هل أنت متعب دائمًا؟ قد لا يكون نومك فعالًا على الرغم من أنك قد تنام ثماني ساعات كل ليلة. إليك طريقة الحصول على نوم أفضل كل ليلة.

من المحتمل أن أغلب البشر يقضون ثلث حياتهم في السرير، وينامون خلال معظمها في الحالات المثلى. ولن يكون لدى أولئك الناس أي فكرة عما يحدث في أثناء فحص النوم ما لم يشاركوا في دراسة للنوم، وقد لا يعرفون طريقة قياس جودة نومهم، إضافةً إلى أنهم قد لا تكون لديهم فكرة دقيقة عن مدة نومهم الفعلية، خاصة إذا كانوا لا ينامون جيدًا.

قال الدكتور ويليام فون ماكال رئيس قسم الطب النفسي والسلوك الصحي في كلية الطب في جامعة أوغوستا في جورجيا: «الأشخاص الذين يصفون أنفسهم بأنهم ينامون جيدًا أفضل تقديرًا لمقدار نومهم مقارنة بالأشخاص الذين يصنفون أنفسهم بأنهم لا ينامون جيدًا».

كيف تعرف أنك تنام جيدًا؟

بحسب الدكتور ماكال، فإن أفضل مقياس لجودة نوم الإنسان، الذي يعبر عن مدة النوم وكفاءته، هو ما يشعر به في اليوم التالي.

قال روبرت روي بريت، مؤلف كتاب «اجعل النوم قوتك الخارقة: دليل لصحة وسعادة وإنتاجية أفضل»، ومحرر سابق لدى موقع Live Science، وكاتب مقالات أسبوعية عن الصحة والعافية على منصة Medium: «إذا كنت تشعر بالراحة، فإن نومك فعال جدًا».

لكن التعب الدائم خلال النهار أو في بعض أوقاته قد يشير إلى وجود عجز في مدة النوم أو كفاءته. وعلامات ذلك مألوفة، وتتمثل في صعوبة شديدة في النهوض من السرير صباحًا، أو الشعور بالخمول، أو عدم التركيز، أو الانفعال في فترة بعد الظهر. وقد تكون تلك العلامات أيضًا أعراضًا لمشكلات صحية أخرى، الأمر الذي يشكل مبررًا إضافيًا لتقصي سبب أي إرهاق مزمن خلال النهار، وطلب العناية الطبية إذا لم تكن قادرًا على تخفيف الأعراض أو التخلص منها.

الخبر السار هنا هو وجود العديد من الطرق المدعمة بالعلم لتحسين جودة النوم، وقد يساعد العديد منها أيضًا في علاج الاكتئاب، والقلق، والألم المزمن، وغيرها من الأمراض التي قد تؤثر في النوم.

يقول الخبراء إن معظم البالغين يحتاجون إلى سبع أو ثماني ساعات من النوم كل ليلة. ويستطيع بعض الناس الاكتفاء بعدد ساعات أقل استنادًا إلى علم الوراثة جزئيًا، ولكن الأبحاث الحديثة تقترح أن النوم أقل من سبع ساعات، وبالتحديد أقل من ست ساعات، لن يجعل الإنسان متعبًا فقط، بل سيزيد من خطر حدوث العديد من المشكلات الصحة الجسدية والعقلية لديه أيضًا.

لكن النوم الجيد هو مفهوم أوسع بكثير من مجرد الوقت الذي يقضيه الإنسان في السرير.

يحصل النوم وفق عدة دورات متكررة مكونة من أربع مراحل تتراوح من السطحية إلى العميقة. ففي أثناء النوم العميق، تطلق الهرمونات والمواد الكيميائية الأخرى التي تهدف إلى إصلاح أعضاء الجسم وأنسجته المختلفة وتجديدها. وينظف نظام جمع الفضلات الذي يسمى الجهاز اللمفاوي الدماغ من البروتينات غير المطوية وغيرها من المواد التالفة والسامة التي تتراكم خلال النهار. وتحول الذكريات قصيرة الأمد إلى ذكريات طويلة الأمد، ويتعامل الدماغ مع الأفكار السيئة والعواطف السلبية ويتخلص منها أيضًا في أثناء نوم REM، وهي مرحلة حركة العين السريعة التي نرى فيها معظم الأحلام.

مثلما أوضح روبرت روي بريت في كتابه الجديد «اجعل النوم قوتك الخارقة»، أنه في حال قطع النوم قبل نهايته، أو اضطراب في أثناء الليل، فإن ذلك يحرم الدماغ والجسم من عمليات التجديد التي ذكرت سابقًا حتى لو لم يدرك النائم ذلك.

قال الطبيب جون سايتو، وهو عالم سريريات طب النوم والأطفال وأمراض الرئة، ويعمل لدى صحة الأطفال في مقاطعة أورانج في كاليفورنيا: «لا يمكن قياس الوقت الذي يقضيه الإنسان في كل مرحلة من مراحل النوم بدقة إلا في مختبر النوم، بالاستعانة بالأجهزة التي تراقب موجات الدماغ ودرجة حرارة الجسم ومؤشرات أخرى للنوم العميق ونوم REM».

قال سايتو لموقع Live Science: «تقييم النائم لكمية نومه بدقة هو أمر مستحيل».

أشار الدكتور ماكال وأصدقاؤه في دراسة نشرت في وقت سابق من هذا العام في مجلة Scientific Reports إلى أن عتبة كفاءة النوم الجيد هي نحو 85%، وهي كمية الوقت الذي يقضيه الإنسان في السرير ويكون مستغرقًا في النوم، وهذا يعني أنه من الضروري الحصول على سبع ساعات من النوم الفعلي، فمثلًا، قد يحتاج الشخص الذي ينام جيدًا إلى ما يزيد قليلاً عن ثماني ساعات في السرير. بينما تنخفض الكفاءة مع تقدم العمر كما يبدو عمومًا، وجدت الدراسة أنها مستقرة جدًا في العمر 30 إلى 60 سنة.

وعلى فرض حصول الإنسان على عدد ساعات كافية من النوم، فإنه يبقى لا يعرف مدى فعاليتها، وفي هذا الأمر، قد يساعد متعقب النوم نوعًا ما.

قد توفر أجهزة تعقب النوم التجارية، المرافقة لبعض الساعات وأجهزة تعقب النشاط البدني، إحساسًا بمدة النوم وكفاءته وجودته الناتجة، ولكن وجد البحث أنه لن تكون أي من تلك العلامات التجارية الرائدة دقيقة تمامًا، إذ تبذل هذه الأجهزة جهدًا للتمييز بين النوم الخفيف والنوم العميق ونوم REM.

بالمقابل، تقترح دراسة أخرى أن هوس متعقب النوم بالبيانات قد يسبب ضغطًا يسيء لجودة للنوم.

يقول الدكتور ماكال: «لسوء الحظ، فإن الإفراط في المراقبة الذاتية والفحص الذاتي للنوم باستخدام جهاز تعقب النوم قد يزيد الأمر سوءًا، بالطريقة نفسها التي قد نلاحظ فيها الإفراط في مراقبة الوزن الذاتية المفرطة لدى الذين يعانون اضطرابات الأكل، ومن المهم أن يكون لدى كل إنسان فكرة عامة عن نومه، ولكن لا داعي للفحص اليومي لفترات طويلة من الزمن».

استخدم الدكتور ماكال متعقب النوم عدة أشهر جزءًا من البحث، وقد ساعده ذلك في التعرف على أنماط النوم المختلفة. فعندما لم ينم جيدًا، كان جهاز التعقب بالمقابل يولد درجة نوم منخفضة. وعندما شعر أنه بحالة جيدة، أشار جهاز التتبع إلى أنه نام جيدًا. ولكن قد تكون القياسات معطلة في بعض الأحيان، وما زالوا غير متأكدين من السبب.

كان الدكتور ماكال يشعر أحيانًا أنه بحالة جيدة، ولكن يفاجئه الجهاز بدرجة منخفضة، الأمر الذي يشعره بالقلق ويخبره أن الجهاز لا يناسبه.

قد يكون متتبع النوم حلًا ذكيًا وقد لا يكون كذلك، يحاول الدكتور ألا يعمم قراءاته، ولكنها عمومًا تُعد تذكيرًا مفيدًا للتركيز على عادات النوم الجيدة كل يوم حتى تسير الليالي على ما يرام.

توفر تلك الليالي التي تحظى فيها بنوم جيد مزيدًا من الطاقة والمشاعر في أثناء النهار وتوترًا أقل، وتلك فوائد النوم التي أكدتها العديد من الدراسات.

كيف نحسن جودة نومنا؟

توجد طرق عديدة أثبتت فعاليتها في المساعدة على النوم بسرعة وبكفاءة أكبر، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين جودة النوم عمومًا.

يمثل الروتين الاستراتيجية الأمثل للحصول على نوم جيد، إضافةً إلى اتباع العادات الصحية باستمرار وتجنب القوى الخارجية المؤثرة والتصرفات الخاطئة التي نقوم بها وتعيق النوم.

نقدم فيما يلي عدة نصائح مفيدة اقترحها ماكال وسايتو وخبراء آخرين، للاختيار منها بهدف تحسين جودة النوم:

  •  اختيار موعد ثابت للنوم والالتزام به.
  •  قضاء ساعتين يوميًا على الأقل خارجًا في الصباح الباكر؛ لأن ضوء النهار الساطع يساعد على ضبط ساعة الجسم البيولوجية وتحسين دورة النوم والاستيقاظ.
  •  تجنب الكافيين بعد الظهر، وإذا لم يساعد هذا الأمر فمن الأفضل التخلص من الكافيين نهائيًا.
  •  تجنب التبغ والنيكوتين والقنب.
  •  الحصول على 20 إلى 30 دقيقة على الأقل من النشاط البدني اليومي، مثل: المشي السريع، أو اليوغا، أو رفع الأثقال، أو أية حركة أخرى تساعد على ضخ الدم.
  •  تعلم الاستراتيجيات المعتمدة على العلم للتعرف على الإجهاد وإدارته وتقليله في أثناء النهار.
  •  في حال أخذ قيلولة، فيفضل أن تكون قبل وقت متأخر من بعد الظهر، وأن تكون مدة 30 دقيقة أو أقل.
  •  تجنب الأنشطة المجهدة في وقت متأخر من المساء، مثل: قراءة الأخبار المزعجة أو مشاهدتها، أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، أو مناقشة القضايا السياسية، أو تفقد من البريد الإلكتروني الخاص بالعمل.
  •  إطفاء كل أضواء المنزل في آخر ساعة أو ساعتين قبل النوم أو جعلها خافتة قدر الإمكان.
  •  خلق بيئة نوم مظلمة وباردة وهادئة.
  •  الاستيقاظ في الوقت نفسه كل يوم.

قال سايتو أنه من الأفضل طلب العناية الطبية إذا لم تفلح هذه الأساليب جميعها في حل المشكلة، مضيفًا أن تحديد مشكلات النوم والتخفيف من حدتها مبكرًا سيحسن الصحة قصيرة الأمد ويمنع العواقب طويلة الأمد.

اقرأ أيضًا:

الصداع النصفي والنوم: هل يؤثر انقطاع الطمث في جودة النوم؟

إن كان يصعب عليك الخلود إلى النوم، إليك طريقة تنفع الجميع!

ترجمة: حلا بلال

تدقيق: هادية أحمد زكي

المصدر