قدّمت دراسة جديدة على 50,000 شخص أدلةً قويةً على أن من يملك شحمًا بنيًا في جسده يكون أقل عرضةً لمجال واسع من الأمراض. قال الطبيب بول كوهين وهو أحد الباحثين في مشفى جامعة روكيفيلير: «تكشف الدراسة للمرة الأولى رابطًا مع خطر أقل لبعض الأمراض. تجعلنا هذه النتائج واثقين أكثر في سعينا نحو استهداف الشحم البني لتحقيق فوائد علاجية».

يكثر الشحم البني أو النسيج الشحمي البني (BAT) خصوصًا في حديثي الولادة والثدييات التي تمارس السبات الشتوي. يساعد هذا النسيج الثدييات في تنظيم حرارتها؛ فعندما نبرد؛ تحترق كميات من الجسيمات الكوندرية الكبيرة -الميتوكوندريات- في هذا الشحم منتجةً الطاقة والحرارة. والحقيقة هي أن الجسيمات الكوندرية الغنية بالحديد هي من يعطي الشحمَ البنيَّ لونَه المميزَ.

في عام 2009، اكتشف العلماء أن بعض البشر البالغين يملكون الشحم البني أيضًا، ويكون عادةً حول العنق والأكتاف.

بحثت دراسات عديدة أُجريت على الفئران عن الفائدة من امتلاك الشحم البني، لكن الدراسات المشابهة على البشر كانت مبهمةً أكثر حتى فترة قريبة. يبدو أن امتلاك هذا النوع من النسيج يحسّن عمليات الأيض وقد يساعد في خسارة الوزن. من الجدير بالذكر أن الأخيرة ليست بهذه البساطة.

يقول كوهين: «إن السؤال الطبيعي لدى الجميع هو: ماذا يجب أن أفعل لأمتلك المزيد من الشحم البني؟»

«لا نملك إلى الآن إجابةً جيدةً، لكن هذا سيكون مجالًا مهمًّا للعلماء في السنوات القادمة».

عند البحث في قاعدة البيانات الضخمة المؤلفة من 52487 مشاركًا خضعوا للتصوير المقطعي المحوسب والمسح بالإصدار البوزيتروني لتقييم الأورام؛ وجد الفريق دليلًا على وجود الشحم البني عند أقل من 10% من الحالات (5070).

دراسة تربط الدهون البنية بنتائج صحية أفضل - وظائف الشحم البني أو النسيج الشحمي البني - الجسيمات المنتجة للطاقة والحرارة في الجسم

يعتقد الباحثون أن ذلك قد يكون أقل من القيمة الواقعية بسبب الظروف التي خضع لها المشاركون، فقد طُلب منهم تجنب التعرض للبرد والتمرين والكافيين قبل المسح، وهي الأمور الذي رُبطت بنشاط الشحم البني.

يعاني 4.6% ممن يملكون الشّحم البني النمطَ الثاني من السكري، بينما كانت النسبة في المجموعة التي لم تمتلك الشّحم البني هي 9.5%. وَوُجدت نتائج مشابهة في اختبارات كولسترول الدم؛ فقد لوحظ أن 18.9% من الذين امتلكوا الشحم البني عانوا ارتفاع كولسترول الدم، مقارنة بنسبة 22.2% من الذين لا يملكونه.

أظهرت أمراض ارتفاع الضغط الشرياني وقصور القلب الاحتقاني وأمراض الشرايين الإكليلية فروقًا إيجابية عند مقارنة مجموعة تملك هذا النوع من الشحم بمجموعة لا تملكه.

قال الكتّاب في الورقة الجديدة: «دُعِمت هذه النتائج بتحسن مستوى سكر الدم والشحوم الثلاثية والبروتين الشحمي عالي الكثافة».

مع أن هذه الأرقام مُبشّرة، فإننا لا نجد دليلًا مُثبتًا يدل أن امتلاك الشحم البني يجعل الشخص منيعًا ضد هذه الأمراض رغم ارتباطه بوجود خطرٍ أقل للمعاناة من هذه الأمراض؛ ما يستدعي أبحاثًا إضافية.

من الملاحظات المهمة أيضًا أن الشحم البني له دورٌ وقائيٌّ خصوصًا لدى المصابين بفرط الوزن، فقد أظهر مفرطو الوزن ممن يمتلكون الشّحم البني نسبة انتشار تلك الأمراض الاستقلابية والقلبية مشابهة لمعتدلي الوزن.

قال كوهين: «يبدو أنهم محميون من الآثار الضارة للشحم الأبيض»، وقال الباحثون في الورقة: «تشير نتائجنا إلى احتمالية لعب الشّحم البني دورًا فاعلًا في تحسين الصحة القلبية والاستقلابية».

يُذكر أن المعلومات التي حللتها الدراسة جاءت من تقييمٍ لمرضى في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان؛ ما يعني أن هذه العينة لا تمثل كافة السكان.

بالرغم من ذلك، فقد أعطت هذه الدراسة نظرةً جديدةً واعدةً حول دور الشحم البني في جسم البشر، وستقود هذه الدراسة إلى المزيد من الاكتشافات في المستقبل.

قال كوهين: «نأخذ بعين الاعتبار إمكانية أن الشحم البني يؤدي ما هو أكثر من مجرد استهلاك الجلوكوز وحرق السعرات الحرارية؛ فقد يشارك في الرسائل الهرمونية إلى الأعضاء الأخرى».

نُشرت هذه الدراسة في nature.

اقرأ أيضًا:

نوع من الدهون يوجد في جسم الإنسان ويساعد في إنقاص الوزن

اكتشاف بروتين في نواة الخلايا الدهنية البنية يتحكم بدرجة حرارة الجسم

ترجمة: حيان شامية

تدقيق: محمد الصفتي

المصدر

رابط الدراسة