وُجِدَ أن دواء سيماغلوتايد الشائع لمعالجة السمنة يستعيد وظيفة الخلايا المناعية المستهدِفة لأورام السرطان، بغض النظر عما إذا كان الأشخاص فقدوا الوزن عند المعالجة به أم لا.

تحرّت تجربة صغيرة قادها فريق من الباحثين الإيرلنديين عن سيماغلوتايد، وهو دواء يستخدم لعلاج النمط الثاني من داء السكري، يساعد أيضًا في تخفيف مشكلات الاستقلاب الخلوي لدى الذين يعانون السمنة، ما يفسر ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان والإنتانات لديهم.

كان فقدان الوزن مجرّد تأثير جانبي غير متوقَّع للدواء الذي يستخدمه مرضى داء السكري للمحافظة على ضبط مستويات السكّر في الدم.

يعمل هذا الدواء بمحاكاة هرمون مِعويّ يسمّى الغلوكاكون المشابه للببتيد1 (GLP1)، ما يجعل مستخدميه يشعرون بالتخمة لفترة طويلة مؤديًا إلى تقليل الشهية.

يبدو الآن أن سيماغلوتيد يملك تأثيرات مفيدة أخرى محتملة لمرضى البدانة، إذ إنه يسترجع وظيفة الخلايا المناعيّة التي تُعرَف بالخلايا القاتلة الطبيعية وهي المسؤولة عن محاربة السرطان والإنتانات.

يقول اختصاصي الغدد الصماء دونال أوشا، والمؤلف المشارك من جامعة دبلن: «توصلنا أخيرًا إلى النقطة التي تظهر فيها العلاجات الطبية للسمنة لمنع الاختلاطات الناتجة عنها. تمثّل النتائج الحالية أخبارًا إيجابية جدًا لمرضى البدانة، المعالَجين بالغلوكاكون المشابه للببتيد1 مشيرةً إلى أن فوائد هذه المجموعة من العلاجات لها أن تُقلّل مخاطر الإصابة بالسرطان».

يُعد ما سبق مبالغة ناتجة عن دراسة أجريت على 20 شخصًا، لكن ربما تساعد استعادة الخلايا القاتلة الطبيعية في الحد من خطورة الإصابة بالسرطان، وهم فقط لم يروا ذلك بعد.

تُعد الخلايا القاتلة الطبيعية جزءًا من الجهاز المناعي البدئي للجسم، وهو خط الدفاع الأول الذي يبدأ بالعمل فور دخول الجسم الغريب للمرة الأولى. وتُعرَف بأنها تُركّز على الخلايا السرطانية ومحاربة العدوى.

يُظهر مرضى البدانة خللًا وظيفيًا ملحوظًا في جهازهم المناعي ما قد يرتبط بارتفاع عرضتهم للإصابة بأمراض مزمنة أخرى مثل النمط الثاني من داء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وعدّة أنواع من السرطان، وهم كذلك معرضون لنتائج أسوأ في حال العدوى بإنتانات مثل الإنفلونزا وكوفيد-19.

نظرًا للتداخل بين داء السكري والبدانة، اهتمّ أوشا وزملاؤه بمعرفة دور إعادة استخدام سيماغلوتايد للبدانة في تقويم عدم التوازن المناعي الملحوظ في السمنة.

شملت الدراسة 20 شخصًا من مرضى البدانة وغير مصابين بداء السكري، وهم سيباشرون العلاج بعقار سيماغلوتايد مرة أسبوعيًا لتدبير الوزن وفُحصِت عينات خلاياهم المناعية بعد ستة أشهر من العلاج.

وجد الباحثون، في سلسلة من الفحوصات المخبرية، أن الخلايا القاتلة الطبيعية لدى المشاركين في الدراسة لم تعد في حالة ركود وبدأت بإنتاج جزيئات الإشارة التي تنتجها عادةً، وتسمى السيتوكينات. لم يتغير العدد الإجمالي للخلايا القاتلة الطبيعية في عينات الدم المأخوذة من المرضى مقارنة مع خط الأساس، لكنها استعادت وظيفتها.

لن يعلم الأطباء دون مجموعة مرجعية كيفية مقارنة ذلك مع أشخاص غير بدينين إذا ما استعملوا سيماغلوتايد، أو مع مرضى بدانة يأخذون دواءً وهميًا. لكنّها نقطة انطلاق جيدة لمزيد من الأبحاث لاكتشاف مساعدة الأدوية الموجودة في علاج بعض الأمراض المصاحبة للبدانة.

يهتم الباحثون أساسيًا بفهم كيفية دعم الاستقلاب الخلوي للخلل الوظيفي المناعي في السمنة، إذ يبدو أنّه ينظم نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية وله أن يربط كل هذه العمليات معًا.

كتب أوشا وزملاؤه في مقالة نُشرت لهم: «يُعد الاستقلاب الخلوي عنصرًا حاسمًا لوظيفة الخلايا القاتلة الطبيعية وله أن يحدّد حجم ردود الفعل. عند التفعيل، تتشكل الخلايا القاتلة الطبيعية وتُوجّه بواسطة عمليات الاستقلاب الذاتية والمغذيات المتوفرة».

الشيء الآخر المثير للاهتمام هو أن نصف المشاركين في الدراسة فقط تقريبًا فقدوا الوزن إثر استعمالهم سيماغلوتايد، ما يشير إلى أن تأثيراته المجدّدة بالخلايا المناعية قد تكون موجودة بغض النظر عن فقدان الوزن.

مع ذلك، فإن فقدان الوزن هو ما يشتهر به سيماغلوتيد رئيسيًا. في وقت سابق من سنة 2023، أدى ارتفاع شعبية عقار سيماغلوتايد -الذي سُوّق له باسم أوزمبيك في الولايات المتحدة- بين المشاهير إلى حدوث نقص عالميّ له ما سبب معاناة مرضى داء السكري لإيجاد دوائهم الأسبوعي للمحافظة على مستويات سكر الدم من الارتفاع إلى مستويات خطيرة.

يقول آندرو هوغان، عالم متخصص في علم المناعة، في جامعة ماينوث في إيرلندا: «نأمل أن يكون هذا النقص تحت السيطرة، لضمان توفره لمرضى البدانة لبدء علاجهم بهذا الدواء المفيد».

اقرأ أيضًا:

استخدام الحشيش لا يساعد في التغلب على آلام السرطان

عقار جديد يعمل على علاج السرطان في مراحله المتقدمة

ترجمة: ليليان عازار

تدقيق: المايا محمّد علي

المصدر