الطريقة الأكثر فعالية للأشخاص المصابين بداء السكري لتوصيل الإنسولين مربكة بصورة لا تصدق ويجب على الملايين في جميع أنحاء العالم حقن هذا الهرمون الجوهري تحت جلدهم عدة مرات يوميًا للحفاظ على توازن مستويات الغلوكوز لديهم.

بقي العلماء لسنوات يبحثون عن بديل أسهل وأرخص وأكثر ملاءمةً وأقل هدرًا من مضخات وأقلام الإنسولين.

ومع أن الأدوية الفموية المحتملة تحقق تقدمًا كبيرًا، فما تزال هناك العديد من العقبات التي تواجهنا ونحتاج أن نتغلب عليها، التي يبدو أن نهجًا جديدًا قد توصل إلى حل بعضها على الأقل وأثبت فعاليته حتى الآن في التجارب ما قبل السريرية على الفئران.

بعد فترة وجيزة من اكتشاف الإنسولين في عام 1922 حاول الباحثون صنع متمم غذائي يؤخذ عبر الفم مع فعالية مستمرة لكنهم فشلوا في ذلك.

يسمح حقن الإنسولين في الأنسجة تحت الجلد بأن يُمتص البروتين ببطء في الجسم ثم يُنقل إلى الكبد لأداء وظيفته، بينما عندما يُعطى من طريق الفم تُهضم جزيئاته غير المتجمعة بكتلة واحدة بسرعة من قِبل إنزيمات هضم البروتين.

لذلك وجد الباحثون طريقةً فعالةً للحصول على كمية كافية من هذه الأدوية ومنعها من الهضم من قِبل الإنزيمات في الكبد وذلك بتغليف الإنسولين بمواد واقية، ويمكننا القول بأن هذه الطريقة فعالة وتعمل على نحو أفضل عندما يكون الإنسولين على شكل جسيمات نانوية.

أحد الأمثلة على ذلك دواء أوراميد الذي أثبت حتى الآن أنه آمن وفعال بما يكفي لجعله يصل إلى المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.

إنها طريقة مليئة بالإمكانات لكن هذه الجسيمات النانوية ليست مستقرةً كما يريدها الكيميائيون.

يساعد تجفيفها بالتجميد قبل التخزين على استقرارها، لكن هذه الطريقة تتطلب مادةً حافظةً تزيد من حجم الحبوب وتقلل من كفاءة جزيئات الإنسولين النانوية.

على عكس العديد من العلاجات الفموية الأخرى التي يجري اختبارها حاليًا فإن العلاج الجديد الذي يدرسه العلماء في كندا لا يُصنع بوساطة تجفيف هرمون الإنسولين بالتجميد باستخدام مادة مبردة، وإنما عبر تجفيفه بالرش في غرفة تبخير (بدلًا من الثلاجة أو حجرة التجميد).

يمكن تصغير جزيئات الإنسولين من طريق إزالة مادة التبريد من المزيج ما يسمح بتحرر الدواء على نحو أسرع في الجسم.

كتب الباحثون في ورقة بحثية جديدة: «وفرت الجسيمات الصغيرة مساحة سطح كبيرة بحيث تكون معظم الأدوية المرتبطة بها على سطح الجسيمات أو قريبة منها ما يؤدي إلى تحرر سريع للأدوية».

تُصنع هذه الحبوب الجديدة لتذوب في الفم لكنها ما تزال بحاجة إلى الحماية من الإنزيمات الموجودة في اللعاب. لتحقيق ذلك غلف الفريق الدواء بسكر ليفي يسمى الشيتوزان الذي يقلل امتصاص الجسم للدهون والكوليسترول من الطعام والدواء.

يقول الباحثون: «بالمقارنة مع الأشكال الأخرى من الإنسولين الفموي المصنوع عبر التجفيف بالتجميد فقد أظهرت هذه الطريقة الجديدة تحرر أسرع في الفئران وبدلًا من أن تستغرق الحبوب ساعتين إلى أربع ساعات لتبدأ التأثير ثم ينتهي تأثيرها بسرعة، فإن الحبوب الفموية الجديدة تعمل بسرعة ويستمر تأثيرها فترة طويلة».

يقول مهندس الجسيمات ألبرتو بالديلي من جامعة كولومبيا البريطانية: «تُمتص حبة الإنسولين المتناولة عبر الفم بعد نصف ساعة وقد يستمر تأثيرها من ساعتين إلى أربع ساعات تمامًا مثل تأثير حقن الإنسولين سريع المفعول».

من المفترض أن أحدث إصدار من دواءهم يُظهر في القوارض نفس نتيجة الإنسولين المحقون ويقول المؤلفون إن 100% من أدويتهم تتوجه مباشرة إلى الكبد عند الفئران.

يقول المهندس الكيميائي أنوبهاف براتاب ساين من جامعة كولومبيا البريطانية: «لم تُنشر هذه النتائج حتى الآن ولكن إذا كان المؤلفون على حق فإن أبحاثهم لم تنته بعد».

ما تزال التجارب البشرية بعيدة المنال، لكن هذه النتائج الأولية تشير إلى أنه قد تكون هناك طرق أخرى لجعل الإنسولين الفموي حقيقة واقعة في المستقبل.

تُظهر هذه النتائج المثيرة أننا نسير على الطريق الصحيح في تطوير تركيبة الإنسولين التي لن تحتاج بعد الآن إلى حقنها قبل كل وجبة ما يحسن نوعية الحياة بالإضافة للصحة العقلية لأكثر من تسعة ملايين مريض بالسكري من النوع الأول في جميع أنحاء العالم.

اقرأ أيضًا:

أول نموذج بنكرياس صناعي يقوم بالتحكم بمستوى الأنسولين

رقع جلدية معدلة بتقنية كريسبر بدل حقن الأنسولين

ترجمة: يمام نضال دالي

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: نغم رابي

المصدر