ماذا لو كانت الأرض مسطحة ؟ هناك من يؤمن حقًا بهذه الفكرة الرجعية، فكيف ستكون الحياة اليومية؟ هل ستكون تجربة جيدة؟

لنستكشف معًا كيف سيكون شكل الأرض إن كانت مسطحة، وهل هناك أي مزايا للعيش على قرص غريب تدور حوله الشمس والقمر في الأعلى مثل دوامة كونية؟

1. وداعًا للجاذبية كما نعرفها:

على الأرض الكروية، تضغط الجاذبية بالتساوي على الأجسام بغض النظر عن مكان وجودها في العالم. ولكي تأخذ الأرض شكل القرص المسطح في المقام الأول، يجب ألا يكون للجاذبية -كما نعرفها- أي تأثير. ولو حدث ذلك، فإنه سيعيد الكوكب مرة أخرى إلى شكلها الكروي.

ربما لن يكون للأرض المسطحة جاذبية على الإطلاق، إذ إن الأرض الشبيهة بالقرص الصلب لن تكون ممكنة التحقق في ظل ظروف الجاذبية الحالية، وفقًا لحسابات في خمسينيات القرن التاسع عشر أجراها عالم الرياضيات والفيزيائي جيمس كليرك ماكسويل.

أو ربما ستُسحب الجاذبية على الأرض المسطحة كل شيء إلى مركز القرص المتمثلة في القطب الشمالي. في هذا السيناريو، كلما ابتعدت عن القطب الشمالي كلما ازدادت الجاذبية أفقيًا نحو النقطة المركزية للقرص، وفقًا لجيمس ديفيس، عالم الجيوفيزياء في مرصد لامونت دوهرتي للأرض التابع لجامعة كولومبيا. وهذا من شأنه أن يلحق الخراب في مختلف أنحاء العالم.

2. فقدان الغلاف الجوي:

كيف ستبدو الحياة على أرض مسطحة؟ - ماذا لو كانت الأرض مسطحة ؟ هناك من يؤمن حقًا بهذه الفكرة الرجعية، فكيف ستكون الحياة اليومية؟ هل ستكون تجربة جيدة؟

دون الجاذبية، لن تكون الأرض المسطحة قادرة على امتلاك غلاف جوي. ما يحمل هذا الغلاف حول كوكبنا هو قوة الجاذبية. ودون هذا الغطاء الواقي، سيتحول لون سماء الأرض إلى الأسود لأن الضوء المنبعث من الشمس لن يتبعثر -بعد الآن- عندما يدخل الغلاف الجوي للأرض ويطلي السماوات بالأزرق المألوف الذي نراه اليوم.

فقدان الضغط الجوي سيعرّض النباتات والحيوانات إلى فراغ الفضاء، ما يؤدي إلى الاختناق في ثوانٍ.

دون الغلاف الجوي المحيط بالكوكب، سيغلي الماء في في فراغ الفضاء. سيحدث عندما يتساوى ضغط بخاره مع ضغط الغلاف الجوي، وذلك يعني انخفاض الضغط الجوي وانخفاض نقطة الغليان.

دون وجود غلاف جوي يساعد على تدفئة الكوكب، فإن درجة حرارة السطح ستنخفض أيضًا ما سيتسبب في تجمد أي مياه متبقية بسرعة.

لكن الكائنات الحية في أعماق المحيطات مثل البكتيريا الكيميائية التي لا تحتاج إلى الأكسجين قد تبقى على قيد الحياة. ففي نهاية المطاف، عانت مثل هذه البكتيريا من رحلات طويلة إلى الفضاء وعاشت لتروي القصة.

3. مناخ غائم مع فرصة للمطر الجانبي:

إذا سُحبت الجاذبية نحو مركز القرص الكوكبي، الذي اعتبرناه في هذه الحالة القطب الشمالي، فإن هطول الأمطار أيضًا سيتجه نحو تلك البقعة. ويرجع ذلك إلى أن هطول الأمطار يهبط إلى الأرض بسبب الجاذبية الأرضية وبالتالي سيهبط نحو نقطة الجاذبية الأقوى.

فقط في مركز القرص يكون الطقس كما نعرفه على الأرض (يسقط مباشرة إلى أسفل). كلما ابتعدت، كلما ازدادت الأمطار أفقية. ستتدفق المياه في الأنهار والبحار أيضًا نحو القطب الشمالي، وهذا يعني أن المحيطات الضخمة سوف تتجمع في مركز الكوكب، الأمر الذي لا يترك أي ماء عمليًا على الحواف، وفقًا لمرصد لامونت دوهرتي الأرضي التابع لجامعة كولومبيا.

4. سنضيع كلنا:

ومن المرجح ألا توجد الأقمار الصناعية لو كانت الأرض مسطحة، لأنها ستواجه مشكلة في أثناء دورانها حول جسم مسطح. وقال جيمس ديفيس، وهو عالم فيزياء الأرض في مرصد لامونت دوهرتي التابع لجامعة كولومبيا، في بيان له: «لا أستطيع أن أفكر في كيفية عمل نظام تحديد المواقع على الأرض المسطحة».

فنحن نعتمد على أنظمة أقمار الملاحة العالمية (GNSS) في أي خدمة من خدمات النظام العالمي لتحديد المواقع على الهواتف، في نقل المعلومات وإدارة مخزون المتاجر الكبرى في الوقت المناسب، للتأكد من وصول المنتجات بأقصى سرعة ممكنة. وعلى نحو دقيق، تستخدم خدمات الطوارئ نظام تحديد المواقع لرصد مواقع المتصلين من إشارة هاتفهم، يمكن لاتصالات الأقمار الصناعية أن تنقذ حياتك.

5. بعض الرحلات ستستغرق وقتًا طويلًا:

كيف ستبدو الحياة على أرض مسطحة؟ - ماذا لو كانت الأرض مسطحة ؟ هناك من يؤمن حقًا بهذه الفكرة الرجعية، فكيف ستكون الحياة اليومية؟ هل ستكون تجربة جيدة؟

ويمكن توقع فترات أطول للسفر، ليس فقط بسبب مسائل الملاحة غير المتعلقة بالنظام العالمي لتحديد المواقع، ولكن أيضًا بسبب المسافات التي نحتاج إليها للسفر. وطبقاً لاعتقاد الأرض المسطحة، فإن القطب الشمالي يقع في مركز كوكب الأرض، وتشكل القارة القطبية الجنوبية جدارًا جليديًا عملاقًا حول الحافة؛ هذا الجدار يمنع الناس من السقوط حرفيًا من على وجه الأرض.

ولكن إذا فقدنا القدرة على الطيران حول الكرة الأرضية وبدلًا من ذلك صرنا مجبرين على الطيران عبر الأرض، ستزداد ساعات السفر بنحو كبير. على سبيل المثال، لكي تطير من أستراليا (الموجودة في جانب من خريطة الأرض المسطحة) إلى محطة ماكموردو في أنتاركتيكا (على الجانب الآخر من خريطة الأرض المسطحة)، فلابد أن تطير عبر القطب الشمالي بالكامل، فضلاً عن أميركا الشمالية والجنوبية. ويمكن أيضًا أن تنسى الرحلات عبر القارة القطبية الجنوبية (مع أن هذا قد تحقق مرات عديدة على أرض كروية)، إذ إن هذا الجدار الجليدي المزعج من شأنه أن يمنع مثل هذا السفر.

6. لا مزيد من الشفق وسنُشوى جميعًا:

على الأرض الكروية، يولِّد المعدن الذائب المحيط بنواة الحديد تيارات كهربائية التي تخلق مجالنا المغناطيسي الواقي الذي ينحني حول الكوكب من قطب إلى الآخر، وفقًا لوكالة ناسا. لكن على الأرض المسطحة، وبدون لب صلب مولد لمجال مغناطيسي واقٍ سيختفي الغلاف المغناطيسي والشفق الذي يُسمى أيضًا الأضواء الشمالية التي تظهر عندما تصطدم الجسيمات المشحونة من الشمس بالأكسجين وجزيئات النيتروجين في الغلاف المغناطيسي فتطلق الطاقة في شكل عروض ضوء شفق رائعة.

ومع ذلك، سيكون غياب الشفق أصغر مخاوفنا، لأن الأرض لن تكون محمية من الرياح الشمسية. ستقصف الأرض وكل شيء على سطحها بالإشعاع الشمسي الضار، تاركًا عالمًا قاحلًا أشبه بجارنا المريخ.

7. سنتشارك جميعنا نفس السماء الليلية:

كيف ستبدو الحياة على أرض مسطحة؟ - ماذا لو كانت الأرض مسطحة ؟ هناك من يؤمن حقًا بهذه الفكرة الرجعية، فكيف ستكون الحياة اليومية؟ هل ستكون تجربة جيدة؟

لن تنقسم الأرض المسطحة إلى نصفَي الكرة الأرضية كما هو الحال في كوكبنا؛ لذا لن يتقلب الليل والنهار اعتمادًا على مكانك في نصف الكرة الشمالي أو الجنوبي. وكذلك شأن السماء الليلية بغض النظر عن مكان وقوفك على القرص الكوكبي. ومن المؤكد أن مشاهدة النجوم ستكون أسهل.

لو تشاركنا جميعًا زاوية نظر واحدة لجزء واحد فقط من السماء الليلية، لفقدنا الكثير من الاكتشافات الأرضية التي تمت بسبب وصولنا إلى رؤية 360 درجة للكون الذي تمكن ملاحظته من الأرض. علينا فقط أن نعتمد على المقاريب الفضائية لتوسيع نظرتنا للكون.

8. اختفاء الأعاصير:

تتسبب الأعاصير كل عام -التي تسمى الأعاصير المدارية أو الزوابع بناءً على الموقع الذي تتشكل فيه- في إلحاق أضرار غير مسبوقة. سنة 2017، تسبب إعصار هارفي وحده في خسائر بقيمة 125 مليار دولار أمريكي في الولايات المتحدة، بحسب NOAA.

تنبع الطبيعة الدورانية المدمرة لهذه العواصف المدارية من تأثير كوريوليس للأرض، الذي يتسبب في دوران العواصف في نصف الكرة الشمالي في اتجاه عقارب الساعة، وتدور العواصف في نصف الكرة الجنوبي عكس اتجاه عقارب الساعة.

على الأرض المسطحة الثابتة، لن يحدث أي تأثير كوريوليس. واختفاء كوريوليس يعني اختفاء الأعاصير المدارية والزوابع. وهذا هو السبب الذي يجعلنا لا نرى هذه الأنواع من العواصف بين خمس درجات شمال وجنوب خط الاستواء، حيث أن حجم تأثير كوريوليس يساوي صفرًا عند خط الاستواء، وفقًا لوكالة ناسا.

اقرأ أيضًا:

ماذا لو كانت الأرض مسطحة ؟

مصور فوتوغرافي يحبط فكرة الأرض المسطحة باستخدام كرة سلة

ترجمة: فاطمة البجاوي

تدقيق: حسين جرود

المصدر