أنت تكبر وتتقدم في السن؛ أصدقاؤك أصبحوا آباء وأنجبوا أطفالًا؛ من الطبيعي أن تفكر بوجود أطفال في حياتك وتتساءل عن كونك ستندم لاحقًا على تجنب الإنجاب، بعض الناس متيقن من أنه لا يريد طفلًا، وبعضهم ما زال مترددًا عالقًا في المنتصف.

تظهر الأبحاث أن الناس يندمون على إنجاب الأطفال، لكنهم لا يتحدثون عن ذلك كثيرًا، لذا قد يصعب علينا الحصول على رؤية كاملة، إضافة إلى أنه موضوع حساس للكثير من الأشخاص وتصعب مناقشته، فهو يتركك وحيدًا مع تساؤلاتك، لكنك لست وحدك.

قبل عقد من الزمن أراد أكثر من 60% من الناس أطفالاً، لكن النسبة اختلفت اليوم، وليس من السهل التمييز بين ما تريده أنت وما يريده المجتمع.

تقول عالمة النفس أنجيلا لوسون، أستاذة في التوليد وأمراض النساء في كلية الطب بجامعة نورث وسترن في فينبرغ: «أساس كل هذا هو الافتراض بأن النساء يرغبن في الإنجاب، لكن هذا الافتراض ليس هو القاعدة، القاعدة هي قدرتهن على اختيار حياة لا أطفال فيها».

قرار الإنجاب أو تجنبه هو أحد أكبر القرارات التي تتخذها في حياتك، من الذكاء أن تتساءل إن كنت ستندم لاحقًا لأنك لم تنجب بدلاً من أن تندم بعد أن تأتي بطفلٍ إلى هذا العالم.

كيف ستتخذ هذا القرار بالغ الأهمية؟ لا أعتقد أنك تريد ترك الأمر للصدفة، لذا اقرأ لتجد نصيحة تساعدك على اتخاذ قرارك.

كيف تعرف إذا كنت ستندم على تجنب الإنجاب؟

قد يكون ألم خيبة التوقعات والآمال عند بعض الناس أكبر من ألم الندم.

أفاد البالغون الذين ليس لديهم أطفال في المجتمعات التي تشجع على الإنجاب مثل الولايات المتحدة الأمريكية عن مستويات متدنية من الرضا عن الحياة، يعود سبب ذلك إلى معتقدات تلك المجتمعات التي تضغط على المرأة لتنجب طفلًا.

تقول دراسات أخرى إننا نندم على تخلفنا عن الصورة المثالية التي نرسمها لأنفسها، وهذه مشكلة في توقعاتنا.

لاحظت الدكتورة لوسون أن الناس يبدؤون بالتساؤل عند بلوغهم سن الثلاثين حول فكرة الإنجاب، يسألون أنفسهم عن كونهم يريدون الإنجاب حقًا، أم أنه شيء حفظوه وتلقوه من الآخرين.

اعرف من أين تأتي معتقداتك

للتعامل مع هذه المشاعر المتضاربة، أفادت الدكتورة لوسون أنها تتحدث مع مرضاها عن تجاربهم مع معتقدات مجتمعاتهم وأسرهم حول المرأة والإنجاب لاكتشاف مصدر أفكارهم.

تصوّر مستقبلك مع أطفال أو دونهم

تطلب الدكتورة لوسون في كثير من الأحيان من مريضاتها ممارسة تمرين يتمثل في أن يتخيلن أنفسهن بعد خمس أو عشر سنوات من الآن، ثم بعد أن يصبحن مسنات دون أطفال.

ما تصوراتها عما فعلته في حياتها؟ هل تتصور نفسها تعاني من الندم؟ هل سيقلل شعورها بالندم من قيمة تجاربها الحياتية بطريقة ما؟

تسألهن لوسون عن شكل الندم الذي سيشعرن به وكيف سيؤثر في حياتهن.

يوجد تمرين آخر تطلبه لوسون من مريضاتها، وهو أن يسألن أنفسهن إن كنّ سيستأن من عدم وجود أطفال في حياهن؟

اسأل نفسك ما الذي ستتمكن من التعامل معه على نحو أفضل، الندم على إنجابك لطفل، أم الندم على تجنب إنجابك له؟

خذي بعين الاعتبار تجميد بويضاتك أو العمل مع الأطفال

تناقش لوسون حلولًا أخرى مع من لديهن مشاعر متناقضة حول الإنجاب ويردن ترك خياراتهن مفتوحة، فتقترح احتمالات أخرى مثل تجميد البويضات، أو التطوع مع الأطفال، أو قضاء وقت كبير مع أبناء الأصدقاء.

أشارت لوسون إلى أن المبادئ التوجيهية الحالية للجمعية الأمريكية للطب التناسلي تنص على أن النساء حتى سن الخامسة والخمسين يمكنهن الاستفادة من متبرعة بالبويضات أو من بويضاتهن المجمدة حتى لو كن قد تجاوزن للتو سن اليأس.

لكنها أفادت بأن معظم النساء اللاتي تحدثت إليهن ويفكرن في تجنب الإنجاب يستطعن تخيل حياتهن سعيدة تمامًا دون أطفال.

ماذا لو قررتَ عدم الإنجاب؟

يعتقد بعض الناس أن عدم إنجاب أطفال هو لعبة نتيجتها صفر، ويراها بعضهم حلًا لجميع مشكلاته، مثل وجود شخص يعتني بهم عندما يتقدمون في السن، لكنك لن تعرف أبدًا عن كون أبنائك سيعيشون في نفس البلد الذي تعيش فيه أو طبيعة علاقتك معهم.

إذا قررت تجنب الإنجاب ولكنك قلقة بشأن غياب شخص يهتم بك عندما تكبرين، فإن لوسون تقترح أن تقيمي قرب الأصدقاء أو الأقارب، وأن تركزي على تنمية علاقات وصداقات قوية مع الآخرين، لتصبح لديك دائرة اجتماعية داعمة يمكنك الاعتماد عليها عند الكبر.

ماذا لو ندمت على عدم إنجاب أطفال ؟

ربما قررت في مرحلة ما من حياتك ألا تنجبي أطفالًا، ثم شعرت بالندم حيال القرار وتمنيت لو أن لديك أطفالًا، ربما تريدينهم الآن ولكنك تشعرين أن الأوان قد فات، إليك بعض الأمور التي يمكنك فعلها:

فكري في الإنجاب مهما كانت حالتك

فكري في استخدام بويضاتك إذا كنتِ قد جمدتها وتشعرين أنك مستعدة للإنجاب، وتحدثي مع طبيبك واسأليه عن فرصك في حمل ناجح تنجبين به أطفالك بنفسك.

التبني أو تأجير الأرحام:

عند وجود حالة تمنعك من حمل طفل بأمان حتى النهاية، قد تكون الأم البديلة خيارًا مناسبًا لك، إذا لم تملكي خيارًا بيولوجيًا مناسبًا، فكري بالتبني.

سجلي مشاعرك

خيار الإنجاب أو اللا إنجاب يثير داخلك مشاعر أكبر من أن تعالج بالكلام، قد تساعدك كتابة مشاعرك على ترتيبها واكتشاف الدفينة منها.

التطوع لمجالسة الأطفال

إذا لم يكن يوجد خيار الحصول على طفل، فيمكنك التطوع لرعاية أطفال الأصدقاء، لا يشبه الأمر الحصول على طفل، لكنه قد يملأ جزءًا من توقك إلى علاقة معه.

تحدثي مع معالج نفسي

إنه قرار مهم وصعب للغاية، قد تحتاجين إلى التحدث مع معالج نفسي لمساعدتك على معرفة كيفية التعايش والتصالح مع اللا الإنجاب.

السفر

قد يوفر عدم الإنجاب الكثير من الوقت، استغليه في السفر، خاصة إلى الأماكن غير المناسبة للأطفال.

التبني

إذا لم يكن لديك أطفال أو لم تكوني قادرة على إنجابهم، خذي التبني بعين الاعتبار.

اقتناء حيوان أليف

ليست القطط أو الكلاب بديلًا عن الأطفال، لكنها قد تساعدك على تلبية الحاجة إلى الاهتمام بشيء ما.

اسمحي لنفسك بالحزن

من الطبيعي الشعور وكأنك فقدت شيئًا اعتقدت أنك ستحصلين عليه أو أنك تريدينه، خذي وقتك للحزن إذا شعرت أنك بحاجة إلى ذلك.

ربما سار أمر ما في حياتك بغير الطريقة التي كنت تخططين لها، مثل فقدان أحد الوالدين الذي كنت قد خططت أنه سيدعمك في تربية طفل، من الطبيعي أن تجري بعض التعديل على التوقعات التي وضعتها عندما كانت حياتك مختلفة تمامًا.

اقرأ أيضًا:

خصوبة الرجال: عشر نصائح للرجال الذين يحاولون الإنجاب

تجميد البويضات: إتاحة فرصة مستقبلية للإنجاب في عمر متقدم

ترجمة: مرح الخرفان

تدقيق: سمية بن لكحل

مراجعة: عون حدّاد

المصدر