قد تراودنا أسئلة كثيرة حول تأثير نظامنا الغذائي في حياتنا الجنسية، وربما لا نفضل مشاركة هذه الأسئلة مع الآخرين -مع إنها مهمة- نظرًا إلى خصوصيتها، لأن النظام الغذائي الذي نتبعه يرتبط بالرغبة والأداء الجنسي لدى كل من الرجال والنساء. سنناقش في هذا المقال تأثير النظام الغذائي في القدرة الجنسية عند الرجال.

تؤثر حالة الضعف الجنسي سلبًا في ممارسة عملية جنسية طبيعية، وينعكس ذلك على نوعية الحياة ويخلق أيضًا ضغطًا نفسيًا كبيرًا عند الرجال، وتعود أسباب الضعف الجنسي إلى عوامل مختلفة منها النفسية والجسدية وغيرها الكثير، ولكن قد نستطيع علاج هذه الحالة أو تحسينها بتعديل نمط الحياة والنظام الغذائي المتبع بدلًا من تناول الأدوية.

يمثل الحفاظ على صحة القلب إحدى أفضل الطرق للحفاظ على وظيفة الانتصاب. تقول آدين كاسيدي الأستاذة في كلية العلوم البيولوجية في جامعة كوينز إن الآليات مترابطة بين الوظيفتين، إذ يشير وجود خلل في الانتصاب أو ضعف جنسي إلى صحة القلب ووظيفته، وقد يمثل إنذارًا مبكرًا للإصابة بأمراض القلب.

ترتبط المشكلتان ارتباطًا وثيقًا إلى درجة تعرض الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا ممن يعانون ضعفًا جنسيًا شديدًا إلى الإصابة بسكتة دماغية أو نوبة قلبية حادة بنسبة واحد من كل خمسين رجل.

وبحسب مختص الغدد الصم وأمراض الذكورة دوغ لوردينغ، يعمل القضيب كنافذة لصحة جهاز الدوران بسبب صغر الأوعية الدموية التي تغذيه، فيتأثر في وقت أبكر من الأجزاء الأخرى في الجسم.

عند التطرق إلى النظام الغذائي الذي قد يساعد على حل مشكلات الضعف الجنسي، فمن الجيد النظر إلى الحميات المفيدة لصحة القلب وضبط ضغط الدم، وتأتي الأنظمة الغنية بالفواكه والخضروات الطازجة في أعلى القائمة.

أُجريت دراسة حول دور النظام الغذائي في القدرة الجنسية عام 2016، وشملت أكثر من 25 ألف رجل مع متابعة حالاتهم على مدى عشر سنوات، رُبطت حالات الضعف الجنسي بتناول الرجال المشاركين في البحث لنوع من المركبات الكيميائية المعروفة باسم الفلافونويد.

قدمت ثلاثة أنواع من مركبات الفلافونويد المختلفة الفائدة الأكبر، وهي الأنثوسيانينات والفلافانونات والفلافونات. ويقول البحث إن مستويات عالية من هذه المواد الكيميائية ذات المصادر النباتية الطبيعية موجودة في أنواع مختلفة من الفاكهة، مثل التوت البري والعليق والفراولة والكرز والعنب والتفاح والكمثرى والحمضيات.

وجد الباحثون أن الرجال الذين تناولوا ثلاثة حصص من الأطعمة الغنية بالفلافونويد أسبوعيًا على الأقل قد انخفض معدل إصابتهم بالضعف الجنسي بنسبة 10%. وبالوسع أيضًا الاستفادة من تناول بعض المشروبات مثل الكاكاو والنبيذ الأحمر، لكنها بالطبع ليست جيدة بقدر الفاكهة والخضروات.

إن آلية تأثير مركبات الفلافونويد غير معروفة تمامًا، لكن تنص بعض النظريات المحتملة على أن مركبات الفلافونويد تؤثر في تركيز أكسيد النيتريك (NO) في الدم، وهي مادة موسعة للأوعية الدموية، فتؤثر بالنتيجة في عملية الانتصاب بصورة مماثلة لعمل مركبات الفياغرا.

تشير الأبحاث السابقة أيضًا إلى أن مركبات الفلافونويد تمنع تأثيرات بعض البروتينات المقبضة للشرايين التي تؤثر في وظيفة الانتصاب.

تحتوي الخضروات الورقية مثل السبانخ والجرجير على مستويات عالية من النترات، فتمثل إضافة القليل منها إلى أطباق السلطة في نظامنا الغذائي فكرة جيدة.

يعد النظام الغذائي الغني بالأطعمة الطازجة بداية رائعة لحياة جنسية صحية. أبرزت دراسات كثيرة فوائد اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط التي تتضمن الكثير من الفاكهة والخضروات، بالإضافة إلى الحبوب الكاملة والمكسرات والبذور والدهون الصحية مثل زيت الزيتون والأسماك.

تكمن الفائدة من هذا المزيج الغذائي في غناه بأحماض أوميغا 3 الدهنية التي تقلل من ضعف الانتصاب، لذا فإن الأطعمة الغنية بهذا المركب مثل الأسماك والمكسرات وبعض الزيوت وبذور الكتان والخضار الورقية قد تساعد في تحسين القدرة الجنسية.

دُرس زيت الزيتون أيضًا بوصفه مكونًا مفيدًا في عملية الانتصاب، لكن الخصائص التي تُرجّح فوائدها في علاج ضعف الانتصاب تُدمَّر في عملية التنقية، لذلك يجب أن يكون الزيت بِكرًا.

تُعد الطماطم مفيدة أيضًا في تحسين الأداء الجنسي لأنها غنية بفيتامين C والكاروتينويدات (اللايكوبين) وعديدات الفينول، بالإضافة إلى مساهمتها في الوقاية من اعتلال وظائف الأوعية الدموية في الغدد الصماء بخصائصها المضادة للالتهابات، وتوفير أكسيد النتريك (NO)، وتخفيف تضيقات الأوعية الأبهرية.

قدم أثناسيوس أنجيليس الباحث في جامعة أثينا دراسة حول العلاقة بين اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط وضعف الانتصاب لدى 250 رجلًا في منتصف العمر مصابين بارتفاع ضغط الدم، وقال: «ترتبط حمية البحر الأبيض المتوسط باكتساب قدرة أكبر على ممارسة الرياضة، وصحة أفضل للشرايين التاجية والأوعية الدموية مع تحسين تدفق الدم عبرها، وارتفاع مستويات هرمون التستوستيرون، وبالطبع تحسين وظيفة الانتصاب … أشارت النتائج إلى القيمة الكبيرة لحمية البحر الأبيض المتوسط في الحفاظ صحة الأوعية الدموية وتحسين نوعية الحياة». بوسعنا القول عمومًا أن نجاح حمية البحر الأبيض المتوسط سببه ببساطة العلاقة الوثيقة بين صحة القلب والقضيب مثلما ذكرنا سابقًا.

وبالعودة مرة أخرى إلى أهمية الطماطم بسبب غناها بمادة اللايكوبين التي تعد نوعًا من مضادات الأكسدة، أشارت الدراسات إلى ارتباط نقص هذه المادة في الجسم بالإصابة بضعف الانتصاب.

آلية تأثير هذا النقص غير معروفة تمامًا، لكن بعض الدراسات المجراة على الفئران أظهرت مساهمة اللايكوبين في انخفاض نسبة الغلوكوز في الدم، ما يقلل من النشاط التأكسدي ويطلق المزيد من أكسيد النيتريك (NO)، إضافةً إلى التأثير الأساسي لمادة اللايكوبين لأنها مسؤولة عن اللون الأحمر للأطعمة -مثل الجريب فروت الوردي أو الفلفل الأحمر-، ما يجعل البحث عن هذه الأطعمة وتناولها إلى جانب الطماطم خيارًا ممتازًا.

بالوسع أيضًا تجربة البطيخ، فهو ليس مصدرًا للايكولين فقط، بل يحتوي أيضًا على الحمض الأميني السيترولين، وهي مادة تربطها الأبحاث الحديثة بتحسين وظيفة الانتصاب. لكن تُعد الأبحاث حول تأثيرات السيترولين والبطيخ جديدة نسبيًا، إذ طُبقت معظم الدراسات حوله على أعداد قليلة من الرجال، أو على الحيوانات فقط، لذلك لا يمكن الجزم بإمكانية اعتبار البطيخ بمثابة فياغرا طبيعية. ومع ذلك بوسع معظم الرجال تجربة عصير البطيخ أو مكملات السيترولين بأمان للحصول على تأثير مشابه للفياغرا.

يقول الطبيب نيل باتيل: «في النهاية، لا يوجد أي ضرر في محاولة تطبيق أسلوب حياة صحي، ويمثل اتباع نظام غذائي متوازن مع الكميات الموصى بها من الفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة بداية رائعة».

اقرأ أيضًا:

ما هو تاثير ادوية الضعف الجنسي على امراض القلب ؟

احذر السجائر الإلكترونية لأنها تسبب الضعف الجنسي

ترجمة: تيماء القلعاني

تدقيق: أنس الرعيدي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر