يسبب التوتر أحيانًا ارتفاع ضغط الدم، الذي يزيد بدوره خطر الإصابة بالنوبة القلبية. قد يؤدي التوتر أيضًا إلى اتباع أنماط سلوكية تزيد خطر الإصابة بالنوبة القلبية مثل التدخين والإفراط في الأكل. لكن كيف يساهم التوتر في التسبب بأمراض القلب، وما سبل الوقاية منها؟

هل يمكن أن يسبب التوتر نوبة قلبية؟

يؤدي التوتر في بعض الحالات إلى الإصابة بالأمراض القلبية مباشرةً، من ضمنها اعتلال تاكوتسوبو القلبي وتسلخ الشريان الأورطي وارتفاع فجائي في ضغط الدم يسمى نوبة ارتفاع ضغط الدم.

في حين أن هذه الحالات ليست نوبات قلبية، فإنها تحاكي أعراض النوبة القلبية؛ إذ تتضمن أعراض اعتلال تاكوتسوبو -الذي يُعرف أيضًا بمتلازمة القلب المكسور- على سبيل المثال ألمًا في الصدر وضيق التنفس والشعور بالغثيان.

يسبب التوتر الفجائي في اعتلال تاكوتسوبو القلبي عجز عضلة القلب على ضخ قدرٍ كافٍ من الدم إلى الجسم، وعلى الرغم من أن هذه الحالة تختلف عن النوبة القلبية التي تنجم عن انسداد في الشرايين التاجية، فإنها قد تؤدي إلى ضرر دائم لأنها تصعق عضلة القلب.

بيد أن التوتر يزيد خطر الإصابة بالنوبة القلبية في أغلب الحالات بطريقة غير مباشرة عبر تأثيره في نمط الحياة والاتزان الهرموني.

كيف يساهم التوتر في أمراض القلب؟

يساهم التوتر أحيانًا في الإصابة بالنوبة القلبية بالحض على سلوكيات تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل التدخين، والامتناع عن ممارسة الرياضة بانتظام، ونسيان تناول الأدوية الإلزامية، والإفراط في الأكل وشرب الكحول.

يحفز التوتر إفراز هرمون الكورتيزول الذي يُعرف بهرمون التوتر. يؤدي ارتفاع هرمون الكورتيزول إلى مقاومة الإنسولين وارتفاع ضغط الدم، الذي يعد بدوره من ضمن عوامل خطر الإصابة بالنوبة القلبية.

قد يسبب التوتر أيضًا ارتفاع ضغط الدم، الذي يُعد من ضمن عوامل اختطار الإصابة بالنوبة القلبية.

درس باحثون في عام 2017 اللوزة الدماغية لدى 293 شخصًا سليمًا من الأمراض القلبية، تؤدي اللوزة الدماغية دورًا في التوتر، ووجد الباحثون آنذاك أن التوتر يعزز نشاطها، وارتبط هذا بارتفاع نشاط نخاع العظم والتهاب الشرايين واضطرابات القلب والأوعية الدموية مثل النوبة القلبية.

استنتج الباحثون أن نشاط اللوزة الدماغية مؤشر قوي على الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مستقبلًا، ما يؤكد أن التوتر من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب.

هل يسبب التوتر أمراضًا أخرى؟

تشير رابطة علم النفس الأمريكية إلى أن التوتر المزمن يسبب اضطرابات في العديد من أجزاء الجسم، مثل القلب والأوعية الدموية والعضلات والغدد الصماء والجهاز التنفسي والهضمي والتناسلي.

اضطرابات القلب والأوعية الدموية:

يزيد التوتر خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم إلى جانب الإصابة بالنوبة القلبية، ويرجع هذا إلى أنه يزيد معدل نبضات القلب وضغط الدم ومستويات هرمونات التوتر.

الاضطرابات العضلية:

يسبب التوتر المزمن شدًا عضليًا مستمرًا، ما قد يؤدي بدوره إلى الصداع النصفي وآلام أسفل الظهر وألم في الذراعين.

اضطرابات الغدد الصماء:

يتضمن جهاز الغدد الصماء البنكرياس والمبيضين والخصيتين والغدة الدرقية والكظرية وغيرها.

يحفز التوتر إفراز هرمون الكورتيزول الذي ينتج تأثيرات فيزيولوجية تؤدي إلى مشكلات أخرى، مثل الاكتئاب والإرهاق المزمن وأمراض مناعية إضافةً إلى اضطرابات أيضية مثل السمنة والسكري.

الاضطرابات التنفسية:

يتضمن الجهاز التنفسي الأنف والقصبة الهوائية والرئتين، وتتمثل وظيفته في إيصال الأكسجين إلى الخلايا وإزالة ثاني أكسيد الكربون والمخلفات الأخرى من الجسم. بيد أن التوتر يتداخل أحيانًا مع وظيفة الجهاز التنفسي مسببًا ضيق التنفس، ما يفاقم بعض الاضطرابات التنفسية مثل الربو ومرض الرئة الانسدادي المزمن

اضطرابات الجهاز الهضمي:

يضم الجهاز الهضمي ملايين الخلايا العصبية على تواصل مستمر مع الدماغ، تُعرف هذه الظاهرة بالمحور الدماغي المعوي.

يسبب التوتر اختلالًا في هذه العملية، ما يؤدي إلى انتفاخ البطن والألم والانزعاج الهضمي فضلًا عن تفاقم الأمراض المعوية الراهنة مثل متلازمة القولون المتهيج.

علاوة على ذلك، يؤثر التوتر في المجتمعات البكتيرية التي تعيش في الأمعاء، ما قد يؤثر سلبًا في الحالة المزاجية والقدرة على التفكير.

اضطرابات الجهاز التناسلي:

تؤثر المستويات المرتفعة من الكورتيزول في وظيفة الجهاز التناسلي الذكري، إذ بإمكانه أن يسبب انخفاض الشهوة الجنسية والضعف الجنسي.

أما تأثير التوتر في الجهاز التناسلي الأنثوي فيشمل عدم انتظام الدورة الشهرية وانخفاض الشهوة الجنسية، إضافةً إلى أنه قد يسبب تأثيرات ضارة في تطور الجنين لدى النساء الحوامل.

عوامل خطر أمراض القلب:

تتضمن عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب عوامل لا يمكن تغييرها مثل التقدم في السن أو الجنس الذكري، غير أنها تتضمن أيضًا عوامل أخرى بإمكاننا ضبطها مثل:

  •  التدخين: يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى المدخنين أكثر من غيرهم.
  •  ارتفاع ضغط الدم: يعزز ارتفاع ضغط الدم الحمل على القلب، ما يصلب عضلة القلب ويزيد سمكها، من ثم تختل وظيفة القلب نتيجة التصلب ويزداد خطر الإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية.
  •  ارتفاع الكوليسترول: يزيد ارتفاع الكوليسترول خطر انسداد شرايين القلب.
  •  السمنة وزيادة الوزن: يزداد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب مع فرط زيادة دهون الجسم ولا سيما في منطقة الخصر.
  •  الخمول: ينخفض خطر الإصابة بأمراض القلب عند الانتظام على ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة أو القاسية.
  •  السكري: يزيد السكري خطر الإصابة بأمراض القلب حتى إذا كان مستوى سكر الدم مضبوطًا.
  • الكحول: يؤدي الإفراط في شرب الكحول إلى ارتفاع ضغط الدم ويزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية واعتلال عضلة القلب.
  •  النظام الغذائي غير الصحي: يعد النظام الغذائي الصحي والمتزن من ضمن أفضل وسائل محاربة أمراض القلب والأوعية الدموية.

سبل الوقاية:

تشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن الوقاية من أمراض القلب تتضمن اتباع نظام حياة صحي والالتزام بالأدوية للسيطرة على الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع الكوليسترول وضغط الدم، من المهم أيضًا اتباع بعض العادات الصحية مثل:

  •  الالتزام بحمية مغذية: يعني هذا تكثيف الأطعمة الغنية بالألياف والمغذيات مثل الفواكه والخضراوات، إلى جانب تقليل استهلاك الأطعمة الغنية بالأملاح والسكريات والدهون المشبعة.
  •  تقليل استهلاك الكحول: ينبغي ألا يزيد استهلاك الكحول عن وحدتين يوميًا للذكور ووحدة واحدة للإناث.
  •  الإقلاع عن التدخين: من الصعب الإقلاع عن التدخين لكن قد يصف الأطباء بعض الأدوية لتسهيل الأمر.
  •  ممارسة الرياضة بانتظام: يوصي الخبراء بممارسة تمارين رياضية معتدلة 150 دقيقة أسبوعيًا، مثل المشي السريع.
  •  الحفاظ على مستوى معتدل لوزن الجسم: لا يوجد وزن صحي للجميع، لكن يساعد اعتدال الوزن على تقليل خطر الإصابة بأمراض عديدة.

ما مصير المصابين بالنوبة القلبية؟

تعد النوبة القلبية شائعة إلى حد ما ولكنها ليست مميتةً دائمًا، إذ بينت جمعية القلب الأمريكية أن معظم الذين يصابون بنوبة قلبية يعيشون حياةً طبيعية نسبيًا بعد الإصابة الأولى، لكن المؤسف أن قرابة 20% من المصابين الذين يبلغ عمرهم 45 سنة أو أكثر يصابون بنوبة قلبية أخرى خلال خمس سنوات.

اهتمت دراسة من عام 2021 بخطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية بعد فترة وجيزة من النوبة الأولى، ووجد فريقها أن الإصابة بنوبة ثانية خلال 90 يومًا مرتبط بارتفاع معدل الوفاة، إذ توفي 50% من الأشخاص الذين أصيبوا بنوبة ثانية قريبة من النوبة الأولى في غضون خمس سنوات.

اقرأ أيضًا:

ما هي النوبة القلبية ؟ اعراضها ، اسبابها و علاجها

كيف تتعامل مع النوبة القلبية ان حدثت؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر