يقول علماء فيزياء في ألمانيا أنهم حققوا إنجازًا جديدًا في التوصيل الفائق.

استنادًا لورقتهم البحثيّة؛ فقد توصل الفريق إلى تيار كهربائي ذي مقاومة حرّة في أعلى درجة حرارة حتى الآن: -23 درجة مئوية.

على الرغم من وجوب التحقق من المادة التي استخدمها الفريق، فإن الادعاء يستحق النظر إليه، قاد البحث عالم الفيزياء ميخائيل إيريمتس في معهد ماكس بلانك للكيمياء والذي توصل للرقم السابق في التوصيل الفائق عام 2014 وكان -70 درجة مئوية.

التوصيل الفائق، المُكتشف للمرة الأولى عام 1911، ظاهرة محيّرة.

عادةً، فإن التدفق الكهربائي يواجه درجة من المقاومة؛ شيءٌ يشبه مقاومة الهواء لجسم مُندفع للأعلى.

كلما كان توصيل المادة عاليًا، كانت مقاومتها صغيرة وعندها يتمكن التيار من التدفق بحريّة.

ولكن عند درجات حرارة منخفضة فإن شيئًا غريبًا يحدث في بعض المواد.

عندما تنخفض المقاومة دون الصفر؛ يجري التيار دون عوائق.

وعندما يتصاحب هذا الجريان بشيء يسمى تأثير مايسنر -طرد الحقل المغناطيسي للمادة عند انتقالها إلى ما دون درجة الحرارة الحرجة- فهذا يُدعى التوصيل الفائق.

التوصيل الفائق في درجة حرارة الغرفة فوق الصفر المئوي شيء نادر بمثابة الحوت الأبيض للعلماء.

إذا تم التوصّل له فهذا سيخلق ثورة في الفعاليّة الكهربائيّة، وتحسين شبكات الكهرباء بشكل كبير، ونقل بيانات سريع، والمحركات الكهربائيّة.

لذا فإن التوصيل الفائق هو شيء تعمل عليه عدة مختبرات حول العالم، مع ادعاءات جديدة حول تحقيق أعلى درجة حرارة تظهر من وقت لآخر ولكنها تسقط في اختبارات إعادة الإنتاج.

توصل إيرميتس وفريقه للرقم السابق في التوصيل الفائق باستخدام كبريتيد الهيدروجين -المركب ذي الرائحة النتنة، رائحة البيض الفاسد والانتفاخ البطني- تحت ضغط يقدر بـ 150 جيجا باسكال (الضغط في لب الأرض يتراوح بين 330 و 360 جيجا باسكال).

يؤمن العلماء الذين سارعوا لفهم التوصيل الفائق لكبريتيد الهيدروجين أن النتيجة ممكنة لأن كبريتيد الهيدروجين مادة خفيفة للغاية فتهتز تحت السرعات العاليّة، وهذا يعني درجات حرارة عاليّة ولكن الضغط مطلوب للحفاظ على المادة من الانهيار بفعل الاهتزاز.

استخدمت في هذا البحث مادة جديدة تُدعى هيدريد اللانثانوم تحت ضغط يقدّر بـ 170 جيجا باسكال.

في بداية هذا العام، توصل الفريق لتوصيل فائق باستخدام هذه المادة في درجة حرارة -58.15 درجة مئوية.

والآن وبعد عدة أشهر توصل الفريق لتحسين هذه النتيجة.

درجة الحرارة الجديدة تقارب نصف درجة حرارة الشتاء في القطب الشمالي.

كتب الباحثون في ورقتهم البحثية: ‹‹تُشير هذه القفزة والمقدرة بـ -223.15 درجة مئوية من درجة الحرارة الحديّة السابقة والمقدرة بـ -70.15 درجة مئوية إلى الإمكانيّة الحقيقيّة للوصول إلى التوصيل الفائق في درجة حرارة الغرفة والمقدرة بـ 0 درجة مئوية في المستقبل القريب تحت ضغط عالي وإلى منظور التوصيل الفائق التقليدي في الضغط المحيط››.

يجب التحقق من هذه النتيجة عن طريق المجتمع العلمي، والورقة البحثيّة الآن في مرحلة المراجعة.

كما تُخبرنا مراجعة معهد ماساشوستس للتكنولوجيا MIT، فهناك ثلاث اختبارات، والتي تعتبر المعيار الذهبي للتوصيل الفائق، وقد تخطى الفريق اختبارين فقط؛ انخفاض المقاومة تحت عتبة درجة الحرارة الحرجة، واستبدال العناصر في المادة بنظائر أثقل لمراقبة انخفاض مماثل في التوصيل الفائق في درجة حرارة الغرفة.

الاختبار الثالث هو تأثير مايسنر؛ وهو الاسم المعطى لأحد إشارات التوصيل الفائق.

عندما تجتاز المادة درجة الحرارة تحت الحرجة وتنتقل إلى التوصيل الفائق فإنها تتجشأ حقلها المغناطيسي.

لم يلاحظ الفريق هذه الظاهرة بعد وذلك لأن نموذجهم صغير جدًا بحيث لا يتمكن مقياس المغناطيسيّة الخاص بهم من التقاطه.

ومع ذلك، فإن التحول إلى التوصيل الفائق له تأثير على الحقل المغناطيسي الخارجي أيضًا. أنه ليس التقاطًا مباشرًا، ولكن الفريق تمكن من ملاحظة هذا التأثير. إنه ليس تأثير مايسنر ولكنه شيء يبدو واعدًا.

يمكن المراهنة على علماء الفيزياء الذين سيتكاتفون مع بعضهم للتحقق ومحاولة تكرار نتائج هذا الفريق.


  • ترجمة: مازن سفّان
  • تدقيق: جعفر الجزيري
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر