لمفومة الخلايا التائية الجلدية هي مجموعة من سرطانات الدم النادرة التي تؤثر في أكبر عضو من أعضاء جسم الإنسان، وهو الجلد، إذ تنمو معظم الإصابات بلمفومة الخلايا التائية الجلدية ببطء شديد ولا تهدد حياة الإنسان، ولكن قد تتطور إلى أشكال خطيرة عند بعض الأشخاص، يمكن تخفيف أعراضها لكن لا علاج شافٍ تمامًا.

كيف تؤثر لمفومة الخلايا التائية الجلدية على الجسم؟

تُعد لمفومة الخلايا التائية الجلدية جزءًا من مجموعة أكبر من الأمراض تُسمى لمفومة لاهودجكن، وهي أنواع من السرطانات تنشأ من خلايا بيضاء في الدم تُسمى الخلايا اللمفية.

يساعد نوعان من الخلايا اللمفية يُرمز لهما بالرمزان CD4 وCD8 على تنظيم عمل الجهاز المناعي، وتطرأ طفرة على الخلايا اللمفية التائية الجلدية تحولها إلى خلايا سرطانية لا يمكن السيطرة على تضاعفها.
تبدو لمفومة الخلايا التائية الجلدية ظاهريًا كأي مرض جلدي شائع، مثل الصدفية أو الإكزيما أو حتى التفاعلات التحسسية، لذلك غالبًا ما يعاني المصابون الأعراض لأعوام قبل أن يُشخصوا.

يتمثل النوعان الأكثر شيوعًا من لمفومة الخلايا التائية الجلدية في الفطار الفطراني ومتلازمة سيزاري، ويختلف كل نوع منهما في طريقة تأثيره في الجسم. يُعد الفطار الفطراني النوع الأكثر شيوعًا، وهو بطيء النمو، وتنتشر فيه الخلايا السرطانية من الجلد إلى العقد اللمفية أو الأعضاء الداخلية الأخرى، مثل الكبد والطحال أو الجهاز الهضمي، وتسبب مضاعفات مهددة للحياة.

أما متلازمة سيزاري، فتنتشر فيها الخلايا السرطانية (خلايا سيزاري) في الجلد ومجرى الدم، ويعاني المصابون بها احمرارًا منتشرًا على بشرتهم، وقد تمتد إلى العقد اللمفية أو مناطق أخرى من الجسم، وهي داء عدواني ينتشر بسرعة ولا علاج له مع أن هناك إمكانية لتخفيف أعراضه.

هل لمفومة الخلايا التائية الجلدية نوع من سرطان الجلد؟

تُعد لمفومة الخلايا التائية الجلدية سرطانات دموية تؤثر في الجلد، لكنها ليست من سرطانات الجلد. يحدد ذلك مكان بدء تشكل السرطان، إذ يتشكل السرطان في لمفومة الخلايا التائية الجلدية ابتداءً من تحوّر الخلايا اللمفية في الدم، ما يحولها إلى خلايا سرطانية، أما في سرطانات الجلد مثل سرطان الخلايا القاعدية، فيصيب التحور الخلايا الجلدية التي تتضاعف وتتحول إلى سرطانات تحت الجلد.

من يُصاب بلمفومة الخلايا التائية الجلدية؟

يصاب الذكور بلمفومة الخلايا التائية الجلدية أكثر بمرتين من الإناث، ويُعد ذوو البشرة السوداء أكثر عرضةً للإصابة من ذوي البشرة البيضاء والآسيويين، وتصيب هذه اللمفومة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عادةً.

ما سبب شيوع لمفومة الخلايا التائية الجلدية؟

تُعد لمفومة الخلايا التائية الجلدية مرضًا نادرًا. مع أن الفطار الفطراني نوع شائع، فإنه ينمو ببطء شديد سهل العلاج، ويقدّر مقدمو الرعاية الصحية أنه يصيب واحدًا من كل مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية.

الأسباب والأعراض

ما أسباب لمفومة الخلايا التائية الجلدية؟

هناك سببان محتملان للمفومة الخلايا التائية الجلدية، لكن لا يُعرف السبب الدقيق؛ الأول هو الطفرات الجينية المكتسبة، والثاني هو الالتهابات، إذ يكون الجهاز المناعي في حالة تأهب قصوى، ويستجيب نخاع العظم بتصنيع مزيد من الخلايا اللمفية بسرعة، ما قد يحفز حدوث طفرات في الحمض النووي المسئول عن مورثات تؤثر في ظهور اللمفومة.

ما أعراض لمفومة الخلايا التائية الجلدية؟

تتنوع الأعراض حسب نوع الداء ومراحل الإصابة، فقد تظهر أعراض الفطار الفطراني على شكل طفح جلدي أحمر أو بقع حمراء متقشرة على الجسم.

التشخيص والاختبارات

كيف تُشخص لمفومة الخلايا التائية الجلدية؟

تُشخص اللمفومة بمراجعة المركز الطبي والفحوصات البدنية للمريض، إذ يُفتش عن بقع على الجلد، وتؤخذ حالات الحساسية بعين الاعتبار.

ما الاختبارات المطبقة لتشخيص لمفومة الخلايا التائية الجلدية؟

  •  فحص الدم: لفحص تعداد الدم والكهارل ووظائف الكبد والكلية، إضافةً إلى اختبارات خاصة للبحث عن علامات سرطانات اللمفومة في الدم وتعداد أي خلايا سرطانية قد توجد.
  •  الخزعات: خزعات جلدية لتحديد التشخيص، وقد يلزم إجراء عدة خزعات للتأكد، وقد تُخزع الخلايا اللمفية أو أي جزء آخر من الجسم متأثرًا باللمفومة.
  •  إجراءات التصوير: التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالإصدار البوزيتروني لفحص العقد اللمفية أو الأعضاء الأخرى.

مراحل تطور الفطار الفطراني ومتلازمة سيزاري:

تُستخدم أنظمة تحديد مراحل السرطان لتنظيم علاج المرض وتوقع النتائج، وتتدرج مراحل الفطار الفطراني ومتلازمة سيزاري إلى أربع مراحل تتألف كل واحدة منها من أربعة تصنيفات، وتُصنف المراحل في تصنيف آخر يُرمز له بالرمز TNMB، ويعتمد على أربعة عوامل هي:

  •  حجم الورم: يُظهر كمية الجلد المتأثر بالمرض.
  •  العقد اللمفية: يظهر كمية اللمف في العقد اللمفية.
  •  النقيلة: يظهر انتشار اللمفومة من الجلد إلى أعضاء أخرى.
  •  الدم: يظهر كمية الخلايا اللمفية في الدم.

السيطرة على الأعراض والعلاج

كيف تُعالج لمفومة الخلايا التائية الجلدية؟

  •  العلاجات الموجهة للجلد: تُستخدم مراهم موضعية وكريمات وعلاجات خفيفة للمراحل المبكرة من اللمفومة.
  •  العلاج بالأمواج الضوئية: يُطبق في المراحل المبكرة من المرض، وتُستخدم فيه أمواج ضوئية فوق بنفسجية، إذ يُعرض الجلد المصاب للأمواج فوق البنفسجية بعد تناول دواء معين، فتؤثر الأمواج في الدواء وتقتل الخلايا السرطانية، وقد يُجمع بين الأمواج الضوئية والسورالين فيما يعرف بعلاج PUVA.
  •  العلاج الضوئي خارج الجسم: يتضمن دمج الأمواج الضوئية فوق البنفسجية مع السورالين، إذ يؤخذ قليل من دم المصاب للحصول على خلايا الدم البيضاء، وتُخلط تلك الخلايا مع مادة السورالين، ما يجعل الخلايا السرطانية أكثر عرضةً للأشعة فوق البنفسجية، ثم تُعرض هذه الخلايا إلى الأشعة فوق البنفسجية لقتلها، وفي النهاية تُعاد خلايا الدم البيضاء إلى مجرى الدم.
  •  العلاج بالإشعاع: تُستهدف الخلايا السرطانية بالأشعة السينية أو أي مصدر إشعاعي آخر، ما يبطئ نمو السرطان وتأثيره في الخلايا.
  •  العلاج المناعي: يعزز هذا العلاج الجهاز المناعي باستخدام مواد مصنعة مخبريًا أو مكونات من جسم المريض.
  •  العلاج الكيميائي: قد يؤخذ عن طريق الحبوب أو الحقن أو يطبق في المستحضرات الجلدية، مثل الجيل والكريمات التي توضع مباشرةً على الجلد.

الوقاية

هل يمكن الوقاية من لمفومة الخلايا التائية الجلدية؟

لا يُعرف السبب الدقيق الكامن وراء هذا المرض، لكن يُعتقد أن هناك ترابط بينه وبين بعض حالات العدوى أو العلاجات التي تضعف الجهاز المناعي، وتتضمن طرق حماية الجهاز المناعي ما يلي:

  •  التأكد من تلقي كافة اللقاحات في مواعيدها الصحيحة.
  • الحفاظ على وزن مناسب لصحة الجسم.
  •  تناول طعام صحي يتضمن الكثير من الخضراوات والفواكه.
  •  تجنب شرب الكحول أو شربه باعتدال.
  •  الحصول على قسط كافٍ من النوم.
  •  غسل اليدين بانتظام.
  •  محاولة تقليل التوتر وتعزيز الصحة النفسية والجسدية.

التوقعات

لا يمكن شفاء لمفومة الخلايا التائية الجلدية تمامًا، لكن يمكن تخفيف الأعراض وتبطيء نمو المرض، ما يؤدي إلى إطالة العمر المرضى.

ما معدل بقاء المصابين بلمفومة الخلايا التائية الجلدية؟

تتداخل العديد من العوامل في تحديد معدل البقاء لذلك تُفضل استشارة الطبيب المشرف على العلاج بشأن كل حالة على حدة.

التعايش مع المرض

تُعد لمفومة الخلايا التائية الجلدية سرطان يؤثر في الجلد، ويجعله جافًا ومثيرًا للحكة ومتقشرًا. تساعد بعض العلاجات على الحد من تطور المرض، لكن بعضها الآخر يهيج الجلد المتفاقم أصلًا، لذلك يُنصح باتباع الاقتراحات التالية التي قد تساعد على التعايش معه:

  •  إبقاء الجلد مرطبًا: باستخدام الكريمات والمرطبات بعد الاستحمام للإبقاء على الرطوبة وحماية الجلد، إذ يساعد الترطيب على مكافحة الجفاف الذي يزيد حكّة الجلد، ويجعل البشرة متقشرة.
  •  حماية البشرة من التهيج: تكون البشرة أكثر عرضةً للخطر عند الإصابة بلمفومة الخلايا التائية الجلدية، لذلك قد تؤثر بعض الممارسات اليومية الاعتيادية، مثل التعرض للشمس أو استخدام بعض المنظفات والصوابين في البشرة الرقيقة أساسًا. يُنصح بالبحث عن منظفات خالية من العطور وارتداء الملابس التي تحمي البشرة من الشمس، إضافةً إلى وضع الكريم الواقي الشمسي عند الخروج من المنزل وارتداء ملابس فضفاضة تسمح للجلد بالتنفس.
  •  عدم حك الجلد المتهيج: تُعد حكة الجلد المستمرة مشكلة خطيرة تؤثر في نوعية حياة العديد من الأشخاص، ويسبب حك الجلد حدوث التهابات، وتساعد الكمادات الباردة وحمامات الشوفان ومضادات الهيستامين على تخفيف حكّة الجلد.

اقرأ أيضًا:

ما الفرق بين اللوكيميا (سرطان الدم) واللمفومة (الورم اللمفي)؟

اللمفومة اللاهودجكينية Non-Hodgkin lymphoma

ترجمة: ميس مرقبي

تدقيق: غفران التميمي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر