يُعرف داء الإشعاع أيضًا باسم متلازمة الإشعاع الحادة (ARS)، وهو مرض شديد الخطورة، وينتج عن التعرُّض الكبير للإشعاع المؤين. قد يحدث بسبب نشاطات إشعاعية أو نووية، وليس من إجراءات الطبية.

تختلف أعراض داء الإشعاع تبعًا لمقدار التعرّض.

داء الإشعاع:

إن داء الإشعاع مرض مهدد للحياة، يحدث بسبب التعرّض المُطول للجسم أو لجزء كبير منه للأشعة المؤينة؛ أو لكمية كبيرة منها، قد ينتهي بالموت خلال ساعات أو ربما عدة أشهر بعد التعرض.

يرتبط داء الإشعاع عمومًا بالتعرّض الإشعاعي الحاد المفاجئ والشديد، وله مجموعة من الأعراض التي تظهر بترتيب مُعين يمكن التنبؤ به.

عادًة ما يرتبط التعرّض للإشعاع المزمن بمشاكل طبيّة طويلة الأمد، مثل السرطان والشيخوخة المبكرة. قد تحدث هذه المضاعفات لفترة طويلة من الزمن، وتعتمد شدته على الجرعة وطول الفترة الزمنية للتعرّض.

إنّ التعرّض لجرعة عالية وحيدة على مدى دقائق إلى ساعات أكثر ضررًا من عدة جرعات صغيرة تُعطى على مدى أسابيع أو أشهر لمنطقة صغيرة من الجسم مثل علاج السرطان.

الأشعة المؤيّنة:

هي أشعة تؤين المواد من حولنا، مثل الماء والهواء وحتى الأجسام الحية، معطيةً إلكترونات حرة من الذرات والجزيئات.

نحتاج في بعض الاختبارات التشخيصيّة الطبية لاستعمال الأشعة، نادرًا ما تكون جرعة الأشعة المستخدمة كبيرة بما يكفي لتسبب ضررًا.

يحدث داء الإشعاع بسبب التعرض الكبير للأشعة كالتي تصدر عن حوادث المعامل النووية أو الجرعات الطبية العلاجية الكبيرة جدًا.

ننوّه أن جسم الإنسان يتعرض يوميًا لجرعات منخفضة من الأشعة المؤيّنة القادمة من الفضاء أو الأرض. بالإضافة إلى مصادر الإشعاع بشرية الصنع، وأكثرها شيوعًا هي تلك الأجهزة المستخدمة في المجال الطبي للتصوير التشخيصي، مثل أجهزة التصوير المقطعي المحوسب أو الأشعة السينية أو العلاج الشعاعي.

تتراوح جرعة الأشعة المعتدلة مابين 1 إلى 6 غراي، مع ذلك تعد أشعةً مؤذية. أما الجرعة المميتة 10 غراي أو أكثر.

ما مدى شيوع داء الإشعاع؟

تعد الحوادث الشعاعية أو النووية المسببة لداء الأشعاع نادرة، إلا أنها تصيب عددًا كبيرًا جدًا من البشر إذا حدثت، إذ أُصيب نحو 6000 طفل بسرطان الغدة الدرقية بسبب انفجار المفاعل النووي تشيرنوبل 1986. وقد راح ضحيةَ انفجار القنبلتين الذريتين في اليابان في آب العام 1945، نحو 110,000 قتيل بعد الانفجار مباشرة، و 1000 شخص لقي حتفه لاحقًا بعد الانفجار بسبعين عامًا تقريبًا بسبب السرطانات الناجمة عن الإشعاع.

كيف تؤثر الجرعات الكبيرة من الأشعة المؤينة على الجسم؟

تؤدي الجرعة العالية لتلف الخلايا، بينما تؤثر الجرعات الأقل على وظائف الخلايا كالنمو والانقسام والتجدد.

يحتوي جسمنا على خلايا حساسة للأشعة، مثل خلايا نقي العظم وخلايا السبيل المعدي المعوي وخلايا الجلد.

تكون هذه الأنسجة أول الأعضاء المتأثرة بالجرعات الكبيرة من الأشعة من ناحية وضوح الأعراض.

أعراض داء الإشعاع:

تعتمد شدة الأعراض على:

  •  الجرعة.
  •  مدة التعرض.
  •  مساحة الجسم المتعرضة للأشعة.

قد تبدأ أعراض داء الإشعاع مباشرة بعد التعرّض أو بعد بضعة أيام أو أسابيع أو أشهر.

قد تظهر عدة متلازمات بعد التعرّض الإشعاعي الحاد بجرعة كبيرة:

  •  المتلازمة الوعائية الدماغية (تؤثر على الجريان الدموي في الدماغ).
  •  متلازمة السبيل المعوي المعدي (تصيب الجهاز الهضمي).
  •  متلازمة خلل التنسج النقوي ( تؤثر على تصنيع جميع أنواع خلايا الدم).

ولكل متلازمة منها ثلاثة أطوار مختلفة:

  •  الطور البدئي: يحدث بعد عدة دقائق إلى يومين بعد التعرّض. قد يشعر المصاب بالنعاس و الوهن، و يعاني من الغثيان أو الإقياء أو الإسهال.
  •  الطور الكامن اللاعرضي: يبدأ بعد عدة ساعات إلى 21 يومًا من التعرض، وهو بدون أعراض.
  •  الطور العرضي الصريح: يبدأ بعد عدة ساعات إلى أقل من 60 يومًا بعد التعرض. تظهر الأعراض بناءًا على الجهاز المتأثر في المتلازمات السابقة.

أعراض المتلازمة الوعائية الدماغية:

تعد متلازمة قاتلة، وتحدث بعد تعرض كامل الجسم لجرعات عالية من الإشعاع (أكثر من 30 غراي).

يحدث الطور البدئي في غضون دقائق إلى ساعة واحدة بعد التعرض، أما الطور الكامن فهو قصير جدًا أو غير موجود.

تشمل الأعراض في الطور العرضي مايلي:

  •  الارتعاش.
  •  تشنجات.
  •  الرَنَح.
  •  وذمة الدماغية.

تحدث الوفاة في غضون ساعات إلى يوم وحتى يومين.

أعراض متلازمة السبيل المعوي المعدي:

تحدث بسبب تشعيع كامل الجسم بجرعات كبيرة تتراوح بين 6 ل 30 غراي.

يظهر الطور البدئي خلال ساعة واحدة تقريبًا بعد التعرض ويختفي في غضون يومين، ويستمر الطور الكامن من أربعة إلى خمسة أيام.

تشمل أعراض الطور العرضي الصريح ما يلي:

  •  الغثيان الشديد والإقياء والإسهال.
  •  التجفاف الشديد واضطراب توازن الشوارد.
  •  نقص البلازما في الدم.
  •  الفشل القلبي الوعائي: التطور السريع أو المفاجئ لفشل الدورة الدموية.
  •  تنخّر الأمعاء، ما قد يؤدي إلى تعفّن الدم.

الموت في هذه المتلازمة شائع؛ يصاب الناجون منها أيضًا بمتلازمة خلل التنسج النقوي.

متلازمة خلل التنسج النقوي:

تحدث بسبب تشعيع كامل الجسم بجرعة تتراوح بين 1 إلى 6 غراي. وتتضمن نقص الكريات الشاملة المعممة، أي نقص في جميع مكونات الدم الثلاثة من كريات دم حمراء و بيضاء و صُفيحات.

يبدأ الطور البدئي خلال ساعة إلى 6 ساعات بعد التعرض، ويستمر يوم إلى يومين ويكون معتدلًا. ويستمر الطور الكامن نحو 4 أسابيع.

تتضمن أعراض الطور الأخير:

  •  خطر التعرض لمختلف أنواع العدوى بسبب نقص العدلات و نقص إنتاج الأجسام المضادة.
  •  كدمات ونزيف في المخاطية قد يستمر لأشهر.
  •  فقر دم، يتطور ببطء.

يكون الناجون أكثر عرضة للإصابة بالسرطانات الناجمة عن الأشعة مثل اللوكيميا و سرطان الغدة الدرقية.

أسباب داء الإشعاع:

التعرّض المباشر للأشعة أو للمواد المشعة له دور كبير في الإصابة بداء الإشعاع.

هل داء الإشعاع معدٍ؟

يعد غير معدٍ طالما يبقى الشخص بعيد عن مصدر التلوث، لكنه معدٍ في باقي الحالات.

تشخيص داء الإشعاع:

يلجأ الطبيب إلى:

  •  تاريخ التعرض للإشعاع.
  •  الأعراض و العلامات.
  •  الفحوص المخبرية.

علاج داء الإشعاع:

يختلف العلاج تبعًا لشدة التعرض. من الخطط العلاجية المتبعة عادةً:

  •  التطهير من التلوث: التخلص من الملابس الملوثة وغسل الجسم، لحماية الآخرين من العدوى.
  •  إجراءات جراحية لذوي الإصابات المهددة للحياة.
  •  علاجات داعمة؛ مثل ضبط السوائل وشوارد الجسم، محاولة تخفيف آلام الحروق والجروح، والبدء بالعلاج بالصادات تحسبًا لأي عدوى.
  •  محاولة الوقاية من سرطان الغدة الدرقية: ينصح المختصون كل الأمهات الحوامل والأطفال ممن تعرضوا للإشعاع بتناول يوديد البوتاسيوم لحماية الغدة الدرقية ومنعها من سحب اليود المشع.
  •  منح العلاج النفسي المهم والمناسب، قد يكون علاجًا كلاميًا أو إعطاء أدوية مناسبة.

الوقاية من داء الإشعاع:

للأسف لا يوجد ما يمكن فعله لمنع الحوادث المؤدية لإصدار الإشعاعات الكبيرة.

لكن من المهم اتباع إجراءات السلامة في مثل تلك الحوادث.

التوقعات:

تعتمد التوقعات على عدة عوامل:

  •  كمية الأشعة الممتصة من قبل الجسم.
  •  مقدار ما تعرض من الجسم للأشعة.
  •  سرعة تلقي على العلاج الطبي.

سبق وذكرنا أن داء الإشعاع غالبًا مرض قاتل، كلما كانت الجرعة أقل زاد زمن النجاة من الموت لكنه يبقى نتيجة حتمية غالبًا.

يتراوح الوقت المتوقع للوفاة للمصابين بالمتلازمات السابقة:

المتلازمة الوعائية الدماغية: في غضون ساعات إلى عدة أيام من التعرض للإشعاع.

متلازمة الجهاز الهضمي: تحدث الوفاة في غضون يومين إلى عدة أسابيع.

متلازمة خلل التنسج النقوي: تحدث الوفاة في غضون 4 إلى 8 أسابيع بسبب العدوى أو النزوف الكبيرة.

يحدث شفاء كامل عادةً بالنسبة للأشخاص الذين تعرضوا لتشعيع كامل الجسم بجرعة قدرها أقل من 2 غراي؛ في غضون شهر. لكن قد يتعرضون لخطر الإصابة لمضاعفات طويلة الأمد مثل السرطان.

داء الإشعاع خطير جدًا و قاتل، بالرغم أنه لا يوجد ما يمكن للوقاية، ألا أنه من المهم محاولة حماية أنفسنا باتباع إجراءات السلامة قدر الإمكان.

اقرأ أيضًا:

متلازمة الإشعاع الحادة (ARS): الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

كم يصدر الجسم البشري من إشعاعات؟

ترجمة: حنان احمد

تدقيق: ألاء ديب

المصدر