أعلنت هيئة الأوراق المالية في جزر البهاما عن تجميد أصول إمبراطورية سام بنكمان للعملات المشفرة شركة إف تي إكس وتعيين بديل عنه لتصفية شؤون الشركة، بهدف جمع 8 مليارات دولار في محاولة لإنقاذ الشركة من الانهيار.

أصدرت هيئة الأوراق المالية قرارها الذي يخص سوق إف تي إكس الرقمي تحديدًا في مطلع نوفمبر الحالي والقاضي بمنع نقل أي أصول دون موافقة المعني بتصفية شؤون الشركة. يذكر أن إف تي إكس نقلت مقرها الرئيسي إلى جزر الباهاما عام 2021 بعد أن بدأت في هونغ كونغ قبل ذلك.

كشفت الهيئة في إعلانها عن علمها بالبيانات العامة التي تفضح سوء إدارة أصول العملاء والتلاعب بنقلها إلى شركة أخرى لتداول العملات المشفرة وهي شركة ألاميدا للأبحاث التي يملكها سام بنكمان فريد أيضًا.

لم ينجح سعي بنكمان فريد في جمع نحو 8 مليارات دولار لإنقاذ إف تي إكس قبل الموعد المحدد، لا سيما بعد أن خفض العديد من داعميه السابقين قيمة استثماراتهم في الشركة.

أدت الأزمة التي حلت شركة إف تي إكس إلى زعزعة استقرار سوق العملات المشفرة، إذ منعت منصة إقراض الأصول الرقمية بلوك فاي عمليات السحب مؤقتًا بعد أن صرحت علانية بالأمر بقولها إنها لا تستطيع إدارة أعمالها بالطريقة المعتادة بسبب الضبابية التي تحوم حول وضع شركتي إف تي إكس وألاميدا.

يذكر أن رئيس إف تي إكس كان قد أنقذ شركة بلوك فاي بقرض قيمته 250 مليون دولار سابقًا في خضم انهيار سوق العملات المشفرة هذا العام.

اعترف بنكمان فريد البالغ من العمر 30 عامًا عبر حسابه في تويتر أن منصة إف تي إكس لتداول العملات المشفرة لا تملك المخزون الكافي من الأموال لتلبية احتياجات عملائها. عد المستثمرون هذا الاعتراف بمثابة نداء استغاثة من رئيس تنفيذي قليل الخبرة يسعى إلى سد الفجوة المالية لشركته.

يتعلق مصير إف تي إكس الآن بالنتيجة التي سيفضي إليها سعي بنكمان فريد في الحصول على السيولة المالية الكافية لسد احتياجات عملائه، وسط شكوك متزايدة حول قدرة الشركة على الصمود دون زيادة رأس مالها، مع الأخذ بعين الاعتبار قلق العملاء ذوي الأرصدة المجمدة في المنصة.

نتيجةً لتصاعد الضغوط وانتشارها بين الشركات التابعة لبنكمان فريد، أدلى فرع منصة إف تي إكس في الولايات المتحدة ذو النشاط المنفصل عن منصة إف تي إكس الرئيسية عن إيقاف التداول لبضعة أيام.

وُضعت عمليات شركة إف تي إكس في فرع أستراليا تحت إدارة المحكمة وطُلب من العملاء عدم إيداع أموالهم أو إجراء أي صفقات على المنصة، في الوقت الذي أمرت فيه السطات اليابانية فرع شركة إف تي إكس الموجود لديها بتعليق بعض عملياته.

قدّر المستثمرون حاجة بنكمان فريد للحصول على ما يقدر بـ 6 إلى 8 مليارات دولار، في حين سربت بعض المصادر تقارير مفادها أن شركة ألاميدا تدين مبلغ 10 مليارات دولار لشركة بنكمان الأخرى إف تي إكس.

سارع العديد من المستثمرين إلى تخفيض حصصهم في شركة إف تي إكس إلى الصفر، من بينهم شركة بارادايم التي تمتلك أصولًا بقيمة 300 مليون دولار وشركة سيكويا لرأس المال الاستثماري التي أعلنت عن تخفيض حصتها مؤخرًا.

لجأ بنكمان فريد إلى الاستعانة ببورصة أو كي إكس للعملات المشفرة ومشغل تيثر ومؤسس ترون جاستن صن بهدف جمع التبرعات لإنقاذ شركته من الإفلاس. أكد الأمر باولو أردوينو كبير مسؤولي التكنولوجيا في تيثر في حديثه لصحيفة فاينانشيال تايمز حين قال: «سُئِلنا عما إذا كنا مهتمين بالاستثمار في إف تي إكس أو إقراضها المال، أجبنا بلا»، مضيفًا أن بنكمان فريد كان على اتصال دائم معهم لعدة أيام بهدف طلب المساعدة قبل الإعلان عن تدخل منصة باينانس الذي أُجهض قبل أن يبدأ.

لم يعلق جاستن صن على الأمر واكتفى بنشر تغريدة على تويتر مفادها بأنه يحاول إيجاد الحلول مع مدير إف تي إكس لتصحيح الأمور والعودة إلى الطريق الصحيح. لاحقًا، أعلنت إف تي إكس توصلها إلى اتفاق مع ترون التي يديرها صن لتأسيس منشأة خاصة من شأنها السماح لمالكي بعض العملات الرقمية بتبادل الأصول من إف تي إكس إلى محافظ أخرى خارجية.

في السياق ذاته، رفضت شركة أو كي إكس إبرام صفقة مع إف تي إكس لإخراجها من أزمتها، إذ شعر مديرو أو كي إكس التنفيذيون بالقلق إزاء مخاطر سوء إدارة إف تي إكس لودائع عملائها الذين قد يضطرهم الأمر إلى رفع العديد من الدعاوى القضائية حسبما ذكر المطلعين على القضية.

أفادت تقارير مطلعة على الأمر أن بعض المستثمرين والعملاء تواصلوا مع المحامي الأمريكي البارز ديفيد بويز بشأن رفع دعوى قضائية. في الوقت ذاته، عيّن بنكمان فريد المحامي مارتن فلومنباوم من مؤسسة باول فايس والمعروف بتمثيله أمام المحكمة لتاجر السندات سيئ السمعة مايكل ميلكن الذي سُجن لخرقه القوانين المالية الأمريكية قبل أن يُفرج عنه لاحقًا. لم يعلق كلا المحاميين بويز وفلومنباوم على الأمر بعد.

تأتي حملة جمع الأموال هذه بعد أقل من شهر على استعداد إف تي إكس لتنفيذ جولة تمويل من السلسلة C تطابق تقييمها البالغ 32 مليار دولار بدءًا من يناير.

وصف أحد المستثمرين بنكمان فريد بأنه يقود حملته لإنقاذ الشركة وحده دون الاستعانة بمستشارين محترفين، مضيفًا أنه يدير الحملة بواسطة الرسائل النصية فقط.

يلقي بنكمان فريد اللوم على ضعف البيانات الداخلية وسجلات المحاسبة الخاطئة للروافع المالية والسيولة النقدية للبورصة، إلى أن غرّد في نهاية المطاف على تويتر قائلًا: «أنا آسف، لقد أخفقت».

تعهد بنكمان فريد بأن الأصول الحالية وأي أموال إضافية ستجمع لاحقًا سوف تستخدم مباشرةً لسداد العملاء، إضافةً إلى عرضه التنحي عن منصب الرئيس التنفيذي في حال نجت الشركة من أزمتها الحالية.

أكد بنكمان فريد أنه يجري محادثات مع العديد من الأطراف بهدف الخروج من الأزمة ويراقب عن كثب ما ستؤول إليه الأحداث.

اقرأ أيضًا:

هل نشهد فقاعة إنترنت أخرى هذا العام؟

انهيار أسعار العملات المشفرة قد يساعد على إبطاء التغير المناخي

ترجمة: ذوالفقار مقديد

تدقيق: نور عباس

مراجعة: نغم رابي

المصدر