لدى هذا العملاق الإفريقي حمم بركانية سوداء اللون ومعتدلة الحرارة تتدفق بغزارة مثل زيت المحركات!

يُعد أولدوينيو لنغاي أحد أغرب البراكين على سطح الأرض، وربما في كامل المجموعة الشمسية. يبدو من بعيد نموذجيًا، لكن عندما نلقي نظرةً على فوهته الشمالية نراه ينفث بفرادة الحمم السوداء معتدلة الحرارة نسبيًا، التي تتدفق مثل سيلان زيت المحركات.

بموقعه في صدع شرق إفريقيا، شمال تنزانيا، يُعد أولدوينيو لنغاي البركان النشط الوحيد المعروف بتدفقه للحمم الكربونية المعروفة باسم الحمم الناتروكربوناتية.

توجد بعض الأدلة على أن البراكين على سطح كوكب الزهرة قد ثارت بحمم ناتروكربوناتية أيضًا، لكن هذا العملاق الإفريقي معروف بأنه المُنتِج الوحيد على الأرض لهذا النوع من الحمم، على الأقل حاليًا.

تُنتج أغلب البراكين حممًا غنية بالفلزَّات الكربوناتية، ما يسمح للحمم بدخول الحالة السائلة في درجة حرارة 540 مئوية فقط.

يجعل شُح السيليكا الحمم ذات لزوجة عالية، وعند حدوث الثوران، يبدو أشبه بوعاء زيت محركاتٍ أسود «يبقبق» أكثر من كونه نافثًا للحمم الحمراء عالية الحرارة.

نظرًا إلى اللزوجة العالية لحمم بركان أولدوينيو لنغاي، فإن العلماء مندهشون جدًا من قدرته على الثوران بعنف.

غالبًا ما تحدث الثورانات المتفجرة في براكين أخرى لأن الغاز يمكن أن يشكِّل حُجرات غازيَّة تنحصر داخل الحمم البركانية الداكنة وتؤدي إلى انفجارها.

من الواضح أن ثوران بركان أولدوينيو لنغاي قد يطلق حممًا بركانية سائلة بطريقة عنيفة، ربما لامتلائه بثاني أكسيد الكربون المذاب وغازات أخرى، وهو ما يجعلها فوَّارة كالمشروبات الغازية.

يصل بركان أولدوينيو لنغاي إلى ارتفاع يبلغ 2962 مترًا، وله فوهتان، ولكن النشطة منها فوهته الشمالية فقط.

بدأت فترة ثورانه الأخيرة في أبريل 2017، ولا يزال يبقبق منذ التقرير الأخير في مارس 2024.

عام 2009، جمع علماء البراكين عينات غازية من أولدوينيو لنغاي للكشف عن منشأ الحمم البركانية الكربونية، ومن الغريب أنهم توصلوا إلى أن تركيب الغازات كان «من الصعب تمييزه» عن الغازات المنبعثة على طول سلسلة جبال وسط المحيط، مع أن موقع البركان محدد محليًّا، وبعيد عن سلاسل جبال أعماق البحار.

استنتج الباحثون أن الحمم الفريدة والغنية بالكربون كانت تنشأ من ذوبان الفلزات في طبقة المعطف العلوي للأرض، وهي الطبقة الصخرية السميكة التي تغلفها القشرة الأرضية.

قال ديفيد هيلتون، بروفيسور الجيوكيمياء في معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو: «يَكشف تركيب الغازات الكيميائي والنظائري أن مصدر ثاني أكسيد الكربون هو المعطف العلوي تحت صدع شرق إفريقيا».

«تسمح لنا غازات المعطف هذه باستنتاج أن محتوى الكربون في المعطف العلوي المنتِج للكربونات يساوي ما نسبته 300 جزء في المليون، وهو التركيب المماثل تقريبًا لذلك التركيب المُقاس تحت حيد وسط المحيط».

كانت منطقة صدع شرق إفريقيا التي يتوضَّع عليها بركان أولدوينيو لنغاي نشطة تكتونيًا لنحو 25 مليون سنة، وتبقى إحدى النقاط الجيولوجية الساخنة الأكثر إثارة للاهتمام في العالم.

باقتطاع الجانب الشرقي لإفريقيا، نجد دمعةً عملاقةً بديمومة نشطة داخل الصفيحة الإفريقية التي تنزاح بمقدار بضعة مليمترات في السنة. بعد ملايين السنين، ستنفصل في النهاية القارة الإفريقية إلى نصفين، ما يؤدي إلى ولادة محيط جديد بين شرق إفريقيا والصفيحة المتبقية من إفريقيا.

هذه التضاريس الحدية المتباينة للصفيحة مسؤولة عن القمم الشاهقة في المنطقة، وهذا يشمل جبل كلمنجارو وجبل كينيا وأخيرًا أولدوينيو لنغاي.

اقرأ أيضًا:

حقائق ومعلومات عن قمة جبل إفرست .. أعلى قمة على الأرض

كيف تشكلت الجبال على كوكب الأرض؟

ترجمة: سليمان عبد المنعم

تدقيق: تسنيم المنجد

المصدر