يعد تمخرط القرنية حالة مرضية تبرز فيها القرنية للخارج بشكل مخروطي، بينما تكون مكوّرة الشكل طبيعيًا.

تمثل القرنية الجزء الشفاف والمركزي من القسم الأمامي السطحي للعين، وتحمي القرنية العين وتساعد على التركيز لرؤية أوضح.

يشخص أطباء العينية الإصابة بتمخرط القرنية عادةً لدى المرضى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 30 سنة، وأحيانًا قد يُشخص الداء منذ الطفولة أو حتى في أعمار متقدمة. ويستغرق ظهور التغير الحاصل في شكل القرنية عدة سنوات، لكنه يظهر بمعدلات أسرع لدى المرضى الأصغر عمرًا. ويشير أحد التقديرات إلى تطور تمخرط القرنية لدى 50 إلى 200 من كل 100000 شخص.

كيف يؤثر تمخرط القرنية في الرؤية؟

يؤثر تمخرط العينين في الإبصار بطريقتين:

  •  يتشوه وينثني السطح الأملس للعين بتغير شكل القرنية إلى الشكل المخروطي، وتسمى هذه الحالة باللابؤرية غير المنتظمة، وهي حالة لا تستطيع النظارات الطبية تصحيحها بالكامل.
  •  يزداد قصر البصر مع ازدياد انحدار القرنية وتمخرط، ما قد يدفع المرضى لشراء نظارات جديدة مرارًا.

الأعراض:

  •  ازدياد حدة الإبصار سوءًا في العينين (أو إحداهما) تدريجيًا.
  •  ازدواجية الرؤية عند النظر من عين واحدة وإغلاق الأخرى.
  •  رؤية هالات حول الأضواء الساطعة.
  •  تحسس العين من الضوء، ما يعرف برهاب الضوء.
  •  تشوه حدة الرؤية وازيادها سوءًا، إذ تظهر الخطوط المستقيمة كخطوط منحنية، ولا تظهر الأجسام بهيئاتها الصحيحة.

الأسباب:

ما زال السبب الكامن وراء تمخرط القرنية غير معروف، وأظهرت بعض الدراسات أن الإصابة تعود لتاريخ عائلي، وقد ترافق الأشخاص المصابين بآفات طبية محددة.

لكن لم تثبت العلاقة بين أي إصابة في العين أو مرض معين بتمخرط القرنية بعد. ويميل بعض مرضى تمخرط القرنية إلى فرك أعينهم بكثيرة، ما يؤدي إلى تفاقم الحالة بمعدل أكبر. وقد يرتبط تمخرط القرنية ببعض الحالات التي تدفع المريض لفرك عينيه على الدوام، ومنها:

  •  التهاب الجلد التأتبي، والتهاب الجلد الأرجي (التحسسي).
  •  التهاب الأنف الأرجي.
  •  الربو.
  •  متلازمة داون.
  •  متلازمة إهلر-دانلوس.
  •  تكون العظام الناقص.
  •  الآفات الولادية التي تصيب العينين، مثل انعدام القزحية.

مضاعفات تمخرط القرنية:

  •  تندب القرنية.
  •  استسقاء القرنية: تنتفخ القرنية فجأة لامتلائها بالسوائل.
  •  حلقات فلايشر: يشكل ترسب الحديد حلقات على أطراف القرنية.
  •  انعدام الرؤية الذي قد يكون شديدًا أو متوسط الشدة.

التشخيص:

يبدأ الطبيب التشخيص باستفساره عن التاريخ الطبي والعائلي للمريض بالإضافة إلى أعراضه، ويلي ذلك فحصًا شاملًا للعين. قد يطلب المختص أيضًا إجراء واحد أو أكثر من الاختبارات التالية:

  •  اختبار حدة الإبصار: يشمل جدول سنيلين، بالإضافة إلى الآلة التي يجب على المريض النظر فيها (محرك الإبصار)، وذلك لإيجاد الوصفة الطبية والقياسات المناسبين لرؤية أوضح.
  •  فحص المصباح الشقي: يجمع الاختبار بين الضوء الساطع والمجهر.
  •  قياس القرنية: يقيس هذا الاختبار شكل القرنية واللابؤرية.
  •  خريطة القرنية: تصوير مقطعي محوسب ودراسة طوبوغرافيا القرنية. يهدف الفحص لتشكيل خريطة للقرنية من خلال قياس تضاريس سطح العين. ويشخص تمخرط القرنية من خلال هذه الاختبارات.

العلاج:

يعتمد اختيار طريقة علاج تمخرط القرنية المناسبة على شدة المرض، إذ يساعد طبيب العينية على تحديد نوع الدواء المفيد في حال وجوده. وتعتمد مدة التعافي على نوع العلاج، فيستغرق ذلك أيامًا لبعض طرق العلاج، وفترة أطول بكثير في علاجات أخرى. وتتضمن آليات العلاج كلًا مما يلي:

استخدام النظارات والعدسات اللاصقة:

تفيد النظارات والعدسات اللاصقة اللينة في المراحل المبكرة من الإصابة في تصحيح الرؤية، بينما يصعب تصحيحها بالنظارات بازدياد تمخرط القرنية سوءًا، ويعود ذلك لنسبة اللابؤرية غير المنتظمة فيها. ويجب في هذه الحالة استخدام نوع محدد من العدسات اللاصقة الصلبة.

تشابك القرنية:

يتعمد تشابك القرنية على الاستعانة بعلاج الأشعة فوق البنفسجية لإبطاء تفاقم تمخرط القرنية أو حتى منعه. ويتلقى المريض في هذه العملية تخديرًا موضعيًا، ثم يضع الطبيب بضع قطرات من عقار يحوي الريبوفلافين (فيتامين B2) في العين لمدة 30 دقيقة. يُعرض المختص بعدها عين المريض للأشعة فوق البنفسجية لمدة 30 دقيقة. تهدف عملية تشابك القرنية إلى تقوية الروابط بين الألياف الكولاجينية في القرنية والبروتينات المحيطة، ما يساعد على الحفاظ على شكل القرنية من التدهور والانحدار.

استخدام الحلقات القابلة للزرع:

وهي أجهزة صغيرة يزرعها الطبيب في قرنية المريض، وتفيد في تحسين الرؤية وتسهيل إيجاد العدسات اللاصقة المناسبة له. يبدأ المختص هذه العملية بتخدير المريض تخديرًا موضعيًا بوضع قطرات تخديرية في العين. يشكل الطبيب بعدها قنوات في القرنية ويدخل الحلقات فيها. تساعد الحلقات على تسطيح القرنية وتصحيح الشكل القمعي الذي سببه تمخرط القرنية.

زرع القرنية

ينصح المريض بزرع القرنية في الحالات المتقدمة من المرض، إذ يستبدل الطبيب القرنية المصابة بنسيج قرني من شخص متبرع آخر. يتحسن إبصار مرضى تمخرط القرنية بعد الجراحة، لكن استقرار الرؤية قد يستغرق أكثر من عام. ويحتاج بعض المرضى إلى عدسات لاصقة خاصة بعد عملية الزرع لتحسين الإبصار أكثر.

المضاعفات والأعراض الجانبية المرافقة لعلاج تمخرط القرنية:

تشمل المضاعفات المحتملة لتشابك القرنية ما يلي:

  •  تهيج، وألم، وجفاف العين.
  •  تفاقم تمخرط القرنية.
  •  العدوى.

تتضمن المضاعفات الممكنة للحلقات القابلة للزرع ما يلي:

  •  العدوى.
  •  مشكلات تتمثل في إبهار وتوهج البصر، والهالات.
  •  ترقق القرنية.

تشمل المضاعفات المحتملة لزرع القرنية ما يلي:

  •  رفض جسم المريض لطعم القرنية.
  •  العدوى.
  •  الزرق (المياه الزرقاء).

تعد المضاعفات المراقفة للنظارات أو العدسات اللاصقة نادرة الحدوث، لكنها ممكنة. ينصح المريض على ذلك بإطلاع الطبيب بأي احمرار أو عدم ارتياح في العينين.

الحماية:

لا يمكن منع الإصابة بتمخرط القرنية، ويستطيع المريض تقليل خطر الإصابة ببذل قصارى جهده لتجنب فرك عينيه، وذلك في حال إصابته بمرض مرتبط تمخرط القرنية.

التوقعات:

يعد التوقع المستقبلي لتمخرط القرنية أمرًا جيدًا بوجود العلاج. وقد يعاني بعض المرضى مشكلات في التوازن نتيجة وجود اختلاف في قدرات الرؤية بين العينين، ويُنصح المريض حينها بالتواصل مع الطبيب لإيجاد حل مناسب. قد يؤثر تمخرط القرنية في الرؤية، لكنه لا يمنع المريض من عيش حياة متكاملة.

هل يؤذي تمخرط القرنية الإبصار؟

يؤدي تمخرط القرنية غير المعالج إلى فقدان دائم للرؤية، إذ تتسبب تغيرات القرنية بصعوبات في تركيز العينين على الأجسام، وذلك في حال استخدام النظارات أو العدسات اللاصقة المرنة، أو عدم استخدامها.

يعد تمخرط القرنية حالة خطيرة في حال إجراء عملية تصحيح البصر بالليزر مثل الليزك، ويعود ذلك لكون العمليات الجراحية تزيد من تمخرط القرنيّة سوءًا. يكشف جراح العيون عما إذا كان وضع المريض مناسبًا لإجراء عملية كهذه.

متى يجب التواصل مع الطبيب؟

ينصح المريض بزيارة الطبيب عند إحساسه بوجود تغيرات في الرؤية، قد يحتاج على ذلك مرضى تمخرط القرنية زيارة المختصين باستمرار. ويجب التوجه إلى الطوارئ في الحالات التالية:

  •  الفقدان المفاجئ للرؤية.
  •  وجود آلام شديدة في العينين.
  •  شعور المريض بأعراض عدوى مثل الحمى أو خروج إفرازات من العين، وذلك بعد خضوعه لعملية جراحية عينية.

اقرأ أيضًا:

التهاب القرنية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

تلين القرنية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر