حمض الفيتيك مادة طبيعية مميزة يُلاحَظ وجودها في بذور النباتات. جذبت الانتباه لتأثيرها في امتصاص المعادن. ينقص هذا الحمض امتصاص الحديد والزنك والكالسيوم، وقد يحرض حدوث عوز هذه المعادن، لذلك غالبًا ما يُعَد مادةً مضادة للتغذية، لكن الأمر أعقد قليلًا من ذلك لأن لحمض الفيتيك عددًا من الفوائد الصحية.

ما حمض الفيتيك أو الفيتات؟

مادة توجد في بذور النباتات، وتمثل الشكل المخزن الرئيسي للفوسفور في البذور. عندما تتبرعم البذور وتنبت، تتخرب الفيتات ويتحرر منها الفوسفور ليستخدمه النبات الفتي. يُعرف الحمض أيضًا بإينوزيتول هكسانوفوسفات، ويُستخدم غالبًا تجاريًا مادةً حافظة، لخواصه المضادة للأكسدة.

حمض الفيتيك في الطعام

يوجد حمْض الفيتيك فقط في الأطعمة نباتية المصدر، في المكسرات الصالحة للأكل والحبوب والبقول بكميات متفاوتة، وتوجد كميات صغيرة منه في الجذور والدرنات.

يُظهر الجدول التالي الكميات الموجودة في بعض الأطعمة مرتفعة المحتوى من حمض الفيتيك، بالنسبة المئوية إلى الوزن الجاف:

يتضح أن محتوى حمْض الفيتيك شديد التنوع. مثلًا، قد تختلف الكمية الموجودة في اللوز حتى 20 ضعفًا.

العلاقة بين تناول حمض الفيتيك ونقص امتصاص المعادن

يقلل حمض الفيتيك امتصاص الحديد والزنك، وبدرجة أقل الكالسيوم. ينطبق ذلك على الوجبة الواحدة، وليس على امتصاص الغذاء خلال اليوم. أي إن الحمض يقلل امتصاص المعادن في أثناء تناول الوجبة، دون تأثير في الوجبات التالية.

حمض الفيتيك: ما تحتاج إلى معرفته - مادة طبيعية توجد في بذور النباتات - دور حمض الفيتيك في امتصاص المعادن - امتصاص الحديد والزنك والكالسيوم

مثلًا، قد يقلل تناول كمية من المكسرات بين الوجبات الرئيسية كمية المعادن من حديد وزنك وكالسيوم الممتصة من هذه المكسرات، لكنها لا تقلل الكمية الممتصة من الوجبة التي ستتناولها بعد ذلك.

مع ذلك، عندما تتناول أغلب وجباتك مع أطعمة غنية بالفيتات، قد يتطور لديك عوز المعادن بمرور الوقت. من النادر أن يثير هذا الأمر قلق الأشخاص المواظبين على اتباع أنظمة غذائية متوازنة، لكنه قد يشكل مشكلة كبيرة خلال فترات سوء التغذية، وفي البلدان النامية حيث الحبوب والبقول مصادر رئيسية للغذاء.

كيفية تقليل حمض الفيتيك في الطعام

ليس تجنب الأطعمة الحاوية على حمض الفيتيك فكرة جيدة لأن العديد منها صحية ومغذية. ويندر الغذاء في البلدان النامية، ويعتمد الناس على البقول والحبوب جزءًا أساسيًا من نظامهم الغذائي.

لحسن الحظ، يمكن طرق التحضير المختلفة أن تنقص بدرجة كبيرة محتوى الأغذية من حمض الفيتيك.

إليك أكثر الطرق المستخدمة شيوعًا:

  1. النقع: تُنقع الحبوب والبقول في الماء طوال الليل لتقليل محتواها من الفيتات.
  2. الإنبات: برعمة البذور والحبوب والبقول تسبب تحلل الفيتات.
  3. التخمير: تتخرب الفيتات تحت تأثير الأحماض العضوية المتشكلة في هذه العملية، ويُعد تخمر حمض اللاكتيك المثال الأشهر، مثل صنع الخميرة.

يمكن بالجمع بين هذه الوسائل تقليل محتوى الفيتات بدرجة ملحوظة. مثلًا، يقلل النقع والإنبات وتخمير حمض اللاكتيك محتوى حمض الفيتيك في بذور الكينوا بنسبة 98%. ويمكن الإنبات وتخمير حمض اللاكتيك لنبات السرغوم الأبيض وللذرة أن يخرب حمض الفيتيك فيها بالكامل تقريبًا.

الفوائد الصحية لحمض الفيتيك

يُعد حمض الفيتيك مثالًا جيدًا للأغذية المفيدة والضارة، اعتمادًا على الظروف. يُعَد مادة نباتية صحية غالبًا، فهو مضاد للأكسدة، بل يقي أيضًا من الحصوات الكلوية والسرطان.

اقترح العلماء أن حمض الفيتيك قد يكون من العوامل المؤثرة في العلاقة بين تناول الحبوب وتناقص خطر الإصابة بسرطان القولون.

هل يُعد حمض الفيتيك مصدرًا للقلق؟

لا يشكل حمض الفيتيك مصدرًا للقلق الصحي لدى من يتبعون الأنظمة الغذائية المتوازنة. يجب على الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بنقص المعادن أن يحرصوا على تنويع نظامهم الغذائي، وعدم إدراج الأطعمة الغنية بالفيتات في جميع وجباتهم. وتزداد أهمية ذلك الأمر لدى المصابين بعوز الحديد، وأيضًا عند النباتيين والخضريين.

للحديد في الطعام شكلان: الهيم، وغير الهيم. يوجد الهيم في الأطعمة الحيوانية كاللحوم، في حين يوجد غير الهيم في النباتات. يُمتص غير الهيم من الأطعمة نباتية المصدر بنسبة ضئيلة، في حين يُمتص الهيم بفعالية.

يتأثر امتصاص غير الهيم بحمض الفيتيك بدرجة كبيرة، في حين لا يتأثر به الهيم.

إضافةً إلى ذلك، يُمتص الزنك جيدًا من اللحوم حتى في وجود حمض الفيتيك. لذلك نادرًا ما يمثل نقص المعادن بسبب بحمض الفيتيك مصدرًا للقلق عند آكلي اللحوم.

مع ذلك قد يسبب الحمض مشكلة خطيرة إذا احتوت الحمية الغذائية على أطعمة غنية بالفيتات بإفراط، تزامنًا مع نقص تناول اللحوم أو المنتجات حيوانية المصدر.

تزداد تلك المشكلة في البلدان النامية، حيث تشكل الحبوب والبقول الجزء الأكبر من النظام الغذائي.

الخلاصة

قد تزيد الأغذية الغنية بالفيتات خطر الإصابة بنقص المعادن كالحديد والزنك، غالبًا ما تُطبق استراتيجيات كالنقع والإنبات والتخمير لمنع ذلك.

لا يمثل نقص المعادن بسبب بحمض الفيتيك مشكلة عند من يتناولون اللحوم بانتظام. يؤمّن استهلاك الطعام الغني بالفيتات جزءًا من نظام غذائي متوازن فوائد متعددة. تفوق هذه الفوائد في أغلب الحالات التأثيرات السلبية في امتصاص المعادن.

اقرأ أيضًا:

رقاقة صغيرة لاصقة قد تنقذ حياتك يوما !

خمسة أطعمة مفيدة للصحة الفموية وأخرى ضارة بها

ترجمة: حيدر بوبو

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر