يقول الباحثون من معهد القلب والأوعية الدموية في بوينس آيرس في الأرجنتين إن ارتفاع ضغط الدم قد يزيد خطر الإصابة بالخرف في الفئة العمرية المتوسطة.

يحدث ارتفاع ضغط الدم عادةً بوضوح أكبر لدى كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم 60 عامًا، لكن الدراسات الأخيرة تشير إلى ازدياد معدلات ارتفاع ضغط الدم لدى البالغين الأصغر سنًا، الذين تتراوح أعمارهم من 20 إلى 44 عامًا.

يواجه الأشخاص المصابون بارتفاع ضغط الدم خطرًا متزايدًا للإصابة بالعديد من المشكلات الطبية، مثل السكتة الدماغية والنوبة القلبية والفشل القلبي ومشكلات كلوية ومشكلات في الرؤية والخرف.

الخطر الأعلى للإصابة بالخرف المرتبط بارتفاع ضغط الدم يكون في منتصف العمر. حلل الباحثون من أجل هذه الدراسة بيانات 1,279 شخصًا من الأرجنتين مصابًا بارتفاع ضغط الدم، تراوحت أعمارهم بين 21 و 95 عامًا. أُخِذت البيانات من دراسة القلب والدماغ في الأرجنتين، متضمنةً معلومات ضغط الدم والاعتلال المعرفي.

حدد العلماء درجة خطر الخرف (CAIDE) «عوامل الخطر القلبية الوعائية والشيخوخة وحدوث الخرف» لكل مشارك في الدراسة. تهتم درجة (CAIDE) بالحصول على معلومات عن ضغط الدم ومستويات الكوليسترول والبدانة والنشاط الجسدي والعمر ومستوى التعليم.

أظهر تحليلهم أن 28% ممن تتراوح أعمارهم بين 47 و 53 عامًا -أي في منتصف العمر- عانوا خطرًا متزايدًا للإصابة بالخرف.

قال طبيب القلب أوغوستو فيكاريو، مؤلف الدراسة: «إن لعوامل الخطر التأثير الأكبر في منتصف العمر. تزيد الإصابة بارتفاع ضغط الدم في منتصف العمر خطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق، ولكن يقل هذا الخطر عند حدوث ارتفاع الضغط في عمر أكبر. يحدث ذلك لأن مرض الأوعية الدموية في الدماغ يتطور ببطء ويحتاج إلى أكثر من 10 أو 15 عامًا ليظهر سريريًا بوصفه اعتلالًا معرفيًّا».

ارتباط ارتفاع ضغط الدم بزيادة خطر الخرف عمومًا:

وجد العلماء أيضًا أن نحو 40% من المشاركين في الدراسة بصرف النظر عن أعمارهم قد واجهوا خطرًا متزايدًا للإصابة بالخرف.

قال فيكاريو: «لمّا كانت الطريقة الوحيدة المثبتة لإيقاف أو إبطاء تقدم الآفات الوعائية في الدماغ لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم هي علاج ارتفاع الضغط وضبطه بوسائل دوائية وغير دوائية، فليس من الغريب أن 40% من المرضى يواجهون خطرًا متزايدًا للإصابة بالخرف، لأن 70% من مرضى ارتفاع الضغط لا يُضبَط ضغطهم أو لا يدركون مرضهم، ولا يتلقون العلاج».

«يجب على الأطباء أن يفحصوا الدماغ في التقييم السريري لمرضى ارتفاع ضغط الدم للتحديد الكافي للمخاطر القلبية والوعائية».

أضاف فيكاريو: «يُعد التقييم المعرفي باستخدام الاختبارات العقلية العصبية طريقة بسيطة وعملية. أظهرت دراسات سابقة أن اختبار رسم الساعة هو أداة مفيدة لهذا الغرض، ويمكن استخدامه من قبل الطبيب العام. وثانيًا، علينا التركيز على اكتشاف ارتفاع ضغط الدم مبكرًا والتحكم فيه بطريقة مناسبة باستخدام الأدوية المضادة لارتفاع الضغط وتحسين الالتزام بالعلاج، لأنه سيستمر طيلة العمر».

لماذا يرتبط ارتفاع ضغط الدم بالخرف؟

يحتاج تأكيد هذا الارتباط إلى دراسات إضافية، وإن شكَّل ارتفاع ضغط الدم عامل خطر معروفًا للخرف، وفقًا لما ذكره فيكاريو، إذ قال: «يعد الدماغ أحد الأعضاء الثلاثة المتأثرة بارتفاع ضغط الدم إلى جانب الكلى والقلب، ومع ذلك يجري تجاهل تقييمه في الممارسة السريرية الروتينية».

«أظهرت دراساتنا أن 30% من مرضى ارتفاع ضغط الدم لديهم ضرر في الدماغ دون وجود ضرر في الكلى أو القلب. لذلك فإن دماغ مرضى ارتفاع ضغط الدم معرض للخطر. يُعد الخرف غير قابل للعلاج لكن تمكن الوقاية منه. يُعد المرض الوعائي المحفز الرئيس لأكثر من 90% من حالات الخرف، متضمنةً مرض ألزهايمر، ولمّا كان ارتفاع ضغط الدم هو عامل الخطر الوعائي الرئيس للإصابة بالخرف القابل للتعديل، فإن من الضروري دراسة دماغ المريض المصاب بارتفاع ضغط الدم».

علاج «القاتل الصامت» لحماية صحة الدماغ:

بعد مراجعة الدراسة، قال طبيب الأوعية والأعصاب خوسيه موراليس، إن أهم جانب في هذه الدراسة أنها أكدت للمرضى ولأطباء الرعاية الأولية أن هذا العامل الوعائي «القاتل الصامت» هو عامل خطر للخرف.

قال موراليس: «يعبر العديد من المرضى عن قلقهم حيال الآثار الجانبية للأدوية، وأن تحسين التحكم بضغط الدم يكون أحيانًا صعب الإنجاز. بالنسبة إلى بعض الأشخاص، قد يكون تسليط الضوء على خطر الخرف لدى المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم غير المضبوط دافعًا لهم ولأطباء الرعاية الأولية ليكونوا أكثر فعالية في التخفيف من تأثير عامل الخطر هذا على صحة الدماغ».

قالت جينيفر وونغ، طبيبة القلب المعتمدة ومديرة الطب القلبي غير الجراحي في معهد ميموريال: «تبدو الدراسة منطقية. ظهر سابقًا أن ارتفاع ضغط الدم يُعد عامل خطر للخرف، وقد أظهرت هذه الدراسة أنه بوجود عوامل خطورة أخرى -تُحسب باستخدام درجة (CAIDE)- فإن لذلك خطر أكبر للإصابة بالخرف في الفئة العمرية المتوسطة».

«يُعد وجود مثل هذه الدراسات مفيدًا، فقد أظهرت للمرضى العواقب الخطيرة لارتفاع ضغط الدم، الذي يطلق عليه البعض مرضًا صامتًا. لا يعاني العديد من الناس أي أعراض عندما يرتفع ضغط الدم لديهم في سن مبكرة، ويصعب على الناس فهم خطورة هذه العوامل مع قلة الأعراض. يساعد هذا في توضيح إمكانية وجود عواقب قد تظهر في وقت أبكر مما يتوقعه البعض».

اقرأ أيضًا:

كيف يؤدي فقدان السمع إلى الإصابة بالخرف؟

هل تساعد أدوية الستاتين في إبطاء تطور أعراض الخرف؟

ترجمة: ميلاد أبو الجدايل

تدقيق: تسنيم المنجد

المصدر