لابُدَّ أنّنا سَمِعنا في حياتنا اليوميّة بأسماءٍ عدّة كالذهبِ الأسود أو الزيتِ الخام أو البترول، وأنّها جميعُها تعودُ لسائلٍ كثيفٍ أسودُ اللونِ قابلٍ للإشتعال قابعٌ في باطنِ الأرض؛ إنَّه النِفط.

ولكنّ قد يجولُ في أذهاننا سؤال؛ هل تشكّل النفط بسرعةٍ ومن تلقاءِ ذاتهِ تحت سطح الأرض؟

الإجابةُ هي: لا

في الواقع لقد استغرق الأمر وقتًا طويلًا لكي يتطوّر النفط تحت سطح الأرض، وقد بدأت الخطوة الأولى من عمليّة التطوير هذه ما بين (10 إلى 600 ) مليون سنة مَضت تزيدُ أو تنقص بضع سنين، وعاشَت في هذه الفترة وماتت الكثير من النباتاتِ والكائناتِ الحيّة الصغيرة (العَوالِق) في البِحار القديمة الشاسعة.

معَ موتِ هذه الكائنات، غرقت واستقرّت في قاعِ البحر، وامتزجَت مع الرمل والطين في القاع، ونتيجةً لِموتها بدأت بالتحلل، وبعدَ تحلل موادها العضويّة استقرّت بين الطبقاتِ الرسوبيّة المختلفة الخالية من الأوكسجين، وبالتالي فإنَّ بقايا تلك الكائناتِ الدقيقة تحوّلت إلى مُركّباتٍ غنيّةٍ بالكربون.

ظلّت هذه المُركّبات الغنيّة بالكربون موادًا عضويّةً، واستمرّت بالامتزاجِ مع الرواسبِ وذلك لتكّوين الصخور ذات الحُبيبات الدقيقة، أو الصخور المصدريّة، استمرّت هذه العملية لملايين السنيين، مع المزيد والمزيد من الطبقات الرسوبيّة والصخور المصدريّة التي تتراكم فوقَ بعضِها البعض.

يُولّدُ تتابُع هذه الطبقات ضغطًا وحرارةً هائلين على الطبقات والصخور التي تحتها، اجتماعُ هذه الحرارة والضغطُ سويًا هو الذي يَقطُرُ المُركّبات الغنيّة بالكربون والعالقة في الصخور المصدريّة إلى النفطِ الخام والغازِ الطبيعي.

ما إن تُصبحُ بشكل النفطِ الخامِ أو الغاز الطبيعي، حتّى تنضحَ هذه المادّة بعيدًا عن الصخور المصدريّة والتي ستتجمّع في الصخور ذات السماكةِ والمساميّة الأكبر، كالحجر الجيريّ أو الرمليّ، وتسمّى أيضًا بالصخور الخازِنة.

وذلك لأنها تَحفَظُ النِفطَ الخام، ويعُودُ سببُ قدرة هذه الصخور على خزنِ تلك المواد إلى التحركاتِ الأرضيّة، والتي تدفعُ طبقات الصخور الكتيمة كالرُخامِ والجرانيت فوقها

هذه التحركات الأرضيّة، والتي ساعدت بالإبقاء على النفط الخام والغاز الطبيعي محصورًا، تُسمّى بالـ (الطَّي – folding)، حيثُ أنَّ الحركات الداخليّة تدفعُ بالصخور صعودًا إلى الطيّة، ما يؤدّي لتشكيل الفالِق، حيثُ تتصدّع الصخور من جانبٍ واحد صعودًا أو هبوطًا، حيثُ تندفع الصخور الكتيمة لتصل إلى الصخور الخازِنة.

تُظهر الصُور توضيحًا لشكل الفوالق: