توجد أنواع من البكتيريا تعيش في أمعائنا وتساهم في العمليات الصحية (أو غير الصحية) الجارية داخل الجسم، ولكن اتضح فقداننا للكثير من الميكروبات التي ورثناها عن أسلافنا الأوليين القدامى.

بالنظر إلى المواد الجينية الموجودة في أحشاء الشمبانزي الموجود في عصرنا الحالي، يتتبع الباحثون سلالات بكتيريا الأمعاء لديهم لملايين السنين، قبل مقارنتها مع الميكروبات التي تعيش الآن في أمعاء البشر والقرود الأفريقية.

أظهرت الفحوص والتحاليل أن العديد من أنواع بكتيريا أمعاء الأوليين قد تطورت مع مرور الوقت، كما هو حال البشر، لكن عددًا كبيرًا من البكتيريا التي تطورت أو تنوعت مع مضيفيها قد فُقدت لدى الجنس البشري.

يقول عالم الأحياء التطورية أندرو مولر من جامعة كورنيل في نيويورك: «هذه أوّل دراسة على المستوى البكتيري، تُظهر أن سلفًا من البكتيريا المتنوعة، قد تشارك العيش مع الرئيسيات والبشر لملايين السنين».

عاين فريق البحث 9640 عينةً تحتوي على ميتاجينوميات metagenomes (مواد وراثية مستخرجة من عينات بيئية) أولية بشرية وغير بشرية مجموعة أساسًا من مواد جينية بكتيرية. وكشفوا عن أنواع الميكروبات وأعدادها الموجودة ضمن العينات.

استخدمت هذه الميتاجينوميات لتحديد الفروع الحيوية الميكروبية (المجموعات التي تطورت من أسلاف مشتركة) التي تشترك في تاريخ تطوري مع القردة الأفريقية.

أظهرت البيانات أن 44% من هذه السلالات مفقودة لدى البشر عمومًا، وأن 54% مفقودة لدى التجمعات السكانية البشرية في المناطق الصناعية. هذا بالمقارنة مع 3% فقط مفقودة عند الفروع الحيوية البكتيرية لدى القردة الأفريقية، هذا إذا لم ننظر إلى القردة التي تطورت من سلف رئيسي بعيد، فقد فُقدت المجموعات البكتيرية المتنوعة بطريقة ما منذ آلاف السنين.

لم تتمكن هذه الدراسة من تفسير الأسباب، ولكن من المرجح أن النظام الغذائي يؤدي دورًا في حدوث ذلك. إذ إن ما نأكله له تأثير كبير على بكتيريا الأمعاء خاصةً عند الابتعاد عن الفاكهة والأوراق والتوجه إلى الدهون والبروتينات خلال وقت مبكر من التطور البشري.

وفقًا لمولر: «الخسائر التي نراها تشمل جميع السكان، بغض النظر عن نمط حياتهم، نَجَمَتْ على الأرجح عن التحولات الغذائية التي حدثت في وقت مبكر من التطور البشري وهذا ما سبب ظهور اختلافات بين البشر والشمبانزي والبونوبو».

يقول الباحثون إن الدراسات المستقبلية يجب أن تبحث حول مجموعات أكبر من بكتيريا الأمعاء البشرية، وعبر مناطق مختلفة. إحدى الفرضيات هي أن الاختلاف بين السكان وخاصة في المناطق الصناعية قد يرجع إلى الأنظمة الغذائية والأدوية الحديثة المستخدمة.

التعرض لخطر السمنة أو العيش حياة طويلة، يجعل مزيج البكتيريا الموجود في الأجسام يؤثر في الصحة بطريقة أو بأخرى. لذلك، فإن فهم كيفية تطور هذه الميكروبات مع مرور الوقت أمر مهم للغاية.

أجرى العديد من المؤلفين دراسات عديدة ذات صلة بالموضوع ولكن على الفئران، إذ حللوا كيفية حصول بكتيريا الأمعاء على فرصة أفضل للبقاء على قيد الحياة من البكتيريا غير المعوية، وقدموا بعض الأدلة حول كيفية تطور هذه الكائنات الحية الدقيقة جنبًا إلى جنب مع مضيفيها.

كتب الباحثون في الدراسة الثانية: «تُظهر دراستنا أن الكائنات الحية الدقيقة لدى الفئران المنزلية تُظهر مزايا تنافسية على الكائنات الحية الدقيقة للمضيفين الذين افترقوا تطوريًا عن فئران المنازل قبل فترة تُقارب 10 ملايين سنة، ما يتفق مع تكيف الكائنات الحية الدقيقة مع المقاييس الزمنية التطورية القصيرة نسبيًا».

نُشرَ البحث في Nature Microbiology and Science Advances.

اقرأ أيضًا:

كيف تؤثر الميكروبات في الأمعاء على داء الكريات المنجلية؟

الميكروبات في أمعائك ستتنبأ بموعد وفاتك قبل 15 سنة!

ترجمة: سارة دامر

تدقيق: علام بخيت كباشي

المصدر