العثور عليها على مستوى الماكرو، في المواد الشفافة مثل البوليمرات شفافة الأشكال والزجاج اللاعضوي.

تسمح هذه المواد، بوجود بعض طوليات الموجات من الضوء. وعلى الرغم من أن الضوء لا يمتص تمامًا كما يحدث في المواد الغير شفافة، فإنه يتشتت ويرتد عن الشوائب في هيكل المادة.

قد أدى ذلك إلى أن يفترض زينغ وزملاؤه أنه بجانب انتشار الحرارة عبر هذه المواد الصلبة، فإن شفافيتها قد تسمح أيضًا لطاقة الحرارة بالانتقال عبر المواد في شكل إشعاع حراري أيضًا. إذ تنقل الحرارة الإشعاعية عبر الهواء في شكل أمواج كهرومغناطيسية، وتكون على نحو رئيسي من الأشعة تحت الحمراء، ومثال على ذلك هو الحرارة التي نشعر بها من أشعة الشمس.

يوضح المؤلف الرئيسي ستيف جرانيك، وهو عالم مواد أيضًا في جامعة ماساتشوستس في أمهرست قائلًا: «بدأت هذه الأبحاث بسؤال بسيط: ماذا لو أمكن نقل الحرارة عبر المواد الصلبة بواسطة مسار آخر، ليس فقط الذي افترضه الناس؟».

ثبّت الباحثون أشرطةً من المواد التجريبية وعلقوها، واحدةً تلو الأخرى، داخل غرفة فراغ مصنوعة خصيصًا. وقد أزال الفراغ احتمالية انتشار الحرارة من المواد عبر الهواء.

كتب الباحثون في ورقتهم قبل الشروع في التجارب: «إيجاد انتهاكات لقانون فورييه على مقياس ميكروسكوبي سيكون مفاجئًا لأن ذلك سيتجاوز التفكير القياسي الموجود في الكتب المدرسية».

أطلق الفريق نبضات ليزر فترة قصيرة على المواد لتسخينها، وقاسوا كيفية انتشار الحرارة عبر كل مادة باستخدام ثلاث طرق: مستشعر درجة الحرارة الموضوع مباشرةً على سطح المادة؛ وقياس تغير لون طلاء حساس للحرارة مرسوم على العينة؛ وكاميرا الأشعة تحت الحمراء.

كتب الباحثون: «تظهر البيانات أن التسخين كان أسرع مما يمكن أن يعود إلى التفاعلات الحرارية، ما يشير إلى أن الإشعاع يسهم على نحو كبير في تدفق الحرارة خلال الأوقات الأولى بعد نبضة حرارية، على الرغم من أن المساهمة النسبية للإشعاع تقل عندما يصبح التفاعل الحراري الانتشاري هو المسيطر في الأوقات اللاحقة».

يوضح جرانيك: «قانون فورييه ليس خاطئًا، إنما هو فقط لا يشرح كل ما نراه عندما يتعلق الأمر بانتقال الحرارة».

يقترح الفريق أن المواد الشفافة تنتج حرارة داخليًا لأن العيوب الهيكلية تعمل ماصّات حرارية ومصادر لها، ما يسمح للحرارة بالانتشار من نقطة إلى أخرى بدلًا من الانتشار ببطء. ويضيفون أن نتائجهم قد تساعد المهندسين على تصميم استراتيجيات جديدة لإدارة الحرارة في المواد الشفافة، بعد أن قدمت دراستهم فهمًا موسعًا لكيفية انتشار الحرارة في المواد الصلبة، بعد ما يقرب من 200 عام بعد وصف هذه الظاهرة لأول مرة بالمعادلات الرياضية.

اقرأ أيضًا:

علماء يكتشفون خطأ في فهم قانون فيزيائي أساسي عمره 300 عام!

مشكلة فيزيائية عمرها 100 عام وجد لها حلٌّ

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: حسام التهامي

المصدر