على الرغم من اختلاف مظاهر الصدمة عند الأطفال، فإن وجود علامات مشتركة بينهم تساعد المعالج على تحديد أفضل طرق المساعدة التي يمكن تقديمها لهم.

تشكل تجارب الطفل خلال سنوات تكوينه -منذ الولادة حتى 8 أعوام- الأساس الذي تُبنى عليه بقية حياته.

قد نتصور أن الأطفال أكثر مرونة من البالغين؛ يرجع هذا التصور إلى اختلاف مظاهر الصدمة بين الأطفال والبالغين.

ترتبط الصدمات في أثناء الطفولة مع العديد من الاضطرابات العقلية والأمراض الجسدية المختلفة بين الأطفال والمراهقين والبالغين. يعد عدد من الخبراء هذا الأمر على أنه أزمة صحية عامة.

إن عواقب الصدمة التي لم تُعالج وخيمة على الأطفال؛ لأنها تترك أثرًا سلبيًا طويل الأمد يدوم حتى البلوغ.

يجب أن يحصل الأطفال على المساعدة التي يحتاجون إليها كي يتجنبوا مصادر الصراع والمعاناة طويلة الأمد، ويبدؤوا العلاج اللازم.

علامات صدمة الطفولة:

الصدمة: هي أي حدث أو تجربة مزعجة تهدد الحياة، أو تسبب أذًى نفسيًا أو جسديًا أو عاطفيًا كبيرًا.

قد تكون الصدمة حدثًا واحدًا، مثل: كارثة طبيعية أو حادث سيارة أو مرض أو فقْد، وقد تكون تجربة متكررة، مثل: الإساءة أو العنصرية أو الإهمال أو التنمر.

يُعرف تكرار التجارب المؤلمة أو الإجهاد الناتج عن الصدمة بالصدمة المعقدة.

قد يعاني الأطفال صدمة عند مشاهدة الأذى الذي يلحق بأحد الوالدين أو أحد أفراد العائلة أو الشعور به، مثل حالات عنف الشريك.

قد تنجم صدمة الطفولة عن حدث أو تجربة مزعجة، بينما لا تسبب جميع الأحداث المزعجة صدمة عند الأطفال.

تختلف الأسباب التي تجعل الحدث مؤلمًا من طفل لآخر اعتمادًا على شدة الحدث وعوامل أخرى، مثل:

  1.  عمر الطفل: مثلًا، تختلف تجربة الطفل مع الصدمة عن تجربة المراهق.
  2.  المرحلة التطورية أو التنموية للطفل: قد لا يعبر الطفل الصغير ذو مهارات الاتصال المحدودة عن الصدمة بوضوح.
  3.  بيئة الطفل ومقدمو الرعاية: هل تلقى الطفل الدعم من مقدمي الرعاية؟ هل تجاهل الوالدان الصدمة التي مر بها طفلهما؟ هل كانت ردة فعلهم قوية؟.

تختلف استجابة الطفل لحدث صادم بناء على مرحلة نموه وعمره.

من الضروري معرفة علامات الصدمة عند الأطفال، تتضمن العلامات الأكثر شيوعًا لصدمات الطفولة:

  •  الخوف: بما في ذلك الخوف عند الانفصال عن أحد الوالدين.
  •  بكاء متكرر أو مستمر.
  •  السلوك الرجعي أو العودة إلى مرحلة مبكرة من مراحل النمو.
  •  التبول اللاإرادي.
  • صعوبة التركيز.
  •  القلق بشأن السلامة.
  •  سهولة الشعور بالخوف والرعب.
  •  صعوبة النوم.
  •  إعادة تمثيل الصدمة في أثناء اللعب، خاصة عند الأطفال الصغار وأطفال المدرسة الابتدائية.
  •  فقدان الوزن أو زيادته وتغيرات في عادات الأكل.
  •  الحزن.
  •  قلة تحمل الإحباط؛ ما يشير إلى انخفاض قدرة الطفل على التسامح.
  •  السلوك الجنسي.
  •  السلوك المتهور.
  •  إيذاء النفس.
  •  نوبات غضب شديدة.
  •  الانسحاب أو الانفصال أو الانغلاق على الذات، كما في حالة أحلام اليقظة.
  •  يُشخّص الأطفال مثل البالغين باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

الأسباب الشائعة لصدمات الطفولة:

قد تحدث صدمة الطفولة في أي عمر وهي شائعة جدًا. تُعد خبرات الطفولة الضارة (ACEs) أحداثًا مؤلمة في مرحلة الطفولة، مثل: الإهمال أو سوء المعاملة أو وفاة مقدم الرعاية أو تعاطي الوالدين المخدرات أو معاناتهم مرضًا عقليًا معينًا.

تقدر الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن نحو نصف الأطفال الأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أقل -نحو 34 مليون طفل- قد واجهوا تجربة صدمة واحدة على الأقل في مرحلة الطفولة المبكرة.

كلما زاد عدد حالات ACEs التي يواجهها الطفل زاد خطر تعرضه لمشكلات تتعلق بما يأتي:

  •  الصحة النفسية.
  •  الصحة الجسدية.
  •  المشكلات السلوكية.
  •  المشكلات التعليمية.
  •  اضطرابات تعاطي المخدرات.
  •  التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
  •  مشكلات العلاقات فيما بعد.

تحدث الصدمة المعقدة عند الأطفال عندما يتعرض الطفل لعدة أحداث صادمة، مثل الاستغلال والعنف المجتمعي. وفقًا للشبكة الوطنية للصدمات النفسية، فإنّ لهذا النوع من الصدمات تأثير واسع الانتشار، قد يسيء للعلاقة بين الطفل ومقدمي الرعاية، ولنموّه وإحساسه بذاته.

وجدت دراسة أُجريت عام 2020 أن التعرض للصدمات قد يسبب الشيخوخة البيولوجية (التدهور التدريجي للخلايا). جاء هذا الاستنتاج بعد فحص الدراسة العلامات الثلاث للشيخوخة البيولوجية: البلوغ المبكر، الشيخوخة الخلوية، التغيرات البنيوية في الدماغ.

تجدر الإشارة إلى أن بعض الأحداث التي قد تُعد مؤلمة لطفل ما قد لا تكون مؤلمة لطفل آخر.

يزداد خطر تعرض الأطفال لصدمات الطفولة بناءً على تاريخ العائلة والبيئة وتاريخ الصدمات السابقة وظروف الفقر التي تسبب الصدمة لفترات طويلة.

الأسباب الإضافية لصدمات الطفولة، هي:

  •  التعرض للعنف في المجتمع أو المدرسة.
  •  الحداد على وفاة أحد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة.
  •  فقدان أحد الوالدين في السجن.
  •  الكوارث الطبيعية.
  •  الحرائق.
  •  حالات الطلاق.
  •  إهمال الاحتياجات الجسدية أو العاطفية.
  •  الاستغلال الجنسي أو الجسدي أو العاطفي.
  •  التخلي عن الطفل.
  •  الصدمة الطبية.
  •  عنف الشريك الحميم.
  •  صدمة اللاجئين.
  •  المرض المزمن أو التهديد بالمرض مثل جائحة COVID-19.
  •  العنصرية، هي صدمة طويلة الأمد.
  •  التنمر.
  •  الحرب أو تهديدات الإرهاب.

كيفية مساعدة الطفل المصاب بالصدمة:

قد تكون الصدمة معقدة، لكن طريقة مساعدة الطفل ليست كذلك.

تتوفر العديد من الموارد لمساعدة الأهل وطفلهم، بدءًا من المساعدة المهنية مع معالج خبير في الصدمات إلى كتب المساعدة الذاتية، يُعد التعرف على صدمة الطفولة بداية ممتازة في رحلة العلاج.

يُفضل طلب المساعدة من معالج خبير في الصدمات.

العلاج النفسي بالصدمات هو نهج شامل يركز على السلامة في معالجة الصدمات عبر إدخال المشاركين في خيارات خطة علاجاتهم.

تشمل الأشكال الإضافية من العلاج ما يأتي:

  •  العلاج عبر اللعب: يتعلم الأطفال خاصة الصغار منهم ويتطورون عبر اللعب، يساعدهم هذا العلاج على التعبير عن مشاعرهم المتعلقة بالصدمة ومعالجتها بطريقة آمنة.
  •  العلاج الأسري: تساعد مشاركة الوالدين على التعافي من التجارب المؤلمة، إذ يوفر العلاج الأسري الدعم للأطفال كي يتعلموا طرقًا جديدة للتعامل مع أعراض الصدمة، ويقوي العلاقات بين الطفل ووالديه، أو يمثّل نوعًا من أنماط التعلق الذي يُعد جزءًا لا يتجزأ من رحلة الشفاء من الصدمة.
  •  العلاج باستخدام الفن أو الموسيقى والفنون التعبيرية الأخرى: تحسن الفنون التعبيرية مشكلات الصحة العقلية للبالغين المعرضين لخبرات الطفولة الضارة، يفضل استخدام هذه الطرائق من العلاج كخيارات علاج تكميلية أو ثانوية.
  •  العلاج باستخدام الكتب: قد يكون العلاج بالتدوين الذي يُعرف باسم سرد القصص العلاجية مساعدة ممتازة لكل من الآباء والأطفال.

قد تساعد كتب المساعدة الذاتية الآباء على دعم أطفالهم الذين تعرضوا لصدمة، فقد كُتبت هذه الكتب لتقديم التوجيه وإعطاء الأمل للأطفال والأسر الذين عانوا الصدمة.

الهدف بعد التعرض للحادث الصادم هو إعادة ترسيخ الأمان والسلامة للطفل، قد يبدأ العلاج بالانسجام مع احتياجات الطفل العاطفية والجسدية، ما يوفر مساحة للتعبير عن أنفسهم.

يستطيع الوالدان تقديم مساعدة أكبر لأطفالهم عبر إشراك المجتمع في العلاج من خلال:

  •  التواصل مع أفراد الأسرة الموثوق بهم ومشاركتهم الخطط التي تهدف إلى حماية الطفل.
  •  ممارسة الرعاية الذاتية عبر الحصول على دعم المجتمع عند الشعور بالتعب، تفيد هذه الطريقة إذا كان الشخص يعاني صدمة غير معالجة قد تحرضها تجربة الطفل.
  •  الدفاع عن الطفل في المدرسة: قد تؤثر الصدمات في الأطفال بعدة طرائق في مدارسهم، من المهم تقديم خدمات الدعم المدرسي التي تلبي الاحتياجات العاطفية والتعليمية في هذه الحالات.

ماذا بعد؟

مع أن تركيز العلاج على الحدث الصادم بحد ذاته، لكن رحلة الشفاء يجب أن تركز على كل ما يحدث بعد الصدمة أيضًا. الدعم الذي يقدمه الآباء والأحبة ومقدمو الرعاية للأطفال الذين عانوا الصدمات فعال للغاية، وقد يكون عاملاً وقائيًا.

توصلت الأبحاث إلى أن التدخل المبكر قد يقلل من الآثار الضارة طويلة الأمد للصدمات على حياة الأطفال.

اقرأ أيضًا:

مشاعر الانفصال بعد الصدمة تتنبأ بنتائج أسوأ على الصحة النفسية

الصدمة والتحول: عالم نفس يشرح كيف يمكن للتجارب الصعبة أن تغيرنا جذريًا

ترجمة: مرح الخرفان

تدقيق: فاطمة جابر

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر