تُعد نصيحة الحصول على قسط كاف من النوم النصيحة الذهبية للشعور بالراحة، لا سيما بعد قضاء ليال عدة من السهر والمعاناة من تأثيرات قلة النوم في اليوم التالي. لكن أحيانًا قد يستمر الشعور بالتعب رغم الحصول على قسط كاف من النوم. في الواقع فإن جودة النوم مهمة بقدر عدد ساعات النوم التي نحصل عليها.

تشرح الدكتورة ماري هارفت، المختصة في اضطرابات النوم، لماذا قد لا نحصل على نوم عالي الجودة.

ما الأسباب التي تجعلنا نستيقظ متعبين؟

تقول الدكتور هارفت إن استمرار الشعور بالتعب رغم الحصول على قدر كاف من النوم قد يعود إلى أحد الأسباب التالية:

1- اضطرابات النوم:

قد يُشير التعب خلال اليوم إلى أحد اضطرابات النوم الكامنة، مثل انقطاع التنفس الانسدادي النومي، وهو اضطراب يسبب توقف التنفس مؤقتًا في أثناء النوم، وإرهاقًا مستمرًا.

يُعرف اضطراب آخر بمتلازمة تململ الساقين، ويؤدي إلى الشعور بالتشوش والأرق.

تشمل اضطرابات النوم الأخرى التي قد تسبب التعب في أثناء النهار ما يلي:

  •  الأرق.
  •  داء التغفيق.
  •  فرط النوم مجهول السبب.

2- اضطرابات الغدة الدرقية:

يُعد الإرهاق والتعب خلال اليوم عرضًا شائعًا لقصور الغدة الدرقية، وهي حالة لا تنتج فيها الغدة كميات كافية من الهرمونات الدرقية، ما يُبطئ الاستقلاب ويؤدي إلى تعب مستمر.

3- البيئة المحيطة:

تُخرّب البيئة أحيانًا جودة النوم دون أن ندرك ذلك. فالاستيقاظ المتكرر بسبب أصوات إنذار السيارات أو التقلّب في غرفة شديدة الحرارة يؤثر في جودة النوم.

تقول الدكتور هارفت: «نحن بحاجة إلى البيئة المناسبة لضمان حصولنا على قسط كافٍ من النوم وعدم الاستيقاظ بسبب العوامل البيئية. توجد اختلافات شخصية، لكن الأمر يؤثر حقًا في الراحة».

4- النظام الغذائي والكحول:

تناول وجبة كبيرة قبل الذهاب إلى السرير أو تناول الكحول يؤثر في النوم بشدة. إن شرب الكحول خلال أربع ساعات قبل موعد النوم يؤدي إلى تراجع جودة النوم طوال الليل.

توضح الدكتور هارفت: «يبدو الكحول كأنه يساعد على النوم، إلا أنه في الواقع يؤدي إلى تقطع النوم وتغيير مراحله. يؤدي هذا إلى قلة جودة النوم عادةً، فلا يشعر الناس بالراحة في الصباح».

5- الحالات المتعلقة بالصحة العقلية:

بعد استبعاد اضطرابات النوم أو أي مشكلات متعلقة بالنوم، تجب استشارة مختص للتحقق من وجود ارتباط بمرض كامن أو توتر.

تؤدي حالات مثل القلق والاكتئاب إلى شعور دائم بالتعب، رغم الحصول على ساعات كافية من النوم.

إضافةً إلى ذلك، قد تسبب اضطرابات المزاج مثل الاضطراب ثنائي القطب أو اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي الشعور بالخمول في أثناء النهار.

توضح الدكتورة هارفت: «في الواقع، أحد أكثر الأسباب شيوعًا لاضطرابات النوم مرتبط باضطرابات المزاج مثل الاكتئاب».

6- فقر الدم:

يسبب فقر الدم الشعور بالإرهاق الدائم رغم الحصول على قسط كاف من النوم. يؤدي نقص الحديد غير المعالج إلى انخفاض الطاقة، لكن الشعور بالتعب ليس العرض الوحيد.

من الأعراض الأخرى الشائعة لنقص الحديد:

  •  ضيق التنفس.
  •  ألم الصدر.
  •  شحوب الجلد.
  •  دوار.
  •  صوت دقات في الأذن.

حال الشك بوجود فقر دم، يُنصح باستشارة الطبيب بشأن الأعراض المصاحبة.

ما مقدار النوم الذي نحتاج إليه حقًا؟

يؤثر النوم في الصحة بعمق، بدءًا من مشكلات الذاكرة وحتى التأثير في الجهاز المناعي. لذلك يجب التحقق من الحصول على قسط كاف من النوم، ويشمل ذلك عدد ساعات النوم وجودته.

تقول الدكتورة هارفت: «عادةً نوصي بالنوم من سبع إلى تسع ساعات في الليلة، لكن توجد اختلافات شخصية. يعتمد الأمر على مقدار النوم الذي نحتاج إليه لنشعر بالراحة حقًا».

يختلف عدد ساعات النوم أيضًا حسب العمر. يحتاج الأشخاص بعمر 13 عامًا فأكثر إلى نحو 8 ساعات من النوم كل ليلة، ليحصل الجسم على الوقت الكافي للتعافي ولاستعادة النشاط في اليوم التالي. لكن البعض يحتاجون إلى وقت أقل من هذا للشعور بالراحة، والبعض الآخر يحتاجون أكثر.

مع أن البعض يقضي أحيانًا طوال الليل في الاحتفالات مع الأصدقاء أو في تهدئة طفل صغير للنوم، لكن من المهم ألا يصبح هذا عادة يومية. مع أن الشخص قد لا يشعر بالتعب رغم النوم أقل من 7 ساعات، فإن الجسم يرسل رسائل مخالفة لذلك.

توضح الدكتور هارفت: «من المهم التمييز بين مقدار النوم الذي نحتاج إليه لأداء وظائفنا ومقدار ما نحتاج إليه لنشعر بالراحة. غالبًا يقول الناس: أنا بحاجة فقط إلى ست ساعات من النوم لأقوم بوظائفي، لكنهم أنفسهم يعترفون بأنهم لا يشعرون بصحة جيدة مع الحصول على هذا القدر من النوم فقط، ما يشير إلى أنهم بحاجة إلى مزيد من النوم».

هل يمكن النوم كثيرًا؟

في بعض الحالات قد يكون من الضروري النوم أكثر من 8 ساعات، عند التعافي من مرض ما أو لتعويض نقص نوم سابق. لكن يجب الانتباه لوجود علامات قد تشير إلى اضطراب في النوم أو حتى مشكلة أكبر.

تقول الدكتور هارفت: «عندما ينام شخص 10 ساعات أو أكثر يوميًا ويشعر بالراحة دون الحاجة إلى القيلولة، فإنه يكون مجرد نوم طويل، لكن إذا لم يشعر بالانتعاش في الصباحـ أو شعر بالنعاس في أثناء النهار أو شعر بتعب أكثر بعد القيلولة، فقد يكون ذلك مؤشرًا لوجود مشكلة في النوم».

عند النوم مدة تزيد على 10 ساعات دون الشعور بالانتعاش والراحة، تُفضل استشارة مختص في اضطرابات النوم.

كيف تحسّن نوعية نومك؟

بعد التحقق من النوم سبع إلى تسع ساعات كل ليلة، توجد طرق لتحسين نوعية النوم وجودته، يشمل ذلك:

  1.  تجنب الشاشات قبل النوم: يُعد استعمال الهاتف قبل النوم وسيلة مؤكدة للإضرار بنوعية النوم، إذ قد يتداخل الضوء المنبعث من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر مع أنماط النوم. مثاليًا، يجب أن تكون غرفة النوم خالية من الهواتف، أو على أقل تقدير يجب الحد من التعرض لهذه الأجهزة قبل ساعة على الأقل من وقت النوم.
  2. تعديل النظام الغذائي: يؤدي تناول وجبة كبيرة أو شرب كميات كبيرة من السوائل قرب وقت النوم إلى عدم الشعور بالراحة، ويزيد من احتمال حدوث اضطرابات النوم. يُفضل تناول العشاء قبل عدة ساعات من النوم والحد من شرب السوائل في المساء لمنع الذهاب المتكرر إلى الحمام.
  3. خلق بيئة مناسبة للنوم: أي أن تكون غرفة النوم مساحة مريحة وهادئة. تقول الدكتورة هارفت: «بالنسبة إلى معظم الناس، فإن الغرفة المظلمة الباردة الهادئة تكون مثالية». يساعد أيضًا استخدام سدادات الأذن أو أقنعة العين، أو الضوضاء البيضاء أو الوردية في التخلص من أي تشتيت.
  4. ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام خلال النهار في تحسين نوعية النوم. لكن من المهم أيضًا تجنب ممارسة الرياضة العنيفة قرب وقت النوم، لأنها قد تنشط الجسم وتصعّب النوم.
  5. الحد من تناول الكافيين والكحول: تجنب الكافيين -الموجود في القهوة والشاي والشوكولاتة وبعض المشروبات الغازية- والكحول قرب وقت النوم، إذ تقلل من جودة النوم وتعطل أنماطه.
  6. الاستفادة من القيلولة إن أمكن: من المهم أن تكون القيلولة مدة تقل عن ساعة لتجنب تعطيل جدول النوم.

متى تجب استشارة مختص؟

توصي الدكتورة هارفت بزيارة مختص في اضطرابات النوم عند استمرار أعراض التعب والإرهاق خلال النهار حتى بعد الحصول على سبع إلى تسع ساعات من النوم كل ليلة. يُساعد فحص اضطرابات النوم حال لم تكن التغيرات في نمط الحياة كافية.

النوم عنصر مهم لنمط حياة صحي، لذا عند الشعور بخلل ما في الجسم فمن المهم الانتباه لذلك، واستشارة الطبيب.

اقرأ أيضًا:

هل تعوّض القهوة أو القيلولة الحرمان من النوم؟

الإفراط في النوم: لماذا يحدث؟ وكيف يمكن تجنبه؟

ترجمة: محمد نشأت انبيعه

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر