تؤدي الموسيقى دورًا مهمًا في حياتنا، لكن هل تساءلت يومًا عما يقوله ذوقك الموسيقي عنك؟. حسنًا، اقترح بحث جديد وجود صلة محتملة بين الموسيقى التي نستمع إليها وسلوكياتنا الأخلاقية.

الموسيقى هي واحدة من أهم أنواع التعبير، وقال السياسي والكاتب الفرنسي فيكتور هوغو ذات مرة: «الموسيقى تعبر عما لا يمكن قوله ولا يمكن الصمت عنه».

بصرف النظر عما إذا كان لدينا أي موهبة موسيقية خاصة، فإن طبيعة أذواقنا الموسيقية تقول الكثير عنا. أظهرت الأبحاث السابقة أن الموسيقى قد تؤثر في عواطفنا وأدائنا المعرفي والإبداع والمرونة العقلية. إن تقييم الأغاني إضافة إلى الفنانين المفضلين لدينا، قد يوفران نظرة ثاقبة لمستويات التعاطف لدينا واحتياجاتنا الشخصية، وقد يساعدانا على التعبير عن قيمنا.

لكن ومع فهمنا لهذه الروابط، فقد أولى الأشخاص اهتمام أقل للعلاقة بين أذواقنا الموسيقية وقيمنا الأخلاقية، وكان هذا مصدر إلهام للباحثين من جامعة كوين ماري في لندن، ومؤسسة ISI في تورينو في إيطاليا، الذين شرعوا في التحقيق في التفاعل المعقد بين الموسيقى والأخلاق.

قال الدكتور شارالامبوس سايتيس، أحد كبار مؤلفي الدراسة ومحاضر في معالجة الموسيقى الرقمية في كلية الهندسة الإلكترونية والهندسة الإلكترونية في جامعة كوين ماري في لندن: «توفر دراستنا أدلة دامغة على أن تفضيلات الموسيقى قد تكون بمنزلة نافذة على القيم الأخلاقية للفرد».

فحصت الدراسة البيانات الموجودة لدى 1480 مشاركًا ممن أكملوا استبيانات القياس النفسي المتعلقة بقيمهم الأخلاقية، التي جُمعت عبر أداة المسح LikeYouth، ثم نظروا إلى الفنانين الذين أُعجبوا بهم على فيسبوك،

كتب المؤلفون: «افترضنا أنه إذا أُعجب مستخدم بصفحة فنان معين على فيسبوك، فإن أشهر أغاني هذا الفنان قد تعكس تفضيلات الموسيقى الخاصة بالمستخدم». وذلك قد يؤثر على دقة النتائج التي توصلوا إليها.

حلل الفريق بعد ذلك السمات الصوتية والغنائية من أفضل خمس أغنيات للفنانين المفضلين لدى كل مشارك، ثم استخدم الفريق خوارزميات التعلم الآلي لتحليل الميزات المستخرجة والتنبؤ بالقيم الأخلاقية للمشاركين.

كتب الفريق: «في هذا العمل، درسنا القيم الأخلاقية عبر نظرية الأسس الأخلاقية (MFT)، التي تصف الأساس النفسي للأخلاق عبر خمسة أسس فطرية، تشكلت من نطاق ذي وجهين بين ما يسمى الأخلاق والرذائل. هذه الأسس هي الرعاية والأذى، العدالة والغش، الولاء والخيانة، السلطة والتخريب، النقاء والانحطاط».

لقد استُخدم مقياس MFT على نطاق واسع من قبل علماء النفس لقياس الأخلاق منذ اختراعه في عام 2004، وقد أصبح مؤثرًا إلى حد كبير، مع أنه لا يخلو من منتقديه الذين يرون أنه يفتقد المجالات الأخلاقية الرئيسية مثل الإيثار، ويعاني بعض المشكلات التجريبية.

استخدموا تقنيات معالجة النص، بما في ذلك الأساليب القائمة على المعجم وتمثيلات التشفير ثنائية الاتجاه من التضمينات المستندة إلى المحولات (BERT)، وذلك لتحليل السرد والقيم الأخلاقية والمشاعر والتحميل العاطفي في كلمات الأغاني. إضافةً إلى ذلك، استُخدمت ميزات الصوت المنخفضة والعالية المستوى المقدمة عبر واجهة برمجة تطبيقات Spotify، وذلك لتقييم المعلومات المشفرة في الاختيارات الموسيقية، ما ساعد في تعزيز الاستدلالات الأخلاقية.

أظهرت النتائج أن السمات الغنائية والصوتية كانت أفضل من المعلومات الديموغرافية الأساسية للتنبؤ بالبوصلة الأخلاقية للشخص، ومن المثير للاهتمام أن عناصر مثل طبقة الصوت والجرس كانت بمنزلة تنبؤات حاسمة لقيم الرعاية، في حين كانت المشاعر والعواطف المعبر عنها في الكلمات أكثر فعالية في التنبؤ بالولاء والسلطة والنقاء.

أوضح فيوسا برينيكي، المؤلف الرئيسي للدراسة وطالب الدكتوراه في جامعة كوين ماري قائلًا: «تكشف النتائج التي توصلنا إليها أن الموسيقى ليست مجرد مصدر للترفيه أو المتعة الجمالية، بل هي أيضًا وسيلة قوية تعكس حساسياتنا الأخلاقية وتشكلها، وعبر فهم هذا الارتباط، يمكننا فتح آفاق جديدة للتدخلات القائمة على الموسيقى التي تعزز التطور الأخلاقي الإيجابي».

هذه النتائج لها آثار تتجاوز الفضول الأكاديمي، وقد تؤثر في كيفية تعاملنا مع الموسيقى واستخدامها في جوانب مختلفة من الحياة.

علق الدكتور كيرياكي كاليميري، المؤلف المشارك الرئيسي للدراسة والباحث في مؤسسة ISI قائلاً: «قد يمهد اختراقنا الطريق لتطبيقات تتراوح بين التجارب الموسيقية الشخصية والعلاج بالموسيقى المبتكرة وحملات التواصل».

اختتم فيوسا برينيكي حديثه قائلاً: «لقد كشف بحثنا عن رابط مهم بين الموسيقى والأخلاق، ما مهد الطريق لفهم أعمق للأبعاد النفسية المتعلقة بتجاربنا الموسيقية. نحن متحمسون لمواصلة استكشاف هذه المنطقة الغنية والمجهولة».

اقرأ أيضًا:

كيف تؤثر الموسيقى في دماغك؟

لماذا يحيي الاستماع إلى الموسيقى ذكرياتنا؟

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: نور حمود

المصدر