بفضل الذكاء الاصطناعي، حُسنت أول صورة التُقطت للثقب الأسود الهائل إلى أعلى دقة ممكنة. عام 2019، التُقطت الصورة الشهيرة لـ (M87)، بدمج موجات الراديو التي انتقلت عبر 53 مليون سنة ضوئية من الفضاء لتصل إلينا. M87 هو ثقب أسود بحجم النظام الشمسي، يقع في وسط عنقود مجرات العذراء.
في محاولة حديثة باستعمال «التعلم الآلي» لتنقية الصور وتحسين دقتها إلى أقصى درجة ممكنة، كُشف عن منطقة مركزية أبرز وأكثر ضبابية مُحاطة بغاز مضيء وصفه العلماء بـ «الحلقة الرفيعة».
نشر الباحثون الصورة المُحدثة في 13 أبريل في مجلة (The Astrophysical Journal Letters). وصرحت ليا ميديروس، المؤلفة الرئيسية وعالمة الفلك في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون، نيوجيرسي: «مكنتنا تقنية التعلم الآلي الجديدة من بلوغ أعلى دقة ممكنة لمصفوفة التلسكوبات الحالية. نظرًا إلى عدم إمكانية دراسة الثقوب السوداء من قُرب، فإن الحصول على صورة مفصلة أمر ضروري لفهم سلوكها. وقد نقص قُطر الحلقة في الصورة المحدثة بمقدار النصف تقريبًا، ما يمثل تقييدًا كبيرًا لنماذجنا النظرية واختبارات الجاذبية».
التقط «تلسكوب أفق الحدث»، الذي يتكون من ثمانية تلسكوبات راديوية متزامنة في أنحاء العالم، صورة الثقب الأسود M87، الذي يقارب قطره قطر نظامنا الشمسي، وهو أكبر بمقدار 6.5 مليار ضعف مقارنةً بالشمس.
مع أن الثقوب السوداء لديها جاذبية قوية لا يمكن لأي شيء -حتى الضوء- الهروب منها، فإن رصدها ما زال ممكنًا. عادةً، يحيط بالثقوب السوداء النشطة أقراص واسعة من المواد التي جُردت من السحب الغازية والنجوم، تدور حول أُفق حدث الثقب الأسود. تُصبح هذه الأقراص شديدة السخونة بسبب الاحتكاك وتُنتج وهجًا خافتًا يمكن رصده.
استعمل علماء الفلك الانبعاثات الراديوية الضعيفة لالتقاط صورة للثقب الأسود البعيد، الذي ظهر على شكل حلقة محاطة بالضوء. مع ذلك، بسبب عدم وجود تلسكوب يستقبل موجات الراديو في بعض الأجزاء، فقد ظهرت الصورة مع فجوات غير واضحة المعالم.
استخدم الباحثون طريقة جديدة لتحسين جودة الصورة بواسطة الذكاء الاصطناعي، تُسمى نمذجة قياس التداخل، اختصارًا (PRIMO)، إذ فحصوا أكثر من 30,000 صورة محاكاة لتراكم الغازات حول الثقوب السوداء باستعمال التقنية الجديدة لتحديد الأنماط المتكررة.
فُرزت تلك الأنماط بعد ذلك بناءً على تكرارها، قبل دمجها وتطبيقها على الصورة الأصلية، ما أدى إلى تحسن كبير في جودة الصورة. بمقارنة الصورة التي التُقطت حديثًا ببيانات تلسكوب أفق الحدث، والتنبؤات النظرية لما يجب أن يبدو عليه الثقب الأسود، تحقق الباحثون من أن صورتهم تمثل بدقة الثقب الأسود الفعلي. ذلك بافتراض أن الثقب الأسود يشبه توقعاتنا عنه، وقد لاحظ الباحثون أن صورة 2019 أثبتت بالفعل صحة الفرضيات النظرية المتعلقة بالخصائص العامة للثقب الأسود.
وفقًا للفريق، ستسمح الصورة المحسنة بإجراء أبحاث أكثر تفصيلًا حول الظواهر الاستثنائية المحيطة بالثقوب السوداء، التي تختلف بشأنها قوانين الجاذبية وميكانيكا الكم.
صرحت ميديروس: «صورة 2019 كانت مجرد بداية، وتتضمن البيانات المستعملة لإنشاء الصورة مزيدًا من التفاصيل التي لا يمكن لصورة واحدة الكشف عنها. وستظل تقنية نمذجة التداخل مصدرًا أساسيًا لاستخلاص استنتاجات قيمة من البيانات».
اقرأ أيضًا:
خيارات الكواكب الخارجية أصبحت محدودة: نحن نعرف الآن أين نبحث عن حياة خارج الأرض
ناسا تحسن بدلة رواد الفضاء لكن ما زالوا بحاجة إلى التبرز فيها
ترجمة: عبد الله محمد
تدقيق: ريمي سليمان
