عندما يُهدَم قانون «البقاء للأصلح»
الأشجار تثبت وجود قانون آخر للحياة!


الشجرة الوحيدة المنعزلة لا تعيش كثيرًا، هذه الحقيقة من الممكن أن تغير وجهات النظر حول شجرة الحياة بأكملها.

يُظهر كتاب «الحياة الخفيّة للأشجار» للكاتب (Peter Wohlleben-بيتر فوليبن) أن الأشجار كائنات اجتماعية، فهم «يتحدثون» ويتشاركون.

فعلى سبيل المثال، تحذر الأشجار بعضها من هجمات الحشرات (عن طريق إطلاق روائح خاصة) وتتبادل «الإشارات» عبر الجذور.

وبشكل مثير للدهشة، تشغّل الأشجار أنظمة عملاقة لإعادة توزيع الغذاء، والقاعدة السائدة في نظام «ضمانهم الاجتماعي» هي تبادل الغذاء ومساعدة الجيران من الأشجار.

هناك شبكات فطرية واسعة تحت الأرض تشكل «شبكة خشبية واسعة» تقوم بمزج جذور أنواعٍ عدة مع بعضها البعض، مما يمكّن الأشجار التي تمتلك وفرة من السكريات من مساعدة غيرها من الأشجار التي بدأ ينفد منها السكر.

هذه الشبكات الفطرية بإمكانها أن تأخذ لتحقيق هذا الغرض ما يقارب ثلث الإنتاج الغذائي للشجرة. فهي تشكل «فطرًا عملاقًا» والذي يعد أكبر كائن حي في العالم بطول 2.4 ميلًا.

هنا نستطيع أن نسأل، هل فقدت القاعدة التي تقول: «لا وجود لحالة العيش الرغيد في الطبيعة» للعالم ريتشارد دوكنز واقعيتها؟

الغابات هي كائنات عملاقة، وحياة الأشجار المعزولة تكون أقصر بكثير من حياة هذه الكائنات.

كما أظهر بحث عن الميكروبيوم (مجموع الميكروبات المتعايشة مع إنسان أو أي من الأحياء الأخرى «حيوانات أو ديدان أو قواقع» وتعيش على جسمها أو في داخل أمعائها) فإن التكافل أمرًا ليس نادر الحدوث، بل هو القاعدة. وجميع النباتات والحيوانات الطبيعية تستفيد من التعاون فيما بينها.

كما يقول العالم (ديفيد هاسكل-(David G. Haskell فإن الرؤية البيولوجية العنيفة التي تُسمى «red in tooth and claw» (وفي ذلك إشارة إلى الدم الذي يملأ أسنان ومخالب الحيوانت المفترسة) عليها أن تُعدّل.

فالنظام الاقتصادي للطبيعة يملك نقابات عمال كما يملك اللصوص من الإقطاعيين!

يتبين الآن أن الفكرة القائلة أن العوامل الوراثية الفردية المتنافسة بشراسة تهيمن على علم الأحياء (البيولوجيا) هي محض «خيال مسلٍّ» كما وصفها (إد يونغ-Ed Yong).

إن عَرَبة «آلية» استمرار بقاء الجين (وهي الجينات التي على أي جين أناني أن يشترك معها من أجل أن يبقى على قيد الحياة) تمتد عادةً إلى ما خارج الجسم الجيني.

عربات النجاة هذه من الممكن أن تتضمن «القطيع الجيني»، أو بالأحرى «أقراننا» وفقًا لحالتنا غير المكتفية ذاتيًا بفعل الطبيعة.


ترجمة: سارة عمّار
تدقيق: جمان الرشدان
المصدر