يُعتبر النوم مهمًا للصحة بشكل عام، ونحتاجه مثلما نحتاج الماء والطعام للبقاء على قيد الحياة، فلا عجب بأن الانسان يقضي ثلث حياته نائمًا.

تحدث الكثير من العمليات الحيوية أثناء النوم:

  •  يخزّن الدماغ المعلومات الجديدة ويتخلص من المخلفات السامة.
  •  تنشأ مشابك جديدة بين العصبونات وتعيد ترتيب نفسها، ما يدعم الأداء الصحي للدماغ.
  •  يُصلح الجسم الخلايا المتضررة ويُخزن الطاقة ويُفرز جزيئات مثل الهرمونات والبروتينات.

لهذه العمليات دور كبير وضروري لصحة الانسان الكليّة، ودونها لا تستطيع أجسامنا العمل بشكل صحيح.

لم يُعرف الكثير حتى الآن عن الهدف الأساسي من النوم، ولكن من المعروف أنه لا يوجد سبب واحد أساسي فقط لأهمية النوم، فهو ضروري لكثير من الأسباب الحيوية.

بيّن العلماء حتى الوقت الحالي أن النوم يساعد في أمور متعددة، ومن أهم النظريات:

حفظ الطاقة:

تقول هذه النظرية أننا نحتاج إلى النوم لصون الطاقة وحفظها، إذ يعمل الجسم أثناء النوم بمستويات استقلاب منخفضة وبالتالي التقليل من استهلاك السعرات الحرارية والحفاظ على الطاقة.

اقترح الباحثون أن 8 ساعات من النوم للإنسان قادرة على حفظ طاقة تعادل ثلث يوم كامل من النشاط.

تقترح هذه النظرية أن الهدف الأساسي والرئيسي من النوم هو الحفاظ على الطاقة والتقليل من استخدامها خلال فترة من اليوم، وأفضل فترة هي الليل فلا مجال للصيد أو البحث عن الغذاء.

التجديد الخلوي:

تقول هذه النظرية أن الجسم يحتاج إلى النوم لإعادة بناء نفسه.

الفكرة منها هو أن النوم يسمح للخلايا بإصلاح نفسها ونمو خلايا جديدة وهذا الكلام مُدعّم بالعديد من العمليات الحيوية التي تحدث أثناء النوم مثل:

الاستشفاء العضلي- اصطناع البروتين- نمو الأنسجة- إفراز الهرمونات.

الوظائف العقلية:

تقول هذه النظرية إن النوم مهم للوظائف العقلية، إذ يسمح للعصبونات بإعادة تنظيم ذاتها.

يقوم الجهاز اللمفاوي بتنظيف الجهاز العصبي المركزي من مخلفات العمليات الحيوية، ويزيل المنتجات السامة التي تتراكم بالدماغ خلال النهار، الأمر الذي يُحسن أداء الدماغ في اليوم التالي.

وجد الباحثون أيضًا أن للنوم علاقة بالذاكرة، إذ تتحول الذاكرة قصيرة الأمد أثناء النوم إلى ذاكرة طويلة الأمد بالإضافة إلى حذف ونسيان المعلومات غير المهمة، التي تشوش الجهاز العصبي.

يؤثر النوم على العديد من وظائف الدماغ منها:

  •  التعلم.
  •  الذاكرة.
  •  مهارات حل المشكلات.
  •  الإبداع.
  •  اتخاذ القرار.
  •  التركيز.

سلامة المشاعر:

يزداد نشاط الدماغ أثناء النوم في المناطق المسؤولة عن تنظيم المشاعر، الأمر الذي يدعم الأداء الصحي للدماغ ويدعم استقرار المشاعر.

تتضمن المناطق التي يزداد فيها النشاط كل من:

  •  اللوزة الدماغية.
  •  الحصين.
  •  القشرة الجزيرية.
  •  الجسم المخطط.
  •  القشرة الإنسية لمقدمة الفص الجبهي.

إحدى طرق تنظيم المشاعر تحدث في جزء من الدماغ يسمى اللوزة الدماغية، موجود في الفص الصدغي ومسؤول عن مشاعر الخوف، وهو الجزء الذي يضبط ردة الفعل عند التعرض لخطر.

عندما يحصل الانسان على قسط كافٍ من النوم تستجيب هذه المنطقة بطريقة أكثر كفاءة، ولكن إذا كان لديه نقص في النوم ستزيد اللوزة الدماغية من هول الحالة.

ترتبط كل من الصحة النفسية والنوم ارتباطًا وثيقًا، فقلة النوم ستسبب مشكلات نفسية والعكس صحيح.

ضبط الوزن:

يؤثر النوم على وزن الجسم بضبط هرمونات الجوع، وهي الجريلين الذي يزيد الشهية والليبتين الذي يزيد الشعور بالشبع بعد الأكل.

ينقص إفراز الجريلين أثناء النوم لأن الجسم يستخدم طاقة أقل من لو كان مستيقظًا، أما في حالات قلة النوم ترتفع مستويات الجريلين ويتثبط إفراز الليبتين، عدم التوازن بين الهرمونين يؤدي إلى الجوع المتكرر وبالتالي تناول سعرات حرارية أكثر من اللازم وزيادة الوزن.

بيّنت الدراسات أن قلة النوم المزمنة ولو لخمسة أيام متتالية تزيد خطر الإصابة بكل من:

السمنة -داء السكري نمط 2 -المتلازمة الاستقلابية.

عمل الإنسولين السليم:

يساعد الإنسولين خلايا الجسم على استخدام الغلوكوز أو السكر للحصول على الطاقة، ولكن في حالات مقاومة الإنسولين لا تستجيب الخلايا للإنسولين بشكل جيد ما يؤدي إلى زيادة مستوى السكر بالدم وفي النهاية الإصابة بداء السكري نمط 2.

يحمي النوم الجيد من حدوث هذه الحالة إذ تعمل الخلايا بشكل جيد وتكون قادرة على قبط الغلوكوز من الدم.

يستخدم الدماغ الغلوكوز أيضًا أثناء النوم، الأمر الذي يساعد على تنظيم سكر الدم بشكل كامل بالجسم.

المناعة:

يعتمد نظام المناعة القوي على حصول الجسم على قسط كافٍ من النوم.

بيّنت الدراسات أن قلة النوم تسبب ضعف المناعة وتجعل الجسم عرضةً للجراثيم.

يصنع الجسم السيتوكينات أثناء النوم وهي بروتينات تقاوم العدوى والالتهاب، وينتج أنواع معينة من الأضداد والخلايا المناعية، تعمل كل هذه الجزيئات معًا لمنع حدوث المرض بتدمير كل الجراثيم الضارة.

يُعتبر النوم مهمًا جدًا في حال المرض أو التعرض للضغوطات، فالجسم يحتاج للمزيد من الخلايا المناعية والبروتينات خلال هذه الأوقات.

صحة القلب:

يعتقد الباحثون أن النوم يدعم صحة القلب مع عدم وجود سبب صريح، ولكن اعتمدوا على العلاقة بين مشكلات القلب وقلة النوم.

يوضح مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن الإنسان البالغ الطبيعي يحتاج 7 ساعات من النوم أثناء الليل، والحصول على أقل من ذلك بشكل مستمر يؤدي إلى مشكلات صحية أغلبها تؤثر على القلب.

ترتبط قلة النوم مع عدة أخطار للأمراض القلبية منها:

  •  ارتفاع ضغط الدم.
  •  ازدياد نشاط الجهاز العصبي الودي.
  •  ازدياد الالتهاب.
  •  ارتفاع مستويات الكورتيزول.
  •  زيادة الوزن.
  •  مقاومة الإنسولين.

ماذا يحدث عند النوم؟

يمر الجسم بأربع مراحل من النوم تتناوب على شكل دورة، تحدث هذه الدورة عدة مرات أثناء الليل بطول مختلف في كل مرة، وتأخذ كل دورة ما بين 70 إلى 120 دقيقة.

هذه المراحل الأربعة تتكرر أربع إلى خمس مرات خلال فترة 7 إلى 9 ساعات من النوم.

تتألف كل دورة من طورين أساسيين، النوم العميق ونوم الأحلام.

في الطور الأول تبقى العين ساكنة لا تتحرك، أما الطور الثاني تحدث فيه حركات عين سريعة.

يتضمن الطور الأول ثلاث مراحل، أما الطور الثاني يتضمن مرحلة واحدة فقط.

المرحلة الأولى:

تبدأ باللحظة التي يغفو فيها الشخص ويدخل بالنوم الخفيف، عندها تتباطأ كل من موجات الدماغ ودقات القلب وحركات العين، تدوم هذه المرحلة 7 دقائق تقريبًا.

المرحلة الثانية:

هي المرحلة التي تسبق النوم العميق، تنخفض فيها درجة حرارة الجسم وتتوقف حركة العين وتستمر العضلات بالاسترخاء، تتسارع موجات الدماغ قليلًا ولكن تعود وتصبح بطيئة من جديد.

يقضي الشخص معظم نومه في هذه المرحلة.

المرحلة الثالثة:

يبدأ بهذه المرحلة النوم العميق، لا تتحرك فيها العين ولا العضلات وتتباطأ موجات الدماغ أكثر بكثير.

يعتبر النوم العميق إصلاحيًا، إذ يخزن الجسم أثناءه الطاقة ويصلح الخلايا والأنسجة والعضلات لذلك يحتاج الإنسان إلى هذه المرحلة حتى يشعر بالنشاط والحيوية في اليوم التالي.

المرحلة الرابعة:

تحدث هذه المرحلة بعد 90 دقيقة من بدء النوم، تتحرك أثناءها العين بسرعة في كلا الاتجاهين وتتسارع الموجات الدماغية ومعدل ضربات القلب ويتسارع التنفس أيضًا.

تحدث الأحلام في هذه المرحلة في معظم الأحيان، ويحلل الدماغ المعلومات في هذه المرحلة؛ ما يجعلها مهمة للتعلم والذاكرة.

ما الوقت الكافي للنوم؟

يعتمد مقدار النوم الكافي على عمر الشخص، ويختلف من شخص إلى آخر، لكن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) يقترح التعليمات التالية:

  •  الطفل حتى عمر 3 أشهر: 14-17 ساعة من النوم.
  •  من عمر 4 أشهر إلى السنة: 12-16 ساعة من النوم يتضمنها قيلولات.
  •  من سنة إلى سنتين: 11-14 ساعة.
  •  من 3 سنوات إلى 5 سنوات: 10-13 ساعة.
  •  من 6 سنوات إلى 12 سنة: 9-12 ساعة.
  •  من 13 سنة إلى 18 سنة: 8-10 ساعات.
  •  من 18 سنة إلى 60 سنة: 7 ساعات.
  •  ممن 61 سنة إلى 64 سنة: 7-9 ساعات.
  •  أكبر من 65 سنة: 7-8 ساعات.

ماذا يحدث إذا لم يحصل الشخص على نوم كافٍ؟

يواجه الجسم صعوبات كثيرة لأداء وظائفه الطبيعة في حال لم ينل قسط كافٍ من النوم.

ترتبط قلة النوم بالكثير من المشكلات الصحية المزمنة التي تصيب الكلية والدم والدماغ والصحة النفسية أيضًا، وترتبط أيضًا بخطر الإصابة بالكسور لدى المسنين.

تتضمن المشكلات التي تسببها قلة النوم:

  •  تغيرات المزاج.
  •  القلق.
  •  التوتر.
  •  الاكتئاب.
  •  ضعف الذاكرة.
  •  ضعف التركيز.
  •  ضعف الوظيفة الحركية.
  •  التعب.
  •  ضعف الجهاز المناعي.
  •  زيادة الوزن.
  •  ارتفاع ضغط الدم.
  •  مقاومة الإنسولين.
  •  الأمراض المزمنة مثل داء السكري وأمراض القلب.

يبقينا النوم أصحاء ونشيطين، ويساعد الجسم والدماغ على الراحة والاستشفاء.

يحتاج معظم البالغين 7 إلى 9 ساعات من النوم، وفي حال الشعور بإحدى الأعراض السابقة بسبب قلة النوم، يجب التواصل مع الطبيب المختص فورًا.

اقرأ أيضًا:

ما الآثار الجانبية لمكملات الميلاتونين المساعدة على النوم؟

هل تؤثر قلة النوم في اليوم التالي في العمل؟ إليك أربع طرائق لتحسين الأداء

ترجمة: عمار علي نصري

تدقيق: بشير حمّادة

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر