أخيرًا، رُصد السلوك المراوغ للإلكترونات منفصلًا عن النشاط العادي للإلكترونات في مادة حقيقية.

قاس فريق من الفيزيائيين بقيادة ريوهي أوكا من جامعة إهيمي ما يُعرف بإلكترونات ديراك، في بوليمر فائق التوصيل يُسمى ثنائي (إيثيلينديثيو) تيتراثيافولفالين. توجد هذه الإلكترونات في ظل ظروف تجعلها عديمة الكتلة، ما يجعل سلوكها شبيهًا بالفوتونات، إذ تتذبذب بسرعة الضوء.

يقول الباحثون إن هذا الاكتشاف سيسمح بفهم أفضل للمواد الطوبولوجية، أي المواد الكمّية التي تعمل بوصفها عازلًا إلكترونيًا من الداخل وموصلًا من الخارج.

تتزايد أهمية الموصلات الفائقة وأشباه الموصلات والمواد الطوبولوجية، نظرًا إلى تطبيقاتها المحتملة في أجهزة الحوسبة الكمومية. لكن ما زال هناك الكثير مما لا نعرفه عن هذه المواد وسلوكها.

يشير مصطلح إلكترونات ديراك إلى إلكترونات عادية لكنها في ظل ظروف استثنائية تتطلب قدرًا من النظرية النسبية الخاصة لفهم سلوكها الكمي، إذ إن تداخل الذرات يضع بعض إلكتروناتها في وضع غريب يتيح لها «القفز» حول المواد بطاقة ذات كفاءة ممتازة.

صيغت تلك النظرية من معادلات الفيزيائي النظري بول ديراك منذ قرن تقريبًا. نحن نعلم الآن أنها موجودة، إذ رُصدت في الجرافين، إضافةً إلى غيرها من المواد الطوبولوجية.

من أجل استغلال إمكانات إلكترونات ديراك، نحتاج إلى فهمها بصورة أفضل، وفي سبيل ذلك يواجه الفيزيائيون عقبة تعايش إلكترونات ديراك مع الإلكترونات القياسية، إذ إن اكتشاف أحد النوعين وقياسه يُعد صعبًا للغاية دون حدوث تداخل بينهما.

وجد أوكا وزملاؤه طريقة للقيام بذلك، باستغلال خاصية تُعرف بالرنين المغناطيسي الإلكتروني. الإلكترونات هي جسيمات مشحونة تدور، ويشير التوزيع الدوراني للشحنة إلى أن كل منها ثنائي القطب المغناطيسي. على هذا، فبتطبيق مجال مغناطيسي على مادة ما، فإنه يتفاعل مع دوران الإلكترونات غير المقترنة الموجودة فيها، ما يغيّر حالتها الدورانية.

هذه التقنية تسمح للفيزيائيين بمراقبة الإلكترونات غير المقترنة. إضافةً إلى ذلك، وجد الباحثون أنه يمكن استخدامها لمراقبة سلوك إلكترونات ديراك مباشرةً في ثنائي (إيثيلينديثيو) تيتراثيافولفالين، بتمييزها عن الإلكترونات القياسية بوصفها أنظمة دورانية مختلفة.

من أجل فهم كامل لإلكترون ديراك، يجب وصفه ضمن أربعة أبعاد: الأبعاد المكانية الثلاثة القياسية، أي محاور (X,Y,Z)، إضافةً إلى مستوى طاقة الإلكترون الذي يمثل البعد الرابع.

يشرح الباحثون: «نظرًا إلى عدم إمكانية تصوير هياكل النطاقات ثلاثية الأبعاد في مساحة رباعية الأبعاد، تقدم الطريقة التحليلية المقترحة وسيلةً عامة لتقديم معلومات مهمة وسهلة الفهم لهذه الهياكل النطاقية التي لا يمكن الحصول عليها بطرق أخرى».

بتحليل إلكترون ديراك بناءً على هذه الأبعاد، توصل الباحثون إلى استنتاج لم نكن ندركه من قبل، هو أن سرعة حركتهم غير ثابتة، إذ تعتمد على درجة الحرارة وزاوية المجال المغناطيسي ضمن المادة.

على هذا، فإن لدينا الآن قطعة أخرى من اللغز تساعدنا على فهم سلوك إلكترونات ديراك، ما قد يساعد على استغلال خصائصها في التكنولوجيا المستقبلية.

اقرأ أيضًا:

معادن سائلة ستحقق ثورة في عالم الالكترونيات

تحديد مصدر أشعة تحت حمراء غريبة رُصدت منذ عقود!

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: ريمي سليمان

المصدر