أغلب الناس على دراية بحالات المادة التي نصادفها يوميًا، مثل الصلبة والسائلة والغازية، لكن في ظروف أكثر تطرفًا وغرابة، قد تظهر حالات جديدة للمادة.

اكتشف علماء من الولايات المتحدة والصين حالة جديدة هذا العام، وأطلقوا عليها اسم حالة “كايرو بوز السائلة”، كما هو الحال مع كل اكتشاف جديد لترتيب الجزيئات، ما قد يكشف عن هياكل وآليات الكون من حولنا، وخاصةً على مستوى الكم الصغير جدًا.

تصف حالات المادة كيفية تفاعل الجزيئات مع بعضها بعضًا، ما يؤدي إلى تكوين هياكل و سلوك متنوع. إذا أجبرت الذرات على البقاء في مكانها، فستحصل على حالة صلبة. وإذا سمحت لها بالتدفق، ستحصل على حالة سائلة أو غازية. وإذا فصلت الشراكات المشحونة عن بعضها بعضًا، فستحصل على بلازما.

توفر المناظر الكمية طرقًا أكثر غرابة لتفاعل الجزيئات، ما يسمح بظواهر فريدة يمكن وصفها من حيث الإمكانية والطاقة بصورة أفضل.

اكتشف الباحثون حالة بوز السائلة الجديدة عبر نظام كمي محبط. ببساطة، هو نظام يحتوي على قيود مدمجة تمنع الجزيئات من التفاعل كما هو الحال عادةً وهذا هو سبب التثبيط.

قد تخلق هذه القيود -والتحفظ الناتج عنها- نتائج مثيرة للعلماء. هنا، ركز الباحثون على الإلكترونات واستخدموا مقارنة لشرح ما يحدث.

قال الفيزيائي النظري للمواد المكثفة تيغران سدراكيان من جامعة ماساتشوستس أمهيرست: «إنها مثل لعبة الكراسي الموسيقية، مصممة لتثبيط الإلكترونات».

وأضاف: «بدلًا من أن يكون لكل إلكترون كرسي واحد للجلوس عليه، يجب عليها الآن التدافع ولديها العديد من الاحتمالات في المكان الذي تجلس فيه».

جمع الباحثون نظامًا يتألف من جهاز نصف موصل يحتوي على طبقتين: طبقة علوية غنية بالإلكترونات وطبقة سفلية تحتوي على العديد من الثقوب المتاحة للإلكترونات للتحرك إليها بصورة طبيعية.

المفاجأة؟ لا توجد ثقوب كافية لكل الإلكترونات.

رغم أن النوع من الأنظمة يظل من الصعب مراقبته، فقد استخدم الفريق مجالًا مغناطيسيًا فائق القوة لقياس حركة الإلكترونات، كاشفين عن أول أدلة على حالة كايرو بوز السائلة الجديدة.

قال الفيزيائي لينغجي دو من جامعة نانجينغ في الصين: «على حافة طبقة أشباه الموصلات الثنائية، تتحرك الإلكترونات والثقوب بسرعات متساوية، ما يؤدي إلى نقل على شكل لفائف، يمكن تعديله بصورة أكبر عبر حقول مغناطيسية خارجية إذ تُفصَل قنوات الإلكترون والثقوب تحت مجالات أعلى».

كشفت هذه الحالة الجديدة عن بعض الخصائص المثيرة. مثلًا، ستتجمد الإلكترونات في نمط قابل للتنبؤ واتجاه دوران ثابت عند الصفر المطلق ولا يمكن التداخل معها من قبل جسيمات أخرى أو حقول مغناطيسية.

وقد يكون لهذا الثبات تطبيقات في أنظمة التخزين الرقمي على مستوى الكم. والأهم من ذلك، قد تؤثر الجسيمات الخارجية المؤثرة في إلكترون واحد في جميع الإلكترونات في النظام، وذلك بفضل الاندماج الكمومي بعيد المدى نسبيًا، إنه يشبه تصادم كرة البلياردو بمجموعة من كرات البلياردو وتحرك كل تلك الكرات في نفس الاتجاه استجابةً لـ اكتشاف آخر قد يكون مفيدًا.

رغم أن كل هذا يشمل فيزياء عالية المستوى، فإن كل اكتشاف يحتوى على الحالات الحدية التي تحدث خارج حدود تفاعل الجسيمات الشائعة يقرّبنا من فهم كامل لعالمنا.

وفقًا لسدراكيان: «تجد حالات المادة الكمومية بعيدة عن هذه الحدود، وهي أغرب من الحالات الكلاسيكية الثلاث التي نقابلها في حياتنا اليومية».

اقرأ أيضًا:

هل نكتشف حالات جديدة من المادة؟ ميكانيكا الكم تؤكد ذلك!

ما هي المادة؟ الجواب ليس سهلًا مع إنها تشكل ثلث الكون

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: تسبيح علي

المصدر