على الرغم من عدم فهم سبب حاجتنا إلى النوم تمامًا، فإن النوم أمر مهم جدًا للوظائف الجسدية والعقلية. إذن، كيف تؤثر قلة النوم في ليلة ما في الأداء في اليوم التالي من العمل؟ وكيف يمكن مواجهة آثار قلة النوم السلبية؟

أثبتت الأبحاث التي تدرس السلوك التنظيمي أن النوم مهم لفعالية العمل، إذ درس مؤلفو البحث يوميات يكمل فيها الموظفون استطلاعات رأي محددة ولعدة مرات في اليوم على مدار عدة أسابيع عمل.

وفقًا للنتائج، يؤدي الموظفون أداءً أفضل في مهام عملهم الأساسية، ويكونون أكثر انخراطًا في العمل، ويزيد احتمال دعمهم لزملائهم في الأيام التي يكون فيها النوم جيدًا من ناحية الجودة والمدة مقارنةً بالأيام التي يكون فيها النوم سيئًا.

على العكس، تجعل قلة النوم الموظفين أكثر عرضة للمماطلة والانخراط في سلوكيات غير أخلاقية، مثل ادعاء الفضل في عمل ليس من أدائهم.

وجدت إحدى الدراسات أيضًا أنه بعد أيام من حصول المديرين على نوم أقل جودة، أبلغ موظفوهم عن تكرار حالات الإشراف المجحف، مثل الإدلاء بملاحظات سلبية عن موظفيهم أمام زملائهم الآخرين.

يؤثر النوم في قوة الإرادة

النوم مهم جدًا، خصوصًا للمهارات الإدراكية عالية المستوى التي يستخدمها الناس للتحكم في أفكارهم وسلوكهم وتنسيقها.

يُعد ضبط النفس أو قوة الإرادة من المهارات الإدراكية الحيوية التي تعتمد خصوصًا على النوم الجيد.

يتطلب معظم ما نفعله في العمل قوة الإرادة، فالإنسان بحاجة إلى قوة الإرادة للتحكم في دوافعه وعواطفه، وإكمال المهام الأقل إمتاعًا أو غير السارة، ومقاومة التشتت في أثناء العمل.

مثلًا: يواجه شخص ما في العمل العملاء ويقدم الخدمة بابتسامة على الرغم من أنه ليس في مزاج إيجابي، أو شخص يعمل عن بُعد ويركز على مهمة صعبة بينما يلعب أطفاله حوله.

نصائح للعمل جيدًا بعد ليلة نوم سيئة

تسلط كثير من الأبحاث الضوء على أهمية النوم الجيد، وتقدم توصيات لتحسين النوم، مثل الامتناع عن استخدام الهواتف الذكية قبل النوم، ولكن يبقى معظم الناس معرضين للمرور بليلة نوم سيئة من وقت لآخر، خصوصًا عند الشعور بالتوتر.

إذن، كيف يمكن العمل جيدًا في اليوم التالي لليلة نوم سيئة؟

  •  اختيار المهام استراتيجيًا إذا أمكن. يجب على المرء تجنب مهام العمل التي تتطلب قوة الإرادة في الأيام التي لم ينم فيها جيدًا، والعمل بدلًا من ذلك على مهام بسيطة لا تتطلب الكثير من التفكير أو الاهتمام. إذا كان تجنب المهام التي تتطلب قوة الإرادة أمرًا مستحيلًا، فيجب محاولة جدولتها في وقت مبكر من اليوم، عندما يكون الشخص بطاقته العقلية الكاملة.
  •  إعادة النظر في طريقة التفكير. تظهر الأبحاث أن طريقة تفكير الناس في قوة الإرادة تمكنهم من استخدامها. تشير إحدى النظريات إلى أن بذل المجهود في تشكيل قوة الإرادة تستنزف الطاقة العقلية، ما يجعل المرء أقل رغبةً وقدرةً على تشكيل مزيد من قوة الإرادة.

إن الأشخاص الذين يؤمنون بأن قوة الإرادة تعتمد على موارد عقلية محدودة يشعرون بأنهم أكثر استنزافًا بعد توليد قوة الإرادة مقارنةً بالأشخاص الذين يعتقدون أن قوة الإرادة تعتمد على موارد غير محدودة يمكن ترميمها بسهولة وتوليدها مجددًا.

وفقًا للبحث، يكون الموظفون الذين يعتقدون أن قوة الإرادة تعتمد على موارد غير محدودة أفضل أداءً في العمل في الأيام التي يفتقرون فيها إلى النوم. لذلك، على الرغم من محاولة الباحثين فهم حدود قوة الإرادة، فقد يعيد الشخص النظر في مقدار قوة الإرادة التي تستنزف الطاقة العقلية لدى الشخص.

  •  تغيير الشخص لوضعه إذا لم يتمكن من تغيير نفسه. مثلًا: إن عدم شراء الشوكولاتة من المتجر في المقام الأول أسهل من الامتناع عن تناولها في كل مرة يفتح فيها الشخص الذي يتبع نظامًا غذائيًا خزانة المطبخ.

أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يجيدون ممارسة قوة الإرادة يحاولون بالفعل تجنب المواقف التي تتطلب ذلك. في إحدى التجارب، عندما يُمنح خيار العمل على مهمة ما في غرفة فيها القليل من عوامل التشتيت مقارنةً بغرفة بها العديد منها، فإن الأشخاص الذين كانوا أفضل في ممارسة قوة الإرادة كانوا أكثر ميلًا لاختيار الغرفة التي بها مصادر تشتيت أقل.

لذلك، قد تساعد الإستراتيجيات التي تتجنب الحاجة إلى ممارسة قوة الإرادة على زيادة الإنتاجية وإكمال مهام العمل، وخصوصًا في الأيام التي يعاني فيها الشخص قلة النوم ليلًا.

  •  مشاهدة فيديو مضحك. قد تساعد المشاعر الإيجابية في استعادة الطاقة العقلية؛ لأنها تتصدى للآثار الضارة للمشاعر السلبية.

في دراسة حديثة، وُجد أن مشاهدة مقطع فيديو مضحك في أثناء النهار قد يقلل من الآثار العقلية الضارة لمتطلبات العمل التي تتطلب قوة الإرادة، ما يعزز فعالية الموظفين.

لذلك، في الأيام التي لم ينم فيها الموظف جيدًا، يكون من المفيد تشتيت الانتباه لفترة وجيزة عبر مشاهدة مقطع فيديو مضحك عندما يشعر الموظف أن طاقته العقلية منخفضة، مع الانتباه لعدم الإسراف في ذلك.

اقرأ أيضًا:

اضطراب طور النوم المتأخر: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

كيف تساهم قلة النوم في ارتفاع ضغط الدم؟

ترجمة: هيا منصور

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر