من الطبيعي الشعور ببعض القلق أو الخوف أو التوتر بين الحين والآخر لدى معظم الأشخاص، إذ تعد ردود فعل عادية لبعض اللحظات الاستثنائية في الحياة اليومية. ولكن قد يسبب القلق لبعض الأشخاص أعراضًا جسدية مثل ألم الصدر، ومن الضروري تحديد سبب هذا الألم عند حدوثه، سواء أكان ناتجًا عن القلق أم غيره.

يعاني بعض الناس القلق على نحو متكرر، وقد تتخطى الأعراض مشاعر القلق أو التوجس لتصل إلى ردود فعلٍ جسدية للحالة، وفي بعض الأحيان قد تُعزَى هذه الأعراض خطأً إلى حالاتٍ أخرى.

قد يكون ألم الصدر عرضًا من أعراض القلق أحيانًا، إذ يكون لافتًا للانتباه غالبًا بعد نوبة هلعٍ أو رد فعلٍ مُبالَغ به بسبب احتمال ارتباطه بالنوبات القلبية وغيرها من اضطرابات القلب.

إذا كان الشعور بالقلق متكررًا، فقد يفيد تعلم مزيد عن ألم الصدر وفهمه في المساعدة على تخفيفه وتحديد الحالات التي تحتاج دعمًا طبيًا إضافيًا.

كيف يشعر المريض بألم الصدر الناتج عن القلق؟

نادرًا ما تتشابه أعراض القلق بين المصابين، وفي بعض الأحيان تختلف الأعراض لدى الشخص نفسه من وقتٍ لآخر، إذ تظهر أعراض القلق بأشكال عدة، وهذا يصعّب كشف الأعراض وفهمها كما يجب.

يختلف الشعور بحالة ألم الصدر الناتج عن القلق من شخصٍ لآخر، إذ يشعر به البعض بصورة تدريجية، وقد يكون مفاجئًا وغير متوقعٍ لأشخاص آخرين. ومن سمات ألم الصدر الناتج عن القلق:

  •  ألم حاد.
  •  آلام صدرية مستمرة.
  •  رجفة عضلية أو تشنج غير اعتيادي في الصدر.
  •  الشعور بألم حارق، أو بالخدر، أو بألم كليل.
  •  ضغط طاعن.
  •  الشعور بضيق أو شدة في الصدر.

قد يخاف المصابون بألم الصدر الناتج عن القلق ما لم يكن لديهم إصابة سابقة بهذه الحالة من قبل، إذ يفترض كثير منهم أنهم مصابون بنوبة قلبية ويقصدون قسم الإسعاف في المستشفى لتلقي العلاج.

أوضح بحث نُشر في عام 2018 أن 25% إلى 50% من المرضى الذين لجأوا إلى قسم الإسعاف في حالة منخفضة الخطورة من ألم الصدر (ألم الصدر غير الناتج عن نوبة قلبية) يعانون حالة معتدلة إلى شديدة من القلق.

عندما لا يجد الأطباء في قسم الإسعاف سببًا محددًا لألم الصدر فتجب عندها استشارة الطبيب المسؤول عن المريض بشأن أسباب محتملة أخرى من ضمنها القلق.

المقارنة بين ألم الصدر الناتج عن القلق وألم الصدر الناتج عن النوبة القلبية

يعد ألم الصدر عرضًا يستدعي الاهتمام، ويُفَضَّل عادةً الحصول على مساعدة طبية عاجلة عند الشعور به، حتى لو كان ناتجًا عن القلق، إذ إن تحديد سببه على هذا النحو أفضل من المخاطرة بفقدان وقت قيّم لدى الإصابة بنوبة قلبية.

يصف الأشخاص ألم الصدر بطرائق عدة عند إصابتهم بنوبة قلبية، ومن الأمثلة على ذلك:

  •  ألم صدري يمتد إلى أجزاء أخرى من الجسم، مثل الفك والذراعين.
  •  ألم صدري يسوء مع التعرض للجهد.
  •  الغثيان المترافق مع ألم الصدر.
  •  الشعور بضغط على الصدر، يشبه أن يقوم أحد بوضع شيءٍ ثقيل على الصدر.
  •  تسرع معدل ضربات القلب.
  •  ضيق النفس.
  •  شعور ضاغط في الصدر.

بحسب بحث في عام 2020 يغيب ألم الصدر لدى 30% تقريبًا من المرضى المصابين بنوبة قلبية، في حين يشتكي بعض الأشخاص وجود أعراض مثل ألم في الظهر والتعب بوصفهما جزءًا من أعراض النوبة.

يعلم الأطباء بشأن وجود رابطٍ بين ألم الصدر والقلق، لكن لا يجب تجاهل الأعراض، ويُفَضَّل طلب الاستشارة الطبية والاتصال بخدمات الطوارئ في حال الإصابة بألم صدري. لا يُنصَح بقيادة السيارة شخصيًا إلى المستشفى. يقيّم العاملون في قسم الإسعاف حالة كل مصاب ويشخصون إصابة الشخص بنوبة قلبية أو يحددون وجود سبب آخر لألم الصدر الذي يشعر به.

ما الذي يسبب ألم الصدر في حالة القلق؟

قد ينتج عن الإصابة بالقلق استجابة جسدية، وغالبًا ما تحدث ردود فعل مثل التعرق أو ضيق النفس. وعند الإصابة بحالة من القلق يطلق الدماغ والجسم استجابةً عاجلة للضغط النفسي، وهذا يشمل تغيرات فيزيولوجية. قد يشعر الشخص بتشنجٍ وتوتر في كامل جسده.

قد تشمل الاستجابة للضغط استجابة نفسية أو انفعالية أيضًا، وقد يصبح الشخص عنيفًا أو ينزعج بسهولة. يُطلق على هذه الاستجابة المواجهة أو الهروب (أو استجابة الكر أو الفر fight-or-flight response)، إذ يستعد الجسم لمواجهة الموقف أو الهروب منه عند التعرض للقلق أو الضغط النفسي.

وعند عدم حدوث استجابة المواجهة أو الهروب بتكرار كبير يتعافى الجسم تمامًا منها في غضون 30 دقيقة، لكن عند حدوثها بتواترٍ مرتفع لا يستطيع الجسم التعافي بالسرعة نفسها، وقد يسبب هذا زيادة التشنج العضلي، وقد يصبح هذا التشنج مؤلمًا في منطقة الصدر.

وبآلية مشابهة لذلك، في لحظةٍ يزداد فيها الضغط النفسي أكثر من المعتاد قد يزيد معدّل ضربات القلب، وقد تزيد قوة الضربة القلبية. قد ينتج الألم الغريب في الصدر عن اجتماع هذا الشعور مع الشد في عضلات الصدر أيضًا.

العلاجات المنزلية

توجد بعض التقنيات البسيطة لتجربتها عند الشعور بالقلق، وقد لا تكون هذه التقنيات فعالة في كل مرة، لكنها بداية جيدة للمساعدة على السيطرة على القلق.

 التمرّن على التنفس العميق

يساعد التنفس العميق مع التركيز عليه على تهدئة الذهن والجسد. يُنصح بتجربته في غرفةٍ هادئة أو أي مكانٍ هادئ، وذلك بالشهيق مع العد حتى 10، ثم حبس النَّفَس لثانية واحدة، وبعدها الزفير مع العد حتى 10. وإعادة هذا التمرين مرات عدة إلى حين الشعور بانخفاض معدل ضربات القلب.

 التوقف للحظة والتفكير بالحالة

قد يساعد أيضًا تقبل مشاعر القلق، والتعرف عليها، ثم العمل على رؤية الأمور في سياقها الصحيح. فعند القلق بشأن شيءٍ لا يمكن السيطرة عليه، أو عند الخوف من نتيجة غير محتملة الحدوث أصلًا، أو عند الخشية من موقف لا نستطيع التحكم بنتيجته، قد يساعد الحديث عن هذه المشاعر على إيجاد مصدرها، ثم العمل لوضع الأمور في نِصابها الصحيح.

 تخيل مشهدٍ جميل

يساعد تخيل مكانٍ على تهدئة الذهن على الفور في حالة الشعور بالقلق، خاصة عندما يحدث ذلك في موقف لا يمكن تجنّبه مثل اجتماعٍ صعب. بالوسع أيضًا ممارسة التنفس العميق مع تخيل ذلك المكان في الوقت ذاته.

 استخدام تطبيقات الاسترخاء

تقدم تطبيقات الهاتف الذكي التي تخص القلق دليلًا لتقنيات وتمارين التخفيف من الضغط النفسي. قد تساعد تطبيقات التأمل أيضًا على تهدئة الذهن عند الشعور بالتوتر. تتوفر كثير من التطبيقات المجانية، ويمكن تجربة أكثر من واحد منها للعثور على التطبيق المناسب.

 الاعتناء بالصحة الجسدية

يعادل الاعتناء بصحة الجسد الاعتناء بصحة الذهن كذلك. فيجب الانتباه إلى الاعتناء بالصحة الجسدية، وأخذ قسطٍ كافٍ من النوم، والأكل جيدًا أيضًا. قد لا يعالج ذلك ألم الصدر الناتج عن القلق، لكنه يساعد على التخفيف من خطر الإصابة بالقلق وألم الصدر الناتج عنه في المستقبل.

 استشارة الطبيب

في حال كان القلق أو ألم الصدر شديدين أو مزمنين يُنصَح باستشارة معالج نفسي. يساعد المعالج النفسي على التكلم بشأن المواقف التي تسبب القلق، ويقترح بعض تقنيات التأقلم. قد لا تخطر هذه التقنيات لوحدها على بال الشخص المتوتر معظم الوقت، وهنا يبرز دور العاملين في المجال الصحي للمساعدة.

يستطيع الطبيب أو المعالج النفسي تعليم المريض تقنيات تأقلم تساعده على الشعور بالسيطرة والأمان، وعندما يستعيد شعوره بالهدوء ستخفّ الأعراض الموجودة ومنها ألم الصدر.

وإن لم تُجدِ تقنيات التدريب أو التمارين الذهنية نفعًا، يمكن أخذ العلاج الدوائي بالحُسبان. تملك الأدوية المضادة للقلق بعض المخاطر والتأثيرات الجانبية، لكن تناولها بوصفها حلًا مؤقتًا لتخفيف الشعور بالقلق في أثناء تعلم التأقلم مع الأعراض مفيد جدًا.

الخلاصة

يعد تحديد كون ألم الصدر ناتج عن القلق خطوة مهمة في معالجة الحالة، إذ إن تعلم التعامل مع الآثار الجانبية للقلق يتيح المجال للسيطرة على المضاعفات المفاجئة مثل ألم الصدر.

إن التهيئة وتعلم تقنيات وتمارين التأقلم المناسبة تساعد على الشعور بالقدرة على إبقاء كل شيءٍ تحت السيطرة في حال عدم معرفة ما إذا كانت حالة ألم الصدر الناتج عن القلق ستتكرر مرة أخرى.

اقرأ أيضًا:

ما العلاقة بين القلق والأرق؟

الغثيان المتعلق بالقلق، أمور عليك معرفتها للتغلب على الحالة

ترجمة: حاتم نظام

تدقيق: ريمي سليمان

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر