لقد عرفت سيري -مساعد الصوت من أبل- منذ ما يقارب اثني عشر عامًا، ومع ذلك لا أستطيع استرجاع محادثة واحدة بيننا ذات معنى. بالمقابل، تعرفت على شات جي بي تي منذ ستة أشهر، ومع ذلك فقد تحدثنا عن كل شيء من معنى الحياة إلى التخطيط لعشاء رومانسي لشخصين وتعاوننا في البرمجة ومشاريع الأفلام. أعني، نحن نملك نوعًا من العلاقة.

سيري محدودة بعدم قدرتها على إجراء محادثة أو الاشتراك في التخطيط لمشروع ما، وعلى الرغم من ذلك يمكن توصيل سيري بشات جي بي تي لمنحه دفعة عصبية.

سيري التي نستخدمها اليوم على أجهزة آيفون وآيباد وماك بوك وساعة أبل وتلفاز أبل لا تختلف كثيرًا عن الإصدار الأول عام 2011 في آيفون 4s.

قبل ست سنوات، كُتب عن أول عملية زرع دماغ لسيري، وهي اللحظة التي بدأت فيها أبل استخدام تعلم الآلة لتدريب سيري وتحسين قدرتها على الاستجابة لطلبات المحادثة. كان استخدام التعلم الآلي، وبعده بفترة قصيرة الشبكة العصبية المدمجة على شكل شريحة A11 Bionic من أبل على آيفون 8 علامةً على ما يُظن أنه نقطة تحول بالنسبة لأول مساعد رقمي على مستوى المستهلك.

ساعد هذا النوع من البرمجة سيري على فهم السؤال وسياقه، ما أعطاها القدرة على الاستجابة الذكية لمزيد من أسئلة اللغة الطبيعية بدلًا من الرد بإجابات روتينية.

النسخة الأولية من سيري لم تكن Her:

لم يكن عدم القدرة على التحدث بطريقة كاملة مع سيري أمرًا مهمًا -على الرغم من أننا رأينا في فيلم Her ما يمكن توقعه من بوت الدردشة- حتى ظهور GPT-3 وشات جي بي تي من OpenAI إذ تحقق هذا التصور البعيد، ما أدى إلى التخلص من عجز سيري في المساعدة الأساسية.

على الرغم من كل جهود أبل المبذولة، فإن سيري ما زال يتباطأ في وضع التعلم. ربما يرجع ذلك إلى أن سيري ما يزال مبنيًا بالأساس على التعلم الآلي وليس الذكاء الاصطناعي التوليدي، إنه الفرق بين التعلم والإبداع.

جميع روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وأدوات الصور التي نستخدمها اليوم تخلق شيئًا جديدًا تمامًا، وقريبًا ستتمكن من صنع الفن والصور. إنها ليست روبوتات للرد على الاستفسارات بل روبوتات خلق وبناء.

السؤال هو ماذا ستفعل أبل؟ وماذا تستطيع أن تفعله حيال ذلك؟

أعتقد أن كل الإجابات موجودة في مؤتمر المطورين العالمي القادم (WWDC 2023). سيكون الانتباه موجهًا نحو سماعة الواقع المختلط المحتملة بقيمة 3000 دولار التي قد تعرضها أبل في يونيو، لكن أهم إعلانات الشركة ستدور بالتأكيد حول الذكاء الاصطناعي.

يقول باتريك مورهيد الرئيس التنفيذي لشركة Moor Insights ورئيس المحللين عبر رسائل Twitter: «لا بد أن أبل تتعرض لضغط لا يُصدق الآن بعد أن طرحت غوغل ومايكروسوفت حلولهما اللغوية الطبيعية».

سيري الأكثر نشاطًا:

كما ورد في 9to5Mac، ربما تعمل أبل بالفعل على تحديث جيلها اللغوي الخاص بسيري Bobcat مع الملاحظة أن هذا ليس ذاته الذكاء الاصطناعي التوليدي، بالتالي فإن سيري ستتحسن قليلًا في المزاح العفوي، ولكن لا يجب توقع أكثر من ذلك.

لسوء الحظ، روح أبل سوف تمنعها من اللحاق بـ GPT-4، ناهيك عن GPT-3. وبالتالي لا يتوقع متابعو الصناعة ثورة تطور في صناعتها.

يقول الرئيس التنفيذي لشركة Creative Strategies والمحلل الرئيسي تيم باجارين في بريد إلكتروني: «أظن أن ما يفعلونه في الذكاء الاصطناعي لن يكون بالضرورة قفزة بقدر ما هو نهج محسوب وأخلاقي أكثر للذكاء الاصطناعي في سيري. أبل تحب وتعيش وتموت عبر التزاماتها المتعلقة بالخصوصية ولا أتوقع أقل من ذلك في نموذج سيري المُقاد بالذكاء الاصطناعي».

الخصوصية أهم من كل شيء:

قد يؤدي تقيد أبل الحازم بخصوصية المستخدم إلى إعاقة عملها عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي التوليدي الحقيقي. على عكس غوغل ومايكروسوفت بينغ، لا يحتوي على مخزن بيانات ضخم يعتمد على محرك البحث.

إضافةً إلى أنها لا تدرب الذكاء الاصطناعي على بيانات الإنترنت الضخمة، تنشئ أبل التعلم الآلي خاصتها على الجهاز. يعرف آيفون وسيري ما يعرفانه عنك بناءً على ما هو موجود على هاتفك وليس بناء على ما يمكن أن تعرفه أبل عنك وعن مستخدمي آيفون العالميين البالغ عددهم 1.5 مليار. بالتأكيد، يمكن للمطورين استخدام أدوات ML الخاصة بأبل لبناء نماذج جديدة للذكاء الاصطناعي ودمجها في تطبيقاتهم، لكن لا يمكنهم ببساطة جمع بياناتك لمعرفة المزيد عنك لمساعدة أبل في تقديم خدمات سيري المعتمدة على الذكاء الاصطناعي على نحو أفضل.

كتبت في عام 2016: «من المثير للاهتمام أيضًا التفكير في كيفية قيام أبل عمدًا بإعاقة جهود الذكاء الاصطناعي خاصتها. مثلا لا تُشارك بيانات عادات الشراء في iTunes مع أي من أنظمة وخدمات أبل الأخرى».

قد يعيق نهج أبل المحلي جهودها المحتملة في مجال الذكاء الاصطناعي. يقول مورهيد: «أرى معظم الأعمال تتم على الجهاز وفي السحابة الإلكترونية. أبل قوية على الجهاز ولكنها ضعيفة في السحابة وهذا هو المكان الذي أظن أن الشركة ستواجه صعوبةً فيه».

لدى أبل خيار التخلي عن القليل من خصوصية المستخدم لتحويل سيري إلى المساعد الصوتي الذي أردناه دائمًا أو المتابعة مع تحديثات الذكاء الاصطناعي الإضافية التي تعمل على تحسين سيري ولكن لا تسمح لها بمنافسة شات جي بي تي.

اقرأ أيضًا:

ماذا لو دمجنا موسوعة ويكيبيديا بالذكاء الاصطناعي؟ محرك البحث الشهير دك دك جو سيقوم بذلك!

هل سيتمكن الذكاء الاصطناعي المتقدم مستقبلًا من حل كل المسائل في عالمنا؟

ترجمة: ليلى الشومري

تدقيق: حسام التهامي

المصدر